تُقاس الشعوب بموروثها وثقافتها وكتبها ومخزونها التراثي العريق، وللشعب العراقي باع طويل في تاريخ ترك موروثاً كبيراً، تجهد الحكومة حالياً على إعادة جمعه وترميمه بعد الأزمات الكثيرة التي حلّت به. يأمل المدير العام لدار الكتب والوثائق العراقية سعد اسكندر ان تستعيد هذه المؤسسة ما فقدته من كنوز تراثية وتاريخية تخص المجتمع العراقي منذ قيام الدولة، وذلك بعد أن تعرضت لموجة منظمة من السرقة والتدمير، اثر الاجتياح وسقوط النظام عام 2003.ورأى اسكندر، الذي عاد من بريطانيا للاشراف على المؤسسة، التي تعتبر الذاكرة الحقيقية للمجتمع العراقي أنه «فقدنا اكثر من ثلاثة الاف كتاب نتيجة الدمار الذي لحق بالدار والانهيار، في حين تمت سرقة كتب اخرى لأغراض متنوعة». وأوضح «عملنا مع منظمات تهتم بالتاريخ وحماية الوثائق تتوزع في أميركا واسبانيا وبريطانيا واماكن اخرى من العالم، لحض الولايات المتحدة على إعادة كتب وسجلات وثائقية سبق وان اخذتها من العراق».واختير اسكندر (45 عاما) الذي أكمل دراسته الجامعية التخصصية في علوم التاريخ في بريطانيا رجل الارشيف لعام 2007 من قبل منظمة «سكون» ومقرها في الولايات المتحدة، خلال مؤتمر دولي لدوره في إعادة الحياة الى دار الكتب والوثائق. واعتبر الاتفاقية التي أبرمها مع المكتبة البريطانية لتزويد دار الكتب والوثائق بخرائط للعراق تعود الى القرنين الثالث عشر والسادس عشر من اهم الانجازات التي ستعيد جزءا كبيرا من ذاكرة البلد.وأكد مدير دار الكتب والوثائق ان «اكثر من ألفي كتاب تعود الى مكتبة الديوان الملكي والجمهوري تم انقاذها ابان احداث الحرب الاخيرة عام 2003». وأوضح ان «الكتب حملت تواقيع اهداء شخصيات ادبية وثقافية معروفة قدمت الكتب الى الملك فيصل الاول والروساء السابقين عبدالرحمن عارف وعبدالسلام عارف واحمد حسن البكر».وأشار اسكندر الى ان هذه «الكتب النفيسة والنادرة سيتم حفظها في متحف خاص يتم انشاؤه لاحقا وبإمكان الزائرين الاطلاع عليها». وقال ان «اكثر من ثلاثة الاف كتاب نادر ووثيقة تاريخية لا يزالون مفقودين، بينما تمت استعادة 300 كتاب فقط خلال الفترة الماضية كما تمكنا من استعادة عدد كبير من الكتب التالفة بفعل الحرائق والمياه ونقوم الان بمعالجتها فنيا لترميمها».وأشار الى «مخاطر ومصاعب واجهناها في الآونة الاخيرة عندما حاولت عناصر امنية التمركز في مقر الدار لاغراض تتعلق بعمليات عسكرية، لكننا تمكنا بمساعدة عدد من الشخصيات الوطنية وفي مقدمتهم النائب صالح العكيلي من اقناعهم بالعدول عن ذلك».وتعتبر الدار الواقعة في باب المعظم وسط بغداد من المؤسسات، التي تلعب دورا مهما في خدمة الحياة الثقافية والفكرية والعلمية من خلال حفظها للانتاج والوثائق الرسمية وشبه الرسمية والاوراق الشخصية منذ تشكيل الدولة العراقية العام بعد الحرب العالمية الاولى.وتعرضت الدار الى تدمير هائل وخسرت اكثر من 60% من مصادرها الارشيفية والوثائق وسجلات وصور فوتوغرافية وخرائط غطت عهودا سياسية مختلفة للعراق الحديث، الامر الذي يجعل ذاكرة التاريخ المعاصر تتعرض الى كارثة.ويتولى ترميم الكتب قسم تابع لدار الكتب والوثائق يضم عددا من الاختصاصيات اللواتي انهين دورة تقنية في جمهورية التشيك لهذا الغرض.يذكر ان تأسيس الدار يعود الى عام 1920 وكان «لغيرترود بيل» التي لعبت كبيرا في البعثة البريطانية في العراق الاثر الكبير والدور الواضح في انشائها مكتبة للارشيف، لكنها عرفت في عام 1987 بدار الكتب والوثائق.(بغداد - أ ف ب)
دوليات
بغداد تلملم كتبها... من أصقاع العالم
05-12-2007