طالب نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الخارجية الشيخ د. محمد الصباح الباحثين من شتى دول العالم بالعمل على إذابة الاختلافات عبر إصداراتهم التاريخية. أكد نائب رئيس مجلس الوزراء ووزير الخارجية الشيخ د. محمد الصباح ان المحبة لا تتأصل بين الشعوب الا بالانفتاح على ثقافة الآخرين وتوفير فرص ومجالات التعامل معهم.وقال د. الصباح في افتتاح المؤتمر الدولي الذي نظمته كلية الآداب في جامعة الكويت «لابد ان نكون مؤمنين بأن التعاون حق لا يستمر إلا إذا حمل اهل الفكر والثفافة مشاعل تضيء للاجيال جوانب الخير في حياة الاخرين وثقافتهم ونمط حياتهم»، موجها كلمته الى الباحثين قائلا «أنتم أيها الباحثون المتخصصون حملة هذه المشاعل فأضيئوا بالمعرفة والبحث مواطن الالتقاء وسبل العمل المشترك امام عالم جديد يؤمن ان نجاته في تواصله».مشيرا إلى أنه اولى هؤلاء جميعا باللقاء من جمع بيننا وبينهم تاريخ ممتد وفي طليعتهم جمهورية الهند والجمهورية الايرانية الاسلامية.واختتم قائلا: ان الكويت التي تشرف بلقائكم تؤمن انها تدين فيما منحه الله اياها من خير لحرص اهلها على التواصل مع عالمها، فقد سعى ابناؤها منذ بواكر نشأة هذا الوطن الى التفاعل مع العالم من حولها، فكانت رحلاتهم الى الهند وشرقي افريقيا وانفتاحهم على جيرانهم في ايران والخليج كما وصفها الطبيب البريطاني ادوارد ايفز الذي زار الكويت عام 1758، خمسة الاف جمل محملة بالتجارة يحرسها ألف رجل تقطع الجزيرة في امان وتبادل تجاري حتى تصل الى حلب.إعداد الأجيالومن جهته، قال مدير جامعة الكويت د. عبدالله الفهيد في مؤتمر «التواصل الحضاري العالمي الهند وايران نموذجا» إن الجامعات التي اسندت اليها الامة مهمة اعداد الاجيال تتطلع بأمل واثق الى ما تحملون من خبرات رائدة في شتى فروع المعرفة الانسانية، لتكون لنا وقفة تخيل ودراسة لواقع الجامعات ومشكلاتها وسبل النهوض بمهمتها الحقيقية في اعداد انسان الابداع والتطوير، والنهوض بالمجتمع وايقاظ روح الخدمات العامة والتطوع في اجيال تعاني اليوم الانعزال والعزوف عن العطاء.لافتا الى النموذج الذي اختاره هذا اللقاء والذي يركز على دولة الهند، التي تواصلت الكويت معها عبر القرون ونهلت من خيرها وخبراتها، ومع الجمهورية الايرانية الجارة التي تربطها مع ماضينا وحاضرنا اوثق الصلات بعلاقة حية نابضة بالخير والنفع المشترك، ليكن هذا النموذج بداية ومحورا لسعي يمتد بالخير الى سائر الدول في التاريخ، الى عالم يجمع بين سكانه ايمانا بالتواصل والعمل المشترك ودعم جهود التنمية وسبل اثرائها.من جانبها، أكدت عميدة كلية الآداب د. ميمونة الصباح ان فكرة اللقاء نبعت من ايمان عميق بأن المعرفة الاساسية والخبرة وحصاد التقدم الفكري والاجتماعي والاقتصادي في كل موقع وقطر في عالمنا، انما هي نتاج انساني ملك للبشرية كلها التي وهبها الله من تميزوا بهذه الرؤية الثاقبة للحضر ومشكلاته والمستقبل وارهاصاته ومنحوا القدرة على التماس الحلول الفاعلة للمشكلات وابتكار السبل لبناء غد افضل.تلاقح الأفكاروأشارت إلى أنه تقع على رواد الفكر والثقافة والبحث العلمي مسؤولية اثراء كل جهد محلي بتجربة الاخرين وتعرف ما حققته من نجاح، ليمتد الخير الى كل الواقع ولتتلاقح الأفكار وتثري التجارب الناجحة الى كل موقع يحتاج إليها، مبينة انه من هنا كانت الدعوة الى التواصل الحضاري العالمي من خلال هذا المؤتمر وان تكون البداية منطلقة من جمهورية الهند والجمهورية الاسلامية الايرانية نموذجا لرحلة التواصل الحضاري العالمي المأمول النابع مع العلاقات الممتدة بجذورها التاريخية في أعماق الزمن بين هاتين الدولتين ودول الخليج وفي مقدمتها الكويت، حيث كانت سفن الكويت تنقل اللؤلؤ والذهب والبضائع من القارة الهندية واليها، وترسخت بذلك علاقة متميزة تواصلت ونمت، فالجالية الهندية في الكويت يقدر عددها بأكثر من خمسمئة ألف هندي فهي أكبر الجاليات، بالاضافة الى ان كثيرين من الكويتيين عاشوا في الهند وتزوجوا من بنات الأسر الهندية، مضيفة ان موقف الهند خلال العدوان العراقي على أرض الكويت موقف المناصرة والدعم والتأييد لقرارات الأمم المتحدة ضد هذا العدوان وتتواصل هذه العلاقة وتنمو، فالهند ثاني أكبر مستورد للنفط الكويتي بعد اليابان.وأفادة عميدة الكلية بأن العلاقة التاريخية بين ضفتي الخليج اتسمت بالحيوية منذ القديم، ويتضح ذلك من نموذج العلاقات الايرانية-الكويتية التي شهدت كثيرا من الهجرات والتواصل، فضلا عن التبادل التجاري بين موانئ الكويت والمحمرة وبوشهر وبندر عباس، بالاضافة الى تجارة الترانزيت، مضيفة ان العلاقات الايرانية- الكويتية تشهد نموا وتلاصقا تعبر عنه الزيارات المتواصلة بين قيادات البلدين ورموزها في المجالات المختلفة.وأضافت قائلة «نحن في كلية الآداب بجامعة الكويت نؤمن بأن المعرفة لم تعد حلية ثقافية للصفوة ومادة لإمتاع الأسماع في لقاءات أو مجالس، فالمعرفة مسؤولية وأمانة ينبغي ان تنتقل من الادراك الى الفعل، ومن محيط الصفوة الى نفع الكافة، ومن الاطار النظري الى الفعل الاصلاحي لحياة الناس وخيرهم».ثمار المعرفةوتابعت موضحة أنه لا سبيل إلى تحقيق ذلك إلا بأن تنقل ثمار المعرفة من كل موقع تنجح في ان تحدث فيه تغييرا على الأفضل، الى سائر المواقع ليعم الخير ويتسع الرخاء في نشر التقدم لخير البشرية والنهوض بمواطن الضعف والمعاناة فيها.وبينت ان حركة التنمية والتطوير تواجه دائما صراعا بين القديم والحديث الناشئ، وهو صراع يستهلك القدرات ويهدر الجهد ويولي ظهره للزمن بدلا من ان يدفع الى الأمام جهود الاصلاح، مضيفة انه في دراستنا للأدب ومناحيه وانتاجه وابداعه وفي كل ما تقدمه في دراستنا بالجامعة لمدعوون ان نربط متعة العقل بتحقيق الخير للبشر، وارتياد آفاق الفكر بالبحث عن سبيل تطبيق نتائجه لخير الناس في موازنة بين المتعة الفكرية والسعي إلى تطبيق ما ندرسه لتطوير واقعنا، مشيرة إلى انه آن الأوان لأن نغرس في العقول ان التنوع ثراء لا فرقة وخصوبة لا خصومة، وانه اختيار إلهي لهذا الكوكب، ولو شاء ربك لجعل الناس أمة واحدة، داعية الى استثمار التميز وتقارب القلوب لتبدأ رحلة جديدة لخير الانسان.
محليات - أكاديميا
محمد الصباح: المحبة لا تتأصل بين الشعوب إلا بالانفتاح على ثقافة الآخرين
25-12-2007