Ad

هل من المعقول أن تقوم سورية بكل تلك الاغتيالات المحترفة، بينما جيشها واستخباراتها خارج لبنان، وقد علمنا أن استخباراتها لا تُقارن بأجهزة الاستخبارات الأميركية والصهيونية التي تنفذ عمليات على مستوى العالم؟! وهل نسينا أن اغتيالات عدة حدثت لعناصر صديقة لسورية أثناء الوجود السوري في لبنان.

مرة أخرى يعاني لبنان جريمة مروّعة راح ضحيتها النائب أنطوان غانم وعدد من الأبرياء، والسؤال الذي يطرحه الجميع هو من يقف وراء هذه الاغتيالات المتكررة؟ ولماذا لم يكشف عن أي من مرتكبي تلك الجرائم حتى الآن؟ ولماذا تظل أجهزة الأمن اللبنانية المدعومة من الـ (إف بي آي) والاستخبارات الأميركية عاجزة عن كشف خيوط هذه الجرائم؟

من يلاحظ تفاصيل هذه الجرائم يتوقف عند عدة ملاحظات مهمة ومثيرة، فالنائب الراحل كان خارج لبنان لفترة طويلة واغتيل بعدة عدة أيام من عودته، مع أنه كان يموّه كثيراً في تحركاته إلى درجة ركوبه سيارات الأجرة مرات عدة، فيما موكبه يسير باتجاه آخر، وهذا السيناريو نفسه حدث مع النائب الراحل جبران تويني الذي اغتيل بعد يوم من عودته الى لبنان، وهذا يدل على أن الجهة أو الجهات التي تقوم بهذه الاغتيالات هي من الدوائر المقربة من قوى السلطة المدعومة من الغرب أو على صلة وثيقة بهذه الدوائر.

الملاحظة الثانية، أن هذه الاغتيالات تحدث عندما تكون الأجواء مهيأة أو قريبة من حل توافقي بين المعارضة والموالاة، فتأتي هذه الجرائم لتعيد الأمور إلى المربع الأول، أو لتعطي قوى السلطة زخماً لتحقيق مطالبها عبر قرارات دولية، وهذا بالضبط ما حدث لتمرير المحكمة الدولية تحت الفصل السابع في مجلس الأمن، وما حدث بعد الاغتيال الأخير قبل عدة أيام عندما خرج علينا (بوكشه) النائب وليد جنبلاط ليطالب بضمان انتخاب الرئيس الجديد تحت مظلة الأمم المتحدة، بعدما تبين بأنهم لن يستطيعوا تمرير الموضوع في مجلس النواب! وطبعا يصحب كل هذا اتهامات حادة لسورية ووصمها بأقذع الشتائم بعد دقائق من حدوث أي جريمة!

لست هنا بصدد تبرئة أي جهة، لكن العقل والمنطق يقولان إنه (لو) كانت سورية وراء اغتيال الراحل رفيق الحريري وارتدّت عليها تلك الجريمة بشكل سلبي جداً أدى إلى خروجها من لبنان، فهل من المعقول أن تعاود القيام بعمليات اغتيال مكررة مع علمها بأن أصابع الاتهام والتهويل والتطبيل الإعلامي المصاحب لذلك ستزيد من الضغط والحصار السياسي عليها؟! وهل من المعقول أن تقوم سورية بكل تلك الاغتيالات المحترفة بينما جيشها واستخباراتها خارج لبنان، وقد علمنا بأن استخباراتها لا تقارن بأجهزة الاستخبارات الأميركية والصهيونية التي تنفذ عمليات على مستوى العالم؟! وهل نسينا أن اغتيالات عدة حدثت لعناصر صديقة لسورية أثناء الوجود السوري في لبنان، مثل اغتيال عدد من عناصر «حزب الله»، إضافة إلى اغتيال إيلي حبيقة في بداية عام 2002، بعدما أعلن عن نيته كشف الحقائق بخصوص المتورطين في مجزرة «صبرا و شاتيلا» أمام محكمة بلجيكية، وكان على رأس المتورطين السفاح شارون الذي كان رئيساً للوزراء عندما حدث الاغتيال؟!

فأمام كل هذه المعطيات هناك احتمال كبير جدا بأن تكون الجهة أو الجهات التي تقوم بالاغتيالات تعمل لمصلحة أميركا وإسرائيل، خاصة وأن ليس لدى الأولى أي مشكلة في التضحية بأصدقائها والتعاون مع أعدائها من أجل مصلحة الثانية، وآخر شاهد على ذلك هو ظاهرة «فتح الإسلام» التي كشفها الصحفي الأميركي المشهور سيمور هيرش قبل حدوثها بشهرين، وقال حينها إن أميركا وبعض الجهات العربية يساندان أعداءهما المتطرفين المنتمين لـ «القاعدة» في لبنان من أجل مواجهة نفوذ «حزب الله»، لخلق فتنة مذهبية، وكان هؤلاء المتطرفون يتلقون دعماً دورياً قيمته 100 ألف دولار عبر بنك معروف من هم مالكوه! إذاً فالمسرحية مكشوفة، ونقول لهؤلاء المجرمين: «على هامان يا فرعون»!