لا يختلف اثنان على أن الاختناقات المرورية في الكويت أصبحت هاجسا يؤرق الجميع، إذ لم تعد تحصل في وقت الذروة فحسب، بل امتدت إلى كل الاوقات بحيث لا يكاد المرء يتجه إلى أي مكان حتى يفاجأ بالازدحام المروري قد بلغ مداه.

Ad

يعمل العديد من المتخصصين جاهدين من أجل إيجاد حلول جذرية لمشكلة الازدحامات المرورية التي تؤرق الجميع من دون استثناء، ويعقدون الاجتماع تلو الاجتماع للتغلب على المشكلات التي تسببها هذه الأزمة، اذ أرجع بعض المسؤولين المعنيين اسبابها في الكويت الى عدم وجود تشريعات تنظم حركة المركبات، وعدم وجود مواصفات قياسية للطرق وعدم التنسيق بين الجهات ذات الصلة في شأن اصدار تراخيص بناء المجمعات التجارية والمدارس والمستشفيات الخاصة والجامعات.

واضافوا ان الازدحامات ظاهرة عالمية، وليست إقليمية أو محلية، مشيرين الى ان زيادة عدد المركبات المرخصة زاد من الازمة التي ساهم فيها ايضا عدم تعميم النقل الجماعي لطلبة المدارس والعاملين في بعض القطاعات الحكومية والاهلية بالاضافة إلى عدم توفير ساحات انتظار أو مواقف ملائمة.

«الجريدة» استضافت كلا من مديرة إدارة تصاميم الطرق بوزارة الاشغال المهندسة سهى أشكناني ورئيس قسم هندسة المرور بوزارة الداخلية المهندس وليد الحيدر، والمهندسة حصة المطيري من الادارة العامة لتنظيم المرور، والمهندس مساعد العبيدلي من ادارة تصاميم الطرق بوزارة الاشغال فكان معهم هذا الحوار:

• ما أسباب الاختناقات المرورية في الطرقات؟

- المهندس وليد الحيدر: ان الازدحامات ظاهرة عالمية، وليست اقليمية او محلية، وهي تعني عدم انسياب الحركة المرورية على الطرق بالمعدلات المألوفة مما يعوق وصول مستخدمي الطرق إلى الاماكن المقصودة في المواعيد المحتملة، أما اسبابها فتقسم إلى ثلاثة أقسام: الاول أسباب تشريعية، وتعني عدم وجود تشريع يلزم الملاك بتخصيص أماكن لانتظار المركبات، وعدم وجود تشريع ينص على الحد الاقصى لعدد المركبات المملوكة وفرض ضريبة تصاعدية. والثاني اسباب تنظيمية ومنها المواصفات القياسية للطرق مثل الأطوال، والمداخل، والمخارج، والجسور، ومركزية الخدمات الحكومية بالاضافة إلى عدم التنسيق بين الجهات ذات الصلة في شأن اصدار تراخيص بناء المجمعات التجارية والمدارس والمستشفيات الخاصة والجامعات، إلى جانب عدم تشجيع القطاع الخاص على الاستثمار في مجال المواقف المتعددة الادوار، وايضا زيادة عدد المركبات المرخصة مقابل عدد المركبات المسقطة، وعدم تعميم النقل الجماعي لطلبة المدارس والعاملين في بعض القطاعات الحكومية والاهلية بالاضافة إلى عدم توفير ساحات انتظار أو مواقف ملائمة.

واخيرا الاسباب السلوكية وتعني تعدد الثقافة المرورية في المجتمع فالطريق يحتوي على 145 جنسية بخلاف جنسية الدولة الأم ناهيك عن عدم الالتزام بقواعد السير التي تتعلق بالخطوط الارضية، والسرعة كما تصنف حوادث الطرق من الأسباب السلوكية وايضا الاستهتار والرعونة وانحسار دور الأسرة في مجال تقويم السلوك المروري.

 الطرق ومترو الانفاق

 وهناك اسباب أخرى يجب النظر إليها بعين الاعتبار عند البحث عن حل لهذه المشكلة منها ما يتعلق بالطرق وهي تأخر استكمال الدائري الأول وتوسعة الطرق القائمة، وعدم توسعة الطرق الرئيسية منذ منتصف الثمانينيات، وعدم وجود طرق تخديمية للطرق السريعة، ووجود الطرق السريعة في المناطق المزدحمة مثل الدائرين الرابع والخامس، وعدم وجود مسافات كبيرة بين المداخل والمخارج، بالإضافة إلى اعمال مشاريع طرق كبرى واعمال صيانة.

وهناك ما يتعلق بالمركبات مثل: زيادة معدل الملكية للمركبات لدى الاشخاص (وعدم وجود ضوابط لها، وزيادة عدد المركبات من 60 إلى 100 ألف مركبة سنويا خلال السنوات الأربع الأخيرة، واستيراد المركبات المستعملة، وانحسار وسائل النقل العام، فثلاث شركات غير كافية للنقل الجماعي في الكويت، كما يجب الاسراع في تنفيذ مشروع مترو الانفاق في المدينة بالاضافة إلى الاقتراح الخاص بتخصيص حارة للباصات في شارع فهد السالم أسوة بالمدن الاوروبية، لأن هناك محطة للباصات في بداية شارع فهد السالم، وطالبنا بنقلها إلى ارض فضاء بين الدائري الأول وشارع السور لكي تخفف من الازدحام في بداية الشارع.

وهناك سبب رئيسي للزحام هو كثرة سيارات الاجرة الجوالة فأعدادها باتت تفوق حاجة المدينة وبالفعل تم ايقاف اصدار تراخيص لشركات الاجرة الجوالة ومخاطبة وزارة التجارة في هذا الشأن.

ومن هذه الأسباب ما يتعلق بالمنشآت، ويمثلها: عدم انشاء مدن جديدة خارج المناطق الحضرية المزدحمة، ووجود منشآت حكومية وتجارية في مناطق حضرية مزدحمة، وتحويل السكن الخاص إلى استثماري في بعض المناطق، وبناء مجمعات وعمارات سكنية غير مكتملة الخدمات، والوجود المكثف لمواقع المدارس الحكومية والخاصة بالمناطق السكنية، والتوسع في فرز القسائم السكنية، أما السائق فيعتبر احد اهم اسباب الاختناقات من خلال عدم الالتزام بقانون المرور، وعدم وجود الوعي المروري الكافي.

 حلول سريعة

 • ما الرؤية المناسبة لحل هذه المشكلة على المديين القصير والطويل؟

- المهندسة سهى اشكناني: ان ظاهرة الازدحام المروري موجودة في جميع الدول وتعتبر مشكلة اساسية وتم التنسيق مع الجهات المعنية وعلى رأسها البلدية والمرور للوقوف على حلول لمعالجة هذه المشكلة على المديين القصير والبعيد.

بالنسبة للمدى القصير الذي يتمثل في عمل حلول سريعة مثل عمل توسعات على التقاطعات الرئيسية أو توسعة المداخل والمخارج للمناطق السكنية من الطرق السريعة او تحويل تقاطعات محكومة بإشارات ضوئية الى دورات وغيرها من الحلول والمقترحات الهندسية التي تطرحها وتقدمها الإدارة لتنظيم المرور وتتم دراستها ومناقشتها مع البلدية وعمل التصاميم اللازمة لإرسالها للتنفيذ.

أما الحلول على المدى البعيد فتتمثل في تنفيذ مشاريع الطرق السريعة من جسور علوية وأنفاق وجار تنفيذ بعضها مثل شارع عبدالكريم الخطابي ومشروع الدائري الأول ومشروع تقاطع الرابع مع الفحيحيل السريع وتقاطع المطار مع الدائري الخامس، ومشروع تطوير جمال عبدالناصر وطريق الجهراء، ومشروع تطوير الدائري الرابع، ومشروع تطوير 15 تقاطع من التقاطعات الرئيسية بالكويت، ومشروع الدائري الأول (المرحلة الثانية والثالثة منه)، ومشروع تطوير طريق الدائرين الثاني والثالث وشارع دمشق وشارع القاهرة،ومشروع تطوير الجزء الغربي من الدائري الخامس وطريق الجهراء السريع حتى وصلة الدوحة، ومشروع تطوير طريق الدائري الثامن السريع، وغيرها من المشاريع المستقبلية ومشاريع الطرق الإقليمية التي من شأنها تخفيف الازدحام المروري واستيعاب الحركة المتوقعة حتى عام 2003م بما يتماشى والمخطط الهيكلي الثالث لدولة الكويت. 

250 اقتراحا 

• ما الاقتراحات المرورية لحل تلك المعضلة؟

- المهندسة حصة المطيري: هناك اقتراحات هندسية على المدى القصير قدمتها الإدارة العامة لتنظيم المرور عددها يقارب 250 اقتراحا خلال الفترة ما بين 2004-2006 منها هندسية لتوسعة وتعديل تصاميم بعض الطرق السريعة والرئيسية بما فيها تحويل التقاطعات الى دوارات بالمناطق السكنية وعمل مسارات حرة تحت الجسور، وبالفعل تم تنفيذ ما يقارب 50% منها فقط نظرا إلى وجود بعض الملاحظات من وزارات الخدمات والبرنامج التنفيذي لدى وزارة الأشغال.

اما الاقتراحات الهندسية ذات المدى المتوسط فهي تتمثل في مشاركة الإدارة العامة لتنظيم المرور في إعادة تصميم وتطوير شبكة الطرق لتلائم الزيادة المتوقعة للمركبات والسكان والمناطق الجديدة ومنها: الدائري الرابع، وطريق الجهراء، وشارع جمال عبدالناصر، وجسر جابر الأحمد، وتطوير 15 جسرا وتقاطعا، واستكمال شبكة الطرق السريعة (الطريق الإقليمي - الدائري الثامن)، والاقتراحات الهندسية للمرور التي تم تنفيذها هي عبارة عن: المشاركة في تصاميم سابقه لمشاريع قائمة حاليا مثل شارع عبدالكريم الخطابي - وجسر حديقة الحيوان - وجسر المطار - وجسر ميناء الأحمدي - وجسر الصباحية الأحمدي - ومداخل ومخارج الطرق السريعة والرئيسية، وتعديل التقاطعات الداخلية الى دوارات وعمل مسارات حرة تحت الجسور لحوالي 26 جسرا، واستحداث نظام الاتجاه الواحد في بعض الطرق كما هي الحال في الشويخ - شارع البنوك، وفي منطقة المرقاب (مجمع الوزارات)، وطرق متنوعة في حولي والسالمية والمدينة وباقي المحافظات. 

هليكوبتر

وتوجد حلول قدمت من الادارة العامة لتنظيم المرور منها اعتماد نظام التحكم المركزي في كل المناطق، حيث ان هذا النظام يتحكم الكترونيا في حركة السير في الاشارات الضوئية تبعا لوجود الزحام.

وقد تم بالفعل ربط 149 اشارة ضوئية بغرفة التحكم المركزي للمرور ونطالب باضافة المزيد منها حتى يتم ربط جميع الاشارات، ونطالب الادارة بزيادة عدد كاميرات المراقبة في التقاطعات الرئيسية، ولدينا طائرة هليكوبتر ترصد وتراقب حركة السير صباحا ومساء وتعطي بيانات دقيقة عن مناطق الاختناقات لكي يتم التعامل معها من خلال غرفة العمليات.

وهناك مقترح جديد سيتم تنفيذه قريبا لايجاد شاشات عن الطرق السريعة تعطي «ماسيجات» متغيرة عن حالة الطريق وتقديم حلول للسائقين لتغيير مسار مركباتهم في حالة الاختناقات، وهناك مقترح لفرض رسوم رمزية على بعض الطرق لكي تخفف من استخدام الطريق.

• ما دور وزارة الأشغال في مواجهة الاختناقات المرورية؟

- المهندسة سهى اشكناني: ان وزارة الاشغال تسعى جاهدة مع الجهات المعنية الأخرى وفي مقدمتها الإدارة العامة لتنظيم المرور وبلدية الكويت بمحاولة ايجاد حلول مؤقتة وسريعة لمشكلة الازدحام المروري وذلك من خلال لجان مشتركة وتنسيقية بين الأطراف الثلاثة على سبيل المثال: اللجنة الفرعية للمرافق والخدمات العامة، وحصر الخدمات المطلوبة وتحديد المداخل والمخارج الاضافية وتعديل مسار الطرق القريبة من المنزل ووضع الخطة اللازمة للتنفيذ، وايضا تنظيم الاجتماعات التنسيقية لمناقشة المواضيع المتعلقة بالازدحامات المرورية، وتشكيل فريق عمل لجنة إلغاء إزالة المداخل والمخارج غير القانونية على الطريق للتعرف على أماكن الاختناقات المرورية وتحديدها ومناقشة الحلول والمقترحات الهندسية المرورية التي تساهم في تخفيف الازدحام المروري على المداخل والمخارج على الطرق والتقاطعات الرئيسية وكذلك النظر في طلبات وشكاوى المواطنين والمؤسسات والجهات الحكومية الأخرى والتي قد يساهم انجازها تخفيف الازدحام المروري والحالي.

وهنا أشيد بالدور الكبير الذي تلعبه الادارة العامة لتنظيم المرور بتقديم الطلبات والمقترحات الهندسية التي يتم بحثها في الاجتماع الاسبوعي الذي يعقد مع ممثلي المرور والبلدية من حيث عمل توسعة للمسارات الفرعية لبعض التقاطعات والجسور، وعمل توسعة وتعديل بعض المداخل والمخارج للمناطق السكنية على الطرق الرئيسية والسريعة، حيث قامت الوزارة بتصميم بعض المشاريع وإرسالها الى التنفيذ عن طريق عقود هندسة الصيانة او عقود صيانة الطرق السريعة حاليا.

وجار استكمال عمل التصاميم اللازمة للطلبات الأخرى بالتنسيق مع الوزارات الخدمية الأخرى للحصول على خدماتها ودراسة مدى تعارضها مع هذه التصاميم.

معايير هندسية

اما عن دور وزارة الاشغال العامة في حل مشكلة الاختناقات المرورية فإن الوزارة تعد التصاميم اللازمة للمشاريع الصغيرة والكبيرة المتعلقة بانشاء طرق داخلية ورئيسية وطرق سريعة وجسور بالاضافة الى عمل مداخل ومخارج واستحداث مواقف سيارات واستحداث دوارات.

ويتم من خلالها تسلم طلبات بتلك المشاريع الصغيرة من قبل جهات ومؤسسات حكومية وغير حكومية او طلبات وشكاوى المواطنين إذ يتم دراستها وفق الاسس المرورية والمعايير الهندسية منها سرعة الطريق وتصنيف الطرق وتدرج الطريق بما يتطابع مع المواصفات العالمية المتبعة في تصميم الطرق والجسور حيث يتم الرجوع الى دليل التصميم للطرق والجسور والمعتمد من قبل الوزارة وجهات اخرى منها البلدية والمرور لكي يتم رفع مستوى خدمة المرور بما يتلاءم مع الاوضاع المرورية القائمة وقد تم عمل هذه المواصفات بالتنسيق مع هذه الجهات وقد يكون هذا الدليل غير متوافر لدى دول مجلس التعاون.

وبعد عمل التصاميم الاولية على اسس ومواصفات فنية، يتم التنسيق مع وزارات الخدمات اخرى لاخذ موافقاتها ودراسة مدى تعارض خدماتها مع هذه التصاميم وكذلك التنسيق مع البلدية والمرور لاعتماد هذه التصاميم بشكل نهائي قبل ارسالها للتنفيذ من حيث العلامات والتخطيط المروري لها اما بالنسبة للمشاريع الكبيرة وهي مشاريع الطرق السريعة والجسور فيتم عمل التصاميم لها عن طريق مكاتب استشارية عالمية بالاشتراك مع مكاتب محلية حيث يقوم المكتب الاستشاري المصمم بعمل دراسات مرورية للحركة المرورية المتوقعة مستقبلا وتأثير ذلك على الوضع الحالي ومن ثم دراسة انسب الحلول والبدائل لمعالجة الاختناقات والمشاكل المرورية على شبكة الطرق الرئيسية ومداخل ومخارج المناطق السكنية والتقاطعات الرئيسية.

كما يتم عرض التصاميم المبدئية والدراسات المرورية الخاصة بتلك المشاريع من بلدية الكويت والادارة العامة لتنظيم المرور لابداء رأيها الفني من حيث الكثافة المرورية وتحقيق الانسيابية في الحركة المرورية ورفع كفاءة وخدمة الطريق بشكل عام ومن ثم يتم عمل التصاميم النهائية لهذه المشاريع بالتنسيق مع وزارات الخدمات الاخرى والحصول على موافقاتها ومن ثم طرح المشروع.

مستوى السلامة 

• ماذا عن عملية اعداد المشاريع الخاصة بالطرق؟

- المهندس مساعد العبيدلي: ان قطاع الطرق في وزارة الاشغال يعتبر مشاركا نشيطا في تحسين المرور، حيث تقوم وزارة الاشغال بتنفيذ اي تصميم وفقا لمعايير المنظمة الدولية للمعايير (AASHTO) وكذلك وفقا للمعايير الكويتية ودليل تصميم الطرق والجسور في الكويت ودليل العلامات المرورية، مما يضمن المستوى المطلوب للسلامة بالنسبة لمشروعات الطرق.

علاوة على ذلك فان عملية تنفيذ الطرق والبنية التحتية تكون وفقا للمواصفات العامة لوزارة الاشغال العامة مما يضمن جودة الاعمال، واثناء عملية التنفيذ يتم اتخاذ احتياطات السلامة الخاصة باستخدام العلامات المرورية القياسية.

كما ان مهمات قطاع الطرق هي تقديم الاستشارات اللازمة والمستندات والميزانيات لتنفيذ الاعمال. ولكي تتم هذه المرحلة المهمة، فاننا سنتطرق الى عملية الاعداد للمشاريع التي تأتي عقب الدراسات المرورية من قبل بلدية الكويت ووزارة الداخلية - الادارة العامة للمرور، فيتم اختيار اماكن مختلفة للقيام بتطويرها والتي منها المشاريع ذات الاستراتيجية الطويلة الاجل وكذلك لشبكات الطرق الرئيسية، والمشاريع ذات الاستراتيجية القصيرة الاجل وتخص الطرق المحلية والاماكن السكنية المجاورة، والمشروعات ذات التطورات السريعة مثل تحسين التقاطعات والمنافذ.