Ad

لقد تجرد الكثيرون في عصرنا من إنسانيتهم ومن دينهم إلى درجة أنهم يشتركون في قتل الإنسان العربي وتشريده وظلمه من دون أن يحرك ذلك ضمير الأمة! فأي رخص للإنسان في زمن حقوق الإنسان؟! ومتى يصبح للإنسان العربي قيمة مهمة في مجتمعه وأمته؟

عندما يموت الضمير ويفقد الإنسان إحساسه بالإنسانية في المجتمع فلابد من أزمة، ويكون ذلك دليل تخلف وانحدار لاقرار له. أتذكر عندما كنا ندرس في بريطانيا نقلت الأخبار أن امرأة بريطانية عجوز في السبعينيات من عمرها قد فقدت في أوغندا أيام الدكتاتور عيدي أمين، وقامت الدنيا ولم تقعد في الصحافة والبرلمان وانشغل الرأي العام بهذه القضية، وإسرائيل مشغولة منذ سنوات باختطاف جندي إسرائيلي من قبل العرب اسمه «شاليت»! أما الأمة العربية فلم تتحرك في إنسانها شعرة واحدة حتى لو قتل أو فقد منها الآلاف.

وإليكم الأنباء عن قيمة الإنسان العربي: القيادات الفلسطينية مستعدة للتفاوض بشأن إطلاق سراح الجندي الإسرائيلي مقابل ألف أسير فلسطيني! وخبر آخر يقول: مئتا قتيل ومفقود في غرق مركبين في خليج عدن كانا يحملان مهاجرين صوماليين غير شرعيين، أي بصورة غير قانونية. وخبر ثالث يقول: غرق مركب صغير في مضيق جبل طارق قبالة السواحل الإسبانية يحمل مهاجرين من المغرب العربي غير شرعيين، ومات جميع ركابه الخمسين. وخبر رابع يقول: عثر على عشرين جثة مقطوعة الرؤوس في نهر دجلة في العراق، كما قتل ثلاثون مواطناً في انفجار انتحاري في أحد أسواق بغداد، وخبر آخر يقول: اعتقلت إسرائيل مئة وخمسين فلسطينياً في مدن الضفة الغربية، ومستعدة لإطلاق سراح بعض الفلسطينيين بمناسبة مباحثات أنابوليس، «فيا أمة ضحكت من تخلفها الأمم» مع الاعتذار للشاعر.

أي رخص للإنسان في زمن حقوق الإنسان؟! ومتى يصبح للإنسان العربي قيمة مهمة في مجتمعه وأمته؟ لقد تجرد الكثيرون في عصرنا من إنسانيتهم ومن دينهم إلى درجة أنهم يشتركون في قتل الإنسان العربي وتشريده وظلمه من دون أن يحرك ذلك ضمير الأمة! وعندما يلجأ حاكم سفاح كصدام حسين إلى قتل وإبادة الآلاف من شعبه وأولها حياته! وفي حروبه العبثية لم يحرك أحد ساكناً حتى أولئك الذين يدعون إلى حقوق الإنسان.

إن المصالح السياسية والاقتصادية قد أعمت قلوب أولئك في حينها عن قول الحقيقة، وبعد زمن أو عندما اختلفوا معه هرعوا يصرخون ويولولون بأنه قام بإبادة جماعية، والمقابر الجماعية وغيرها، وقد كانوا يعلمون ماذا كان يفعل ذلك الدكتاتور في حينها.

إن رخص الإنسان العربي ليس فقط من قبل غير العرب أو الذين يناصبونهم العداء، إنما أيضاً من العرب والمسلمين أنفسهم، فماذا يعني تفجير انتحاري تابع لجماعة إسلامية متطرفة نفسه في سوق شعبي في العراق في شهر رمضان ذهب ضحيته العشرات من النساء والأطفال والشيوخ وجميعهم أبرياء لاذنب لهم؟! وأي جهاد، وأي تفسير، وأي تبرير، لهذا العمل؟! وكيف يكون ذلك من أجل الإسلام والقرآن الكريم يقول «ومن قتل نفساً كأنما قتل الناس جميعا»؟!

إننا نعيش عصراً متخلفاً وردة حضارية وظلامية لم نعهدها من قبل، والأمة بحاجة إلى حركة تنوير وحركة إصلاح ديني، وانتفاضة لديها مشروع للنهضة، يوقف هدر قيمة الإنسان أولاً. فقد طفح الكيل!! فيا أيها المفكرون والمثقفون تحركوا.