Ad

أمين عام المركز العالمي للوسطية يؤكد أن استبعاد الحل الأمني لقضية التطرف في الكويت وتبني الحوار والتوعية يساعدان في تحجيم التشدد والغلو.

قال أمين عام المركز العالمي للوسطية د. عصام البشير، إن ظاهرة التطرف التي لم تتجذر في المجتمع الكويتي إلى الآن تحتاج إلى كثير من البحث والدراسة والمناقشة الهادئة، وأوضح في حديثه لـ «الجريدة» أن العنف الفكري والغلو الديني لهما شروط وعوامل وروافد موضوعية داخلية وخارجية. واليكم مزيدا من التفاصيل في نص هذا الحوار:

• ما أسباب وجود التطرف الديني في الكويت؟

بداية هذا السؤال بصيغته تلك سؤال ملبس، إذ ينطلق من التسليم بوجود الفعل ثم البحث عن التفسير له، ونحن لا نعتقد أن هناك تطرفا دينيا بالمعنى الفعلي المحسوس داخل الكويت، بل لا يمكن لأي متتبع أو راصد موضوعي للواقع الكويتي أن يحكم بوجود حالة من التطرف تصل الى كونها ظاهرة محكية محسوسة، كما هي موجودة في بلدان أخرى.

لكن ذلك لا يعني أن البلاد خالية من وجود أفراد أو فئات تحمل أفكارا تلتقي وتتقاطع بشكل أو بآخر مع رؤى المدارس المتشددة والمتطرفة، حالها في ذلك حال جميع دول العالم، فالفكر المغالي والمناهج المتشددة حالة مجتمعية عامة لا تخلو منها بقعة على وجه الأرض. ونظرا للمجهود المبذول من قبل العديد من المؤسسات التي تحمل الفكر المعتدل وتدعمه وتمارسه، يمكن القول إن حالات التشدد والغلو تسير صوب الانحسار، بل نكاد نجزم أن روافد هذه الحالات تكاد تنعدم مع مرور الأيام.

ولعل أسباب «التطرف الديني» في المجتمعات عامة – بوصفه حالة عابرة للحدود والجغرافيا لا تختص بشعب أو مجتمع أو ديانة أو بيئة – ترجع في أساسها الى عوامل اجتماعية واقتصادية وسياسية مترابطة، ونحن كمركز عالمي للوسطية نرى أن العنف الفكري والغلو الديني لهما شروط وعوامل وروافد موضوعية داخلية وخارجية، تجتمع كلها لتشكيل حالة من عدم الاتزان الفكري تقود «الضحية» الى انتهاج نظرة سلبية عن الواقع والمجتمع تدفعه الى طلب التغيير عبر الوسائل غير السلمية.

• كيف يمكن التوفيق بين معادلتين: وجود ديموقراطية في الكويت ومنابر لحرية التعبير، ووجود تطرف ديني؟

لعل الموضوعية تقتضي هنا عدم تقديم النموذج المتطرف بوصفه حالة قائمة متوازية في حجمها وحضورها مع الحالة الديمقراطية، كرأسين متوازيين في الحضور، حتى نشرع بالحديث عن أسباب تعايشهما معا بذات النسق والوجود ضمن بيئة واحدة.

فالحالة الديموقراطية حالة حقيقية موجودة ومعاشة منذ زمن بعيد، أما وجود حالات للتطرف وبزوغ بعض المظاهر هنا وهناك التي جاءت بفعل الحالة السياسية الإقليمية المحتقنة، فلا يصح معها الحديث أنها غدت ظاهرة متجذرة في المجتمع الكويتي ولها أتباع ومريدون وهياكل تنظيمية هرمية وأفعال ونشاطات، حتى تتشكل الغرابة والأسئلة عن كيفية تعايشهما بعضهما مع بعض في المجتمع الواحد.

ويجب التنبيه هنا إلى أن الديموقراطية وإشاعتها أحد العوامل المعالجة في حالة وجود ظاهرة التطرف، وهو ما نلمسه جليا كون الكبت والديكتاتورية وانسداد الأفق السياسي تقدم الوقود الأمثل لتنامي العنف والتطرف. ولعله من المهم أيضا ألا يحاول البعض الربط بين وجود الديموقراطية والتطرف كظاهرة، فلا يمكن بحال أن يكون العلاج قرينا للمرض.

وواقع الكويت اليوم يستصعب معه الحديث عن وجود «فكر إسلامي مغال» بالمعنى المؤسسي، ومع ذلك لا يعد وجود أصوات هنا أو أفعال فردية هناك من قبيل العمل المنظم ذي الامتداد الفكري الشعبي.

ولعل تبني شرائح وقطاعات عديدة، رسمية وأهلية، فكرة محاججة الفكر المتطرف والمغالي بنظيره التوعوي الحواري، بعيدا عن الحل الأمني، هو ما ساعد ويساعد في تحجيم مظاهر الغلو والتطرف لمصلحة مربع الاعتدال والوسطية.

ولا تمنع حالة ضمور وانحسار هذا التيار بين شرائح المجتمع الكويتي من الإشارة إلى أن هناك نقصا واضحا في المعلومات والتحليل الموضوعي لهذه الحالة أو الظاهرة، كما أننا نعتقد أن هذا الموضوع لم ينل نصيبه من الدراسة والمناقشة الفكرية الهادفة، ليس فقط على مستوى الكويت بل على المستويين العربي والإسلامي، وحسبنا هنا في الكويت أننا بدأنا نتلمس أهمية نشر مفاهيم المنهج الوسطي كأحد الحلول الرئيسية لمواجهة هذا المنهج، عبر تبني قيام مؤسسات تنادي بأعمال الفكر الوسطي منهجا للحياة وأسلوب تعاط مع الآخر مثل المركز العالمي للوسطية ولجنة حماية الشباب من التطرف وغيرها من الهياكل والمؤسسات ذات العلاقة والهدف.

• هل قامت اللجنة بتجربة حوار مع متطرفين كويتيين؟

للتصحيح نحن لسنا لجنة، فاسمنا الرسمي المعتمد هو (المركز العالمي للوسطية) وهو مركز يمثل الذراع التنفيذية الأولى للجنة العليا لتعزيز الوسطية التابعة لمجلس الوزراء الكويتي والمشكّلة بقرار عنه.

أما بخصوص السؤال، فحتى اللحظة لم يقم المركز بلقاء أية شخصيات أو ممثلين عن أية جهات تتبنى مناهج مغايرة للفكر الوسطي المعتدل، مع الإشارة إلى أن المركز يرحب بأية جلسات أو ندوات حوارية لتوضيح مرتكزات عمله والأصول الفكرية والمنطلقات الشرعية التي يتبناها، مع أية جهة أو شخص ضمن ضوابط الحوار الموضوعي البناء القائم على قاعدة «كل يؤخذ منه ويرد إلا المعصوم صلى الله عليه وسلم».