ما يشغل الطلبة على اختلاف مشاربهم هو الحصول على فرصة عمل مناسبة تتيح لهم تحقيق ذواتهم وخدمة بلدهم، وهم في سبيل ذلك لا يرون بديلا عن الاعتماد على «الواسطة»، حتى لو وضع بعضهم شروطا لذلك أو قصروها على مجال دون آخر. الواسطة لغة هي التوسط بين طرفين، أما اصطلاحا فهي إعطاء الحق إلى غير أهله وحرمان صاحب الحق من الحصول عليه، وهنا تجدر الإشارة إلى أن الكثيرين يخلطون بينها وبين الشفاعة، فالشفاعة تعني مساعدة الآخرين في الحصول على ما لهم من حقوق لا يصلون إليها بقواهم الذاتية، وهي بذلك تقف على وجه النقيض مع الواسطة.ومع تطور الحياة وكثرة المتطلبات، التي تتيح للإنسان فرصة للعمل يتوق إليها لبدء حياته العملية، ينظر الطلبة والخريجون إلى الواسطة على أنها الجسر الذي سيعبرون عليه إلى آمالهم وطموحاتهم، لا سيما في ظل تكاثر العثرات وتزايد المعوقات التي تحول بينهم وبين الحصول على الوظيفة «الأمل».«الجريدة» استطلعت أفكار الطلبة وآراءهم حيال موضوع «الواسطة» عند طلب الحصول على عمل بعد التخرج وتوجهاتهم في التعامل معها، فكان التحقيق التالي:الملاذ الأخيرالواسطة حسب رأي الطالبة اسراء اليعقوب مطلب تلجأ إليه وقت الضرورة فقط، موضحة ذلك بقولها «سأتقدم إلى أي وظيفة أرغب فيها، وان لم يتم القبول وواجهت العثرات المعهودة التي تجابه الخريجين في كل مكان وزمان فسأستخدم الواسطة» على اعتبار أنها الملاذ الأخير لكي تحصل على فرصتها الوظيفية التي تسعى إليها والتي سيتحدد بناء عليها مستقبلها الوظيفي ككل.وعلى الرغم من رؤيتها التفاؤلية التي ترى ان الواسطة غير ضرورية، وان الكثيرين حصلوا على وظائفهم الحالية بلا استخدامها، قالت الطالبة عائشة المطوع موافقة ما قالته زميلتها «إنها ضرورية ولا غنى لنا عنها ان استعصى الامر، فالحياة لا تسير قدما الا بالواسطة».ضرورة ملحةوتأييدا لما سبق من آراء أدلى الطالب فلاح الشريدة برأيه في موضوع الواسطة، إذ قال ان الاعتماد على الواسطة اصبح من ضرورات الحصول على فرصة للعمل «هذا إذا أردت فرصة تليق بي مع انني لا أؤيد ذلك بالمرة، ولكن هذا لا ينفي وجودها في بعض مناحي الحياة، عفوا في كل مجالات الحياة»، فهو يشعر بأنها منتشرة جدا في جميع الاوساط والجميع يسعون إلى استخدامها في التقدم إلى الوظائف إذا أرادوا الحصول عليها، غير مستبعد أن يلجأ إليها هو نفسه عند محاولته الحصول على فرصة عمل في المؤسسات الخاصة والعامة.وعلى المنوال نفسه تذهب عائشة الكندري، إذ تنظر إلى الواسطة على أنها الحل السحري للأبواب الموصدة بإحكام «فإن نلت اعلى الدرجات لن أحصل على الفرصة المناسبة التي أرنو إليها إلا من خلال الواسطة»، ولم تنف كذلك اعتمادها على الواسطة لدعم طلبها بالتوظيف في المؤسسات بشقيها الخاص والحكومي. إجحاف بالحقوقأما الطالبة بدرية الفيلكاوي فاستنكرت اللجوء إلى الواسطة لما فيها من إجحاف بحقوق الآخرين، فهي تعني أن تأخذ ما ليس لك وتحبسه عمن هو أهل له ورأت «ان انتشارها في معظم المجالات لا يجعلها حسنة وصحيحة فالواسطة هي الواسطة حتى لو كانت ذات نفع في موقف ما بالنسبة لي أي ان ضررها على المجتمع لا يتغير بكونها نافعة للبعض دون البعض الآخر»، وأكدت أنها لن تلجأ إليها مهما حصل وستكتفي بالحصول على الفرص المتاحة لها عبر إمكاناتها الحقيقية.سوقها قايموبعد أن نالت الواسطة استنكار الفيلكاوي عادت إلى المقدمة ثانية من خلال فاطمة فهد التي رأت انها لا تفكر في الوقت الحالي -اي بعد تخرجها- في الاعتماد على الواسطة «ولكن في حال عدم قدرتها على دخول المجال الذي تحبه وتتمناه بشدة فستلجأ إلى الواسطة من دون تردد، لأن الواسطة «قايم سوقها» والكل يلجأ إليها. والدليل على صحة ما قالته الفهد تطابق رأيها مع ما يؤكده الطالب محمد عمر فاضل من انه سيلجأ فورا إلى الواسطة بعد التخرج عند التقدم إلى مؤسسات التوظيف الخاصة او العامة، لأن ذلك هو النظام السائد في الكويت «فالتقدم إلى الوظائف من دون الواسطة مضيعة للوقت».شر لا بد منهوانضمت الطالبة عائشة فهد إلى زميلاتها اللائي يرين عدم الاكتفاء بالتقدم إلى مؤسسات التوظيف الخاصة منها والعامة إلا في صحبة الواسطة، على الرغم من ضررها والمعرفة التامة بما تتسبب به من تضييع الحقوق، خصوصا حقوق من يفتقدون الواسطة، ولكنها -أي الواسطة- شر لا بد منه. وفي ظهور لاصطلاح جديد لجأت الطالبة دلال الهاجري إلى «الواسطة التخصصية»، وتقصد بها ذلك النوع من الواسطة الذي يختص ببعض الوظائف والمعاملات دون غيرها، فهي تفكر في استخدامها عند التقدم لوظائف حددتها سلفا، كما انها لا تحبذ التوجه إلى مؤسسات التوظيف العامة «ذلك لأن الخاص يتيح مجالات اكبر وأوسع لاكتشاف الجديد».لا للواسطة«لا احب ان اكون تحت رحمة احد او يكون اعتمادي الكلي على غيري»... هذا ما باح به الطالب سعد الشريدة الذي لا يرى ضرورة لاستخدام الواسطة عند تقدمه لشغل وظيفة في المؤسسات الخاصة، إذ تتميز بعدالتها في الاعتماد على القدرات الحقيقية والإمكانات المتوافرة لدى المتقدم، وهو ما لا يدع مجالا لدخول الواسطة، التي توقع ظلما كبيرا على فئة من الناس على حساب فئة اخرى، لذا لن يلجأ لها بأي شكل من الاشكال.مشروطة واستحدثت الطالبة زينب حبيب مصطلحا آخر جديدا من الممكن أن نطلق عليه الواسطة المشروطة، إذ اشترطت لكي تلجأ إليها شعورها بالظلم بسبب حصول ذوي الواسطات على ما تراه حقا لها، كأن تحصل إحدى المتقدمات على فرصة العمل اعتمادا على الواسطة، في حين تستحق هي هذه الفرصة «فهنا وهنا فقط سألجأ إلى الواسطة للحصول على حقي».وسيلة المفاضلةوتتمنى الطالبة حنان الرشيدي ألا تلجأ إلى استخدام الواسطة في عملية التوظيف بعد التخرج، لكنها لا تجد بدا من الاعتماد عليها، «فلا سبيل أمام الطلبة المتفوقين لكي يشغلوا مناصب تناسب قدراتهم ما لم تتوافر لديهم الواسطة، لأنها تلعب الدور الاكبر في عملية المفاضلة بين المتقدمين للوظيفة، وبصراحة سأستخدمها إن اضطررت إلى ذلك».
محليات - أكاديميا
طلبة الجامعة: لا بديل عن الواسطة فهي الجسر الموصل إلى الأهداف رغم ضررها البائن قد ترجع الحق إلى أصحابه
08-11-2007