أكبر خصوم حبيبنا المرحوم أبي قتيبة هما اليأس والظلم، وهو كان في حياته على استعداد أن يتصدى لمنتهكي حقوق الإنسان بصرف النظر عن موقعهم الجغرافي. وكان حينما ألتقيه خلال المرض يتحدث عن الخليج العربي بألم، وكان على قناعة بأن شيئاً من الإدارة الواعية يمكن أن تجعل منطقة الخليج جنة الله في الأرض.

Ad

لأنني صديق للدكتور المرحوم أحمد الربعي ولم يخطر ببالي في يوم من الأيام أنني سأستخدم قلمي للكتابة عن رجل بحجم الصديق العظيم أحمد الربعي بالنسبة لي، لكنها إرادة الله ولا راد لإرادته.

منذ تعرض «أبو قتيبة» للعارض الصحي وأنا في حالة عدم تصديق لسبب بسيط وهو أن أبا قتيبة يملأ حياته وحياة أصدقائه ومخالفيه، ولا أقول أعداءه لأن شخصيته لا تتحمل أن يكون له أعداء، يملأ حياة كل هؤلاء بالضجيج، أكبر خصوم حبيبنا المرحوم أبي قتيبة هما اليأس والظلم، وهو كان في حياته على استعداد أن يتصدى لمنتهكي حقوق الإنسان بصرف النظر عن موقعهم الجغرافي. كان حينما ألتقيه خلال المرض يتحدث عن الخليج العربي بألم، وكان على قناعة بأن شيئاً من الإدارة الواعية يمكن أن تجعل منطقة الخليج جنة الله في الأرض، وأن سكان الخليج حكاماً ومحكومين يمكن أن يعيشوا برغد على كل الصُّعد بحكم ما حباه الله لهم من خيرات وثروات يندر وجودها على شكل ما هي في الخليج العربي.

أحمد الربعي دافع عن الأمة خير دفاع ولم يتكسب على قضاياها، فدافع عن العراق وحارب الدكتاتورية، ودافع عن فلسطين وحارب الأخطاء. ودافع عن سلام الشرق الأوسط وكشف خصوم السلام المنافقين. من يختلف مع المرحوم أبي قتيبة فليذكّرني مشكوراً بأنه تفوّه بكلمة نابية سواء في مقال أو حوار مرئي أو مسموع على الرغم من أن -وبسبب وضوحه وجرأة أفكاره- له من المخالفين الكثير. عظمة أبي قتيبة أنه حينما يتحدث مع السعودي تشعر أنه سعودي، وكذلك الجزائري والفلسطيني والمصري، ولذلك يحظى بروابط قل أن تجدها في أي إنسان.

في إحدى المرات كان أبو قتيبة مع مجموعة من أصدقائه في أملج على الساحل الغربي في المملكة العربية السعودية، وكان يوجد في المزرعة عامل آسيوي، وبعد عام من هذه الزيارة رجع الأصدقاء إلى نفس المكان ولم يكن أبو قتيبة يرافقهم لكن العامل كان موجوداً، وكان سؤال العامل بعد أن رحب بهم: أين الدكتور أحمد؟

أحمد الربعي قيمة إنسانية راقية. فهو في حياته يعرف أصدقاءه في العالم العربي لكن معرفته تختلف، فهو يعرف أطفالهم وآباءهم وأمهاتهم وزوجاتهم.

أبو قتيبة رحمه الله قيمة وطنية صادقة وقد أعطانا في المملكة العربية السعودية مواقف مساندة هائلة، وقدم جهداً رائعاً في السنوات الأخيرة وتحاور مع الجميع، وقدم جهداً مهماً في سبيل حماية مشروع الإصلاح الذي تبناه خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله.

أبو قتيبة حينما لاحت بوادر معوقات لمشروع الإصلاح متمثلة في إيقاف بعض رموز المشروع قام مشكوراً بزيارات متكررة إلى المملكة، وقدم النصح الصادق ولم يرتح حتى تلاشت هذه المعضلة، وكان يردد دائما أن الخلاف مضر بالجميع.

لم أكتب عما قدمه للكويت لأن أهل الكويت يعرفونه حق المعرفة، وهو مناضلٌ ومثقفٌ وإعلاميٌّ ونائبٌ ووزير.

قيمة المرحوم «أبو قتيبة» الإنسانية أن أطفالنا حينما عرفوا بما أصابه صدموا وبكوا وانتابتهم موجة حزن على الرغم من أننا كنا نتجبر أمامهم لتخفيف الصدمة.

تقبل الله الفقيد بواسع رحمته وألهم أهله وأصدقاءه الصبر والسلوان.

* كاتب سعودي