يصبح الإنسان بعد تخرجه بين نارين، نار العمل في القطاع الحكومي بما فيه من ضمانات تبعد عنه هاجس إحالته الى التقاعد، وما يعيبه من تفعيل للواسطة والمجاملات، ونار العمل في القطاع الخاص بمزاياه المتعددة التي أقلها إعطاء كل ذي حق حقه من دون محاباة، وإتاحة الفرصة للترقي بما يناسب القدرات والمهارات، مع توافر احتمالات إنهاء الأعمال بسبب أو من غير سبب.

Ad

لا يختلف اثنان على أهمية العمل بالنسبة للفرد، فهو ما يحدد قيمته بين أقرانه، بيد أن الإنسان بعد التخرج يجد أن عليه الاختيار من بين عدة بدائل، كل منها له ما يميزه عن الآخر، مما يجعله يتوقف لحظات بل أكثر من ذلك، حتى يحسن الاختيار، اذ ان على المرء أن يختار بعد التخرج بين العمل في أحد القطاعين الخاص والحكومي، ولهذا مزايا كما لذاك، وكذلك لكل منهما عيوبه، فوسط هذا الخضم تعمل سلطات الدولة على سن قوانين تحقق للخريجين الاستفادة القصوى من مزايا كل قطاع.

للتعرف اكثر على أي القطاعين يستحسنه الخريجون عند اختيار مجال العمل أجرت «الجريدة» التحقيق التالي:

استثمار حقيقي

فضل الطالب فيصل سمير الكندري العمل بالقطاع الخاص وتحديداً في أحد البنوك المحلية، لأن القطاع الخاص في رأيه هو الاستثمار الحقيقي للموارد البشرية، الذي يمكن الفرد من اكتساب العديد من الخبرات، إضافة إلى أنه ينمي القدرات في مجالات عديدة، موضحا أن الجانب المادي من أبرز ما يميز الخاص عن الحكومي، فهناك نظام الحوافز الذي يشجع الموظف على بذل أقصى الجهد، من هنا يمكننا القول ان العمل في القطاع الخاص عموماً أفضل للشباب الطموح الذي يرغب في العمل والإنتاج وخدمة وطنه بعيداً عن الكسل السائد في القطاع الحكومي.

«الحكومي» روتيني

أما الطالب محمد إبراهيم بو حمره فأكد أن الحرص على العمل في القطاع الحكومي كان قديماً، أما الآن فهو يرى العمل في القطاع الخاص أفضل بكثير، إذ ان العمل الحكومي روتيني، ولن تجد فيه مقابلا لجهدك وكل ما تجده في المؤسسات الحكومية مجموعة من الموظفين لا همَّ لهم سوى الحضور والتوقيع فقط، في غياب المدير الذي يدقق ويحاسب، بعكس القطاع الخاص الذي يعطي على قدر الاجتهاد، ويجازي كلا من المخطئ والمصيب بالعقوبات الرادعة والحوافز، وهو ما يدفع العاملين إلى بذل المزيد من الجهد بما ينعكس إيجابا على مستقبلهم الوظيفي.

مساوئ «الخاص»

ويقف على الجهة المقابلة الطالب حسن فالح السبيعي الذي يرى أن العمل في القطاع الحكومي أفضل من حيث الضمان الوظيفي وعدم الإرهاق، فالمدير لا يستطيع إنهاء عملك، هذا بالإضافة إلى أن العمل في القطاع الحكومي 8 ساعات فقط بعكس الخاص الذي يكون العمل فيه دوامين، حيث يريد أصحاب العمل موظفين لا يشعرون بالإرهاق ويعملون عملا متواصلا دون كلل أو ملل، للحفاظ على رؤوس أموالهم، وقد برهن السبيعي على ذلك قائلاً «أعرف نموذجين من «ربعي» لهما تجربة مع القطاع الخاص، أحدهما التحق بالعمل عن طريق الواسطة، ويعاني مشاكل صحية بسبب ضغوط العمل التي لا تنتهي، والآخر ليست لديه واسطة، ولذلك عمل «كاشير» لدى إحدى محطات البنزين 45 يوما فقط حيث تم إنهاء عمله على الرغم من اجتهاده والتزامه في عمله، والجدير بالذكر أنه لم يتسلم مستحقاته المالية، أرأيت مساوئ القطاع الخاص؟!»

النوم في العسل

فضّل الطالب جمال صالح الدريويش العمل في القطاع الخاص لأن المعاشات تفوق معاشات القطاع الحكومي وليس أدل على أفضلية القطاع الخاص من دعم الحكومة له وحضها على العمل فيه لما له من أهمية في عملية التنمية وتحويل الكويت إلى مركز تجاري عالمي، «والدولة ما قصرت بدعمها العمل في هذا القطاع، ومن يرغب في اكتساب خبرات حقيقية فعليه الالتحاق بالعمل في الخاص، أما من يفضل النوم في العسل ليكون مجرد موظف روتيني فعليه بالقطاع الحكومي».

مع الخاص... بشرط

الطالبة سعاد البلوشي مع القطاع الخاص شرط أن تتوافر فيه جميع الضمانات التي تضمن حقوق الموظف، فالخاص يتيح الفرصة للموظف لكي يكتشف قدراته وينمي مهاراته الوظيفية على عكس الحكومي الذي يقتصر دور الموظف فيه على تأدية مهمات محددة فقط، دون النظر إلى القدرات الابتكارية أو غيرها فأنا لا أرى فيه أي مميزات، اللهم إلا أنه يضمن حقوق العاملين فيه، فلا يمكن الاستغناء عنهم من دون إيضاح الأسباب الوجيهة التي تكمن وراء اتخاذ مثل هذا القرار، بل ويتبع ذلك خطوات طويلة عكس الخاص الذي يتم فيه الاستغناء عن الخدمات ببساطة شديدة، فإذا توافرت في القطاع الخاص ضمانات لحقوق الموظف فأنا معه.

مجال المثابر

وليد فهد المطيري تم تعيينه حديثاً في إحدى الوزارات قال «أعيش تجربة مريرة مع القطاع الحكومي حيث تكثر فيه البطالة المقنعة وتعصف به الواسطة التي تطمس طموح الموظف المتحمس» ورأى أن الخاص مزاياه متعددة وهو مجال الموظف المجتهد والمثابر، فهناك تمييز بين المجتهد والكسول، فما يشاهده يومياً في العمل الحكومي يدمي القلب، حيث إن أغلب الموظفين يقضي الدوام في الأكل والشرب وقراءة الصحف والثرثرة «هذا إذا حضر الموظف إلى الدوام أصلا»، ولكنه أشار إلى صعوبة الحصول على وظيفة في القطاع الخاص في الشركات المرموقة بسبب «الشروط التعجيزية حيث يطلبون مثلاً لوظيفة المندوب شهادة جامعية وخبرة 5 سنوات، وأنى لمن تخرج حديثا هذه الخبرة؟!» موضحا أهمية أن يُعطى الشاب الكويتي فرصة في القطاع الخاص ومن ثم يُقيّم، ذاكراً أنه سعى إلى الحصول على وظيفة في القطاع الخاص قبل التحاقه بالحكومي ولكنه لم يستطع، فهل هي عدم الثقة بإمكانات الشاب الكويتي أم ان الموضوع يعتمد أولاً وأخيراً على الواسطة؟!

الإجازات والتنوع

أما الطالبة عوف العنزي ففضلت العمل في القطاع الحكومي لما له من مزايا أكثر كالإجازات الدورية والعلاوات التشجيعية وتنوع العمل فيه، فهناك انتداب للعمل في جهات أخرى مختلفة، وخصوصا أن العمل في القطاع الخاص غير ملائم لطبيعة الفتاة، فقد يستمر ساعات طويلة على عكس القطاع الحكومي الذي يكون الدوام فيه أوقاتا محددة ويتمتع الموظف فيه بإجازة يومين أسبوعيا.

أكثر تطوراً

خالفت عايشة العنزي سابقتها حيث قالت إن القطاع الخاص أكثر تطورا وتقدما من القطاع الحكومي ففيه الآلات والأجهزة الإلكترونية وآلية العمل المتطورة التي تواكب العصر أكثر مما هي عليه في القطاع الحكومي بالإضافة إلى الحوافز المرتفعة والتشجيع على الابتكار، ففي هذا القطاع تتاح الفرصة للمجتهد حتى يبدع ويبتكر بما يقدم إليه من دورات تدريبية وما يترتب على ذلك من الترقي إلى درجة أعلى حسب ما لديه من إمكانات عقلية ومهارية.

الإبداع والروتين

من جهتها فضلت مريم العتيبي القطاع الخاص لأنه يتيح الفرصة للابتكار وتنمية قدرات الشخص ويعطي خصوصية أكثر لموظفيه حيث الإمكانات المادية متوافرة مع سهولة الصرف على مستلزمات العمل بعيدا عن الروتين وضرورة الحصول على موافقة عدد من الأشخاص لشراء قطعة أثاث لمكتب بعكس القطاع الحكومي الذي تجد فيه أكثر من موظف يعملون على طاولة واحدة ولا مجال فيه لتغيير نظام العمل أو التقدم بالاقتراحات حيث إن كل شيء محكوم بـ«الروتين» وهو ما يقتل الإبداع.