لماذا يندفع صانعو السينما خصوصاً والفن عموماً نحو الجميلات المتربّعات على عرش الجمال؟ هل يُعتبر هذا الدخول المنظّم الى شرايين السينما محاولة لتجميل الواقع وتحسين صورة الحياة؟ إلى أي حد ستنجح «جميلات المحيا والجسد» في الصمود أمام «جميلات الموهبة»؟ هل باتت بوابة العبور الى الفن مغلقة ومن الصعب النفاذ إليها، ومن ثم كان على هاويات الفن، الباحثات عن النجومية اختراقها عبر الطرق الخلفية، في مقدمها تلك المسابقات الخاصة بملكات الجمال؟ يذكر أن تاريخ السينما شهد عبور نجمات كثيرات من تلك البوابة، أبرزهن مريم فخر الدين (ملكة جمال مصر 1950)، ليلى فوزي (ملكة جمال مصر 1940)، زبيدة ثروت (أجمل فتاة في الشرق 1957 وملكة جمال العيون 1959) وكثيرات آخرهن أو بالأحرى أشهرهن بالنسبة الى بنات هذا الجيل داليا البحيري الحائزة لقب ملكة جمال مصر عام 1995، وبعدها باعوام إنجي شرف (الوصيفة الثانية 1998)، ثم رانيا السيد، نور السمري، سارة شاهين، ريم هلال وأخيراً وليس آخراً فوزية محمد (2007).استثناءاتفي هذا السياق، يقول الناقد السينمائي طارق الشناوي: «على مدى تاريخ السينما سيظل الجمهور دائم البحث عن حلم يعيش معه، ويسعى الى مطابقته مع الواقع، وهو حلم مرتبط بالمرأه بدءاً من الفنانة ليلى مراد وهي أول امرأة تتجسد فيها مشاعر الناس، مع أن فنانات ومطربات كثيرات سبقنها مثل فاطمة رشدي، عزيزة أمير وأم كلثوم».والمؤكد أن نموذج مراد «المرأة -الحلم» لم يرتبط بالمقاييس الشكلية فحسب التي عشقها الجمهور، إنما شكّل الأمل المستحيل الذي داعب خيال الفقراء بحسب الشناوي. فهي في أفلامها تجسّد ابنة الطبقة المخملية التي يمكن أن تترك قصرها لتتزوج أحد الصعاليك وتضرب بالتقاليد عرض الحائط. سارت فاتن حمامة على الطريق نفسه متمسكة بشعار «ممنوع اللمس إلا بالحب وبعيدا عن الإغراء»، ما يفسر لماذا لجأت نجمات الجيل الجديد الى شعار «السينما النظيفة»، بشروط الحب نفسها «الخالية من الدسم» على الشاشة.بعيداً عن تلك الإشكاليات، كان الجمال هو السمة الأولى والمميزة لنجمات الشاشة بدءاً من الأربعينات وحتى السبعينات والثمانينات، التي شهدت تتويج يسرا وليلى علوي على عرش الجميلات، قبلهن ستظل الراحلة سعاد حسني الاستثناء بوصفها، شكلا ومضمونا، التعبير الحقيقي عن صورة المرأة، كما يؤكد الشناوي، منذ نهاية الستينات والى مطلع الثمانينات لنجاحها في تقديم الألوان والأنماط كافة. مقارنة أين ذهبت الجميلات، ولماذا فتح الفن أبوابه أمام حاملات صك الاعتراف بجمالهن عبر تلك المسابقات، خصوصا أن بعضهن لا يمكن مقارنته بمريم فخر الدين أو زبيدة ثروت أشهر ملكات جمال الزمن الجميل؟ هل اختلفت مقاييس الجمال أصلاً أو وفقا لرؤية البعض انخفض مستواه في مصر عموما؟يجيب المسؤول عن تنظيم هذه المسابقات في مصر يوسف سباعي رداً على اتهام البعض له بأن «جميلاته» لسن بالمستوى المناسب: «تكمن المشكلة في عدم وجود فتيات صارخات الجمال في مصر اليوم مقارنة بجميلات الستينات مثلا، إضافة إلى أن ثمة معايير أخرى مثل اللياقة والثقافة واللباقة تدخل في عملية التقييم». تربط أستاذة علم الإجتماع د. سوسن عثمان انتشار هذه الظاهرة بالبحث عن الثراء السريع وتحقيق أكبر قدر من الشهرة والنجاح بأقل مجهود بدني وزمني، مشيرة الى أنه «المبرر الوحيد لدخول الجميلات ساحة الفن وغيرها من مجالات الضوء كالإعلانات أو عروض الأزياء فور حصولهن على اللقب أو حتى مع الوصول الى المراحل النهائية».
توابل - مزاج
ملكات الجمال إلى التمثيل! السينما... بين جمال التّاج وضرورة الموهبة
10-04-2008