في وقت يشهد فيه المجتمع السياسي التركي انقسامات حادة بين الأحزاب العلمانية وحزب العدالة والتنمية الإسلامي الجذور حول طبيعة النظام السياسي في تركيا، يتهدد أنقرة خطرٌ حقيقيٌّ يتمثل بشن المتمردين الأكراد هجمات على مراكز عسكرية ومدنية تركية انطلاقاً من شمال العراق.

أعلنت هيئة الاركان المشتركة للجيش التركي أمس عزم القوات التركية المسلحة على محاربة الارهاب، مؤكدة انها تمتلك كل الحق في الرد بالطريقة التي تراها مناسبة على هجمات الانفصاليين الاكراد.

Ad

ونشرت الهيئة بيانا على موقعها الإلكتروني في وقت تصاعدت فيه التكهنات حول قيام الجيش التركي بعملية عسكرية في شمال العراق للتعامل مع المقاتلين الاكراد المتمركزين هناك، وأشارت في بيانها بشكل مباشر الى تصريحات رئيسها الجنرال يشار بويكانيت قبل شهرين التي حث فيها الحكومة التركية على السماح لقوات الجيش بالتوغل في شمال العراق للقضاء على المتمردين.

وقالت هيئة الاركان المشتركة للجيش التركي في بيانها «القوات المسلحة التركية عازمة بكل ثبات على محاربة الارهاب، والحقيقة التي لا جدال فيها اننا سنرد على هذه الهجمات» مشيرة الى سلسلة من ضربات المقاتلين الاكراد ضد اهداف مدنية وعسكرية في تركيا. وأضافت «حان الوقت لرؤية حقيقة هذه الاحداث»، مهاجمة منظمات وأفراداً

قالت انهم يستغلون افكار الديموقراطية والحرية «كستار» للدفاع عن الارهاب.

ورأى مراقبون هذا الانتقاد موجهاً بشكل خاص الى الاتحاد الاوروبي الذي تطمح تركيا إلى الانضمام اليه، في وقت يقول الجيش ان الاصلاحات التي يطالب بها الاتحاد الاوروبي تعوق جهوده للقضاء على الارهاب. كما هاجم البيان بشكل غير مباشر الليبراليين الذين يطالبون بمنح الاقليات العرقية المزيد من الحريات، قائلا ان ذلك يضر بأمن ووحدة الامة.

الى ذلك أدى بيان هيئة الاركان الى خفض الليرة التركية في الاسواق بنحو واحد في المئة.

ونفد صبر الجيش والحكومة التركية بدرجة كبيرة من سلسلة الهجمات على اهداف مدنية وعسكرية في تركيا شنها مقاتلو حزب العمال الكردستاني المحظور الذي يعمل من المنطقة الكردية في شمال العراق.

وقتل يوم الاثنين الفائت سبعة من قوات الامن التركية حين هاجم متمردو حزب العمال الكردستاني مقر قيادتهم في اقليم تونجلي شرق تركيا، في واحد من أكثر الهجمات دموية من حيث عدد القتلى منذ نحو عام.

وفي مايو الفائت قتل ثمانية مواطنين أتراك حين فجر مهاجم، قالت السلطات انه من اتباع حزب العمال الكردستاني، نفسه في مركز تجاري في انقرة العاصمة التركية الآمنة بدرجة كبيرة.

وقال مسؤول عسكري تركي الأربعاء الفائت إن القوات التركية نفذت «عملية محدودة» في شمال العراق في الأيام الأخيرة في إطار تعقب المتمردين الأكراد.

وقال المسؤول الذي تحدث شريطة عدم الكشف عن اسمه «لا يمكن أن تسمى تلك عملية عبر الحدود... إنها عملية محدودة»، مشيرا الى انه ليس غريبا أن تشن القوات التركية غارات «مطاردة فورية» عبر الحدود الجبلية مع العراق حيث يعتقد أن ما يقدر بنحو 4 آلاف من متمردي حزب العمال الكردستاني المحظور مختبئون هناك.

ويقول محللون ان توغل تركيا عسكريا بشكل كبير في شمال العراق لا يزال غير مرجح نظرا للمخاطر السياسية والدبلوماسية والامنية، لكن مع اقتراب الانتخابات في يوليو القادم يضغط الرأي العام على الحكومة والجيش ليتشددا في موقفيهما.

انسحاب «الوطن الأم»

في غضون ذلك أعلن المسؤول الكبير في حزب «الوطن الأم» التركي سليمان ساريباس ان الحزب الذي ينتمي لتيار يمين الوسط لن يشارك في الانتخابات البرلمانية المزمع إجراؤها في 22 يوليو المقبل.

ويأتي هذا القرار في أعقاب فشل اندماج مزمع بين «الوطن الأم» وبين حزب «الطريق الصحيح» المنافس الذي ينتمي أيضا لتيار يمين الوسط والذي غير اسمه إلى حزب «الديموقراطيين» .

ويقول محللون سياسيون إن الانقسامات والاتهامات المتبادلة بين الحزبين ذوي التوجه العلماني قد تساعد حزب العدالة والتنمية الحاكم الذي ينتمي أيضا لتيار يمين الوسط، ولكن له جذور إسلامية. ويتوقع على نطاق واسع أن يفوز حزب العدالة والتنمية في انتخابات يوليو المقبل.