رغم أنها كسواها من آلاف القرى المصرية ذات الشوارع الترابية والوجوه السمراء التي تركت عليها شمس الصيف أثرها الداكن، إلا أن قرية «أبو رواش»، جنوب القاهرة، تختلف عنها بشهرتها بتربية الثعابين والزواحف وصيدها. تخطت شهرتها المحليّة إلى العالمية علماً أن ليس بين أهل القرية من يعمل في هذه المهنة إلا عائلة واحدة هي عائلة «طلبة» التي اعتاد أطفالها الإمساك بالثعابين قبل أن تعتاد أيديهم الإمساك بالملعقة. تمتهن هذه الحرفة منذ عشرات السنين وأضحت لها راهناً مشاركات في معارض دولية لبيع الثعابين والزواحف ويزورها المشترون من الولايات المتحدة ودول أوروبية. «التعامل مع الثعابين أسهل ما يمكن». هكذا بدأ الحاج نصر طلبة عميد العائلة حديثه عن الثعابين التي يرافقها منذ طفولته ويعتمد على صيدها وتربيتها كمصدر رزق لعائلته. قطن أجداده القدامى أولاد طلبة قرية «أبو رواش» وهي جزيرة قديمة كان اسمها «أبو رواس» (اسم فرعوني قديم يعني القرية الساحلية) وكانوا يتركون جزيرتهم قاصدين هضبة الهرم لصيد الثعابين والغزلان لأكلها. بقي هذا الوضع حتى افتتحت جامعة فؤاد الأول، في القاهرة اليوم، وتضمنت الكليات العلمية التي يعتمد أساتذتها في إجراء بعض تجاربهم على الزواحف والحيوانات البرية التي يصطادها أهل القرية. عندئذ أصبح صيد الثعابين مصدراً لرزقهم حتى بداية الستينات عندما التقى نصر طلبة بالأميركي يوفال، الدكتور المتخصص في دراسة علم الحيوان فنصحه بتربية الثعابين وتصديرها والإفادة منها بشكل أكبر واتفقا على صفقة مفادها أن يرسل نصر عينة هي عبارة عن عدة ثعابين إلى يوفال لقاء مبلغ قدره 50 دولاراً أميركياً. بالفعل، أرسلت الثعابين في الموعد المحدد. إلا أن يوفال دفع ثمنها 3000 دولار. دخل نصر عالم تجارة الثعابين والحيوانات البرية وأقام عدة معارض عالمية في إيطاليا وفرنسا والإمارات وعمان. اليوم يتخذ من مدينتي الغردقة وشرم الشيخ مقراً دائماً لمعارضه.تعلّم طلبة من الكثير من الثعابين، يقول: «كل ثعبان أصطاده يعلمني كيف أصطاد الثعبان التالي. تعلمت أيضاً أنه لا غرور مع الثعابين وأن من الضروري الاحتراس منها في كل الأوقات». يروي طلبة أنه كان ذات يوم وابن عمه في مدينة كوم حمادة في محافظة البحيرة وكانا يصطادان الحية القرعاء. وجد أثرها على الأرض وسار خلفه حتى عثر على جحر فأر فوضع يده فيه باحثاً عن أي ثعبان فلدغته الحية القرعاء في إصبعه وحين صرخ أسرع إلى جرح إصبعه بسكين حتى كادت تنفصل العقدة الأولى نهائياً، ثم حملوه إلى الطبيب الذي أجرى له عملية جراحية.انواعهاعن أنواع الثعابين يقول طلبة: «هناك 36 نوعاً في مصر وحدها، منها 10 أنواع سامة و26 غير سامة. ينقسم السام إلى عائلتين: عائلة الكوبرا وعائلة الحيات. تنقسم عائلة الكوبرا أربعة: الكوبرا المصرية الموجودة في البحيرة وبني سويف وقد يصل وزنها إلى 5 كيلوغرام وهي أطول ثعبان في مصر يصل طولها إلى مترين. الكوبرا البخاخ في أسيوط وقنا ويصل وزنها إلى كيلوغرام ولا يزيد طولها على 180 سنتيمتراً. الكوبرا البرجيل وموطنها شمال سيناء ومرسى مطروح ويصل وزنها إلى كيلو ونصف كيلوغرام وطولها إلى متر ونصف متر. الكوبرا الإنكليزية وهي سوداء اللون جاءت في صناديق الاحتلال الإنكليزي واستوطنت في الإسكندرية ومرسى مطروح ويصل طولها إلى متر ونصف متر ووزنها قد يصل إلى كيلوغرام ونصف كيلوغرام.أما العائلة الثانية وهي عائلة الحيات فتشمل ستة أنواع: الحية المقرنة ولا يزيد طولها على 60 سم ووزنها على 250 غراماً. الحية القرعاء لا تزيد على 25 سم ويتراوح وزنها بين 50 إلى 100 غرام. الحية الفرعية الحمراء والغريبة السوداء هما أخطر أنواع الحيات ويتراوح طولهما بين 20 و 60 سم ويصل وزنهما إلى 200 غرام. الحية الكاذبة وسميت كذلك إذ تنفث سُمَّا بطيئا ويصل وزنها إلى 250 غراماً وطولها إلى 70 سم. الحية الفارغة وهي غير سامة ومن الأنواع النادرة في مصر. يشير طلبة إلى أن عائلة الثعابين المصرية تتضمن الثعبان الأرقم الأحمر وهو غير سام ويوجد في صحارى مصر ويتراوح وزنه بين 250 و 500 غرام وطوله 1.70سم والثعبان الجداري، يعيش في جدران البيوت القديمة ويصل طوله إلى متر ونصف متر ويزن 200 غرام والأزرود الجبلي يتميّز بلونه الأصفر كلون الرمال ويعيش في الصحراء وهو غير سام والأزرود البيتي وهو موجود في المناطق الزراعية والريف ولونه أسود وثعبان البسباس وسمي بالبرنس لأنه يحمل تاجاً على رأسه وهو غير مؤذ يعيش في سيناء، يبلغ طوله 30 سم ووزنه 50 غراماً و ثعبان الوليد الأسود ويصل طوله إلى متر ونصف متر ووزنه إلى كيلو ونصف كيلو ويتميز بسرعته.لكن أخطر أنواع الثعابين عالمياً ـ بالنسبة لنصر طلبة ـ هي الحية ذات الجرس الأميركية «البلاك حمبا» ويصل طولها إلى 5 أمتار ويجمع في لونه ألوان الطيف. موجودة في أميركا وأستراليا. والأناكوندا التي يصل طولها إلى 12 متراً وتعيش في نهر الأمازون ويبلغ وزنها نحو 300 كيلوغرام. هناك أيضاً الألبينو وهو ثعبان يولد من تهجين الثعبان الهندي مع بايتون السجاد وهو نادر ويصل عمره إلى 5 سنوات وسعره إلى أكثر من 5000 جنيه.يشرح نصر طلبة طريقة تعامل عائلته مع الثعابين، مشيراً إلى أن هذا التعامل قائم على اللمس، لذا يبدأ أطفال بيت طلبة علاقتهم بالثعابين في عمر العامين أو الثلاثة. يضع الأهل ثعباناً لا يعض وغير سام قرب أطفالهم في عمر 4 أو 5 سنوات فيبدأون بالإمساك بالثعبان. بعد سن 12 أو 13 يبدأ تعامل الأطفال مع الثعابين السامة.يوضح طلبة أن معامل المصل واللقاح المصرية والعالمية في طليعة زبائنه. الغريب أن الكوبرا لا يخرج من كل عشرين منها أكثر من غرام واحد من السم سائلاً ويخفف ليصبح نصف غرام. من هنا فسّر نصر طلبة تفضيل الملكة المصرية القديمة كليوباترا «الكوبرا» لتموت بلدغتها لأن سمها بارد.عن طعام الثعابين يذكر نصر طلبة أن المصرية منها تأكل مرة كل ثلاثة أو أربعة أشهر بينما لا تصبر الثعابين الأميركية على الجوع أكثر من خمسة أيام. من طعامها الفئران. أما الأناكوندا المفترسة فلا تأكل إلا الإنسان.
توابل
أسرة مصرية فريدة في الصحراء أطفالها يداعبون الثعابين قبل بلوغ عامهم الثالث
23-09-2007