يصطدم الكثير من العاملين في الإعلام والصحافة بالقيود الصارمة المفروضة عليهم من قبل القائمين على المؤسسة العامة للتأمينات الاجتماعية، ويتطلعون اليوم إلى فتح قنوات جديدة مع قياديي المؤسسة وتعزيز مفهوم الشفافية والابتعاد عن سياسة الاستعباد. تعتبر المؤسسة العامة للتأمينات الاجتماعية إحدى أهم المؤسسات في الدولة، وتشهد على ذلك سمعتها الطيبة دوليا ومحليا في كل الأوساط الاقتصادية والاجتماعية والسياسية، بل وتعد مفخرة للكويت في الخارج، وذلك استنادا إلى إشادة خبراء أجانب ودوليين بطريقة تعاملها الاقتصادي والاستثماري المتميز.إلا أن ما يعيب هذا الصرح الراقي سياسة الانغلاق الإعلامي، التي تنتهجها منذ فترة من الزمن، فيبدو عمليا أن الكل يعلم ما يجري في أروقة هذه المؤسسة إلا... السلطة الرابعة!وفي وصفه لها يقول الفيلسوف البريطاني الشهير إدموند بيرك «هناك ثلاث سلطات في البرلمان، إلا أن في شرفة المراسلين تجلس السلطة الرابعة، وهي أهم من تلك مجتمعة».فعلى الرغم من السعي الدؤوب لعدد من الصحافيين «ذوي الخبرة»، مع التشديد على الخبرة لأنه وببساطة لا تحبذ الصحف إرسال محررين تلامذة إلى هذه المؤسسة من باب احترام مكانتها والقائمين عليها، فإنهم غالبا ما يفاجأون بالإجراءات التي تنتقص من كرامتهم، وغالبا ما يعودون إلى مقر صحفهم خالي الوفاض ويغمرهم إحساس بأنهم عبيد، فغالباً ما تغلق ابوابها بوجه هذا أو تعامل ذاك أو تلك كما لو أنهم لصوص أو دخلاء أو شحاذين في أفضل الاحوال.فلماذا يعامل الإعلاميون إذن كعبيد إذا كانوا في الأصل «سادة» حسب توصيف الفيلسوف بيرك؟ فالعبد فقط مضطر إلى أن يساير ويطيع ويلتزم وينحني، أما السيد فهو أكثر حرية وقدرة على التحرك والإفلات والمناورة والتحرر والتمرد، وبالتالي فهو أكثر قدرة على العدل والموضوعية والإنصاف.وعلاوة على انعدام الشراكة الإعلامية بين المؤسسة والصحافة وافتقار صفحات الجرائد اليومية إلى أخبار المؤسسة إلا في ما ندر، يسود اعتقاد غير مقنع إلى حد ما في الأوساط الصحفية مفاده أن السبب وراء القصور الإعلامي فيها هو ضعف أجهزتها الإعلامية الداخلية وابتعاد العاملين في مكتب العلاقات العامة والإعلام فيها عن العمل الاعلامي، وعدم اتباع نهج السياقات الاعلامية المهنية، أو حداثة تجربة العمل الاعلامي لدى الموظفين، لكن هذا التفسير يفتقر وبشكل أساسي إلى الواقعية والمصداقية، حيث ان مؤسسة التأمينات الاجتماعية واحدة من أبرز المؤسسات الحكومية في الدولة إعلاميا وتكنولوجيا، وتتمتع بقوة الامكانات الفنية والتقنية المتوافرة بـ«سخاء»، بدءا بمكاتب قياديي المؤسسة وصولا إلى مكاتب موظفيها الصغار، وتتفوق على كثير من المؤسسات الحكومية الأخرى التي مازالت تعاني أساليب رجعية في إرسال المعلومات والصور إلى الصحف اليومية والوكالات، وبالتالي فالمؤسسة تتبع أحدث الأساليب لإيصال الاخبار والتقارير والصور التي تخص آخر أخبار المؤسسة «النادرة» الى وسائل الاعلام العاملة، سواء كان ذلك من ناحية الخبر المطبوع أو المحفوظ على أقراص مدمجة، وأحيانا عن طريق البريد الإلكتروني. ما غفل عنه القائمون على المؤسسة هو أهمية إيصال المعلومات التي يطلبها الإعلاميون للمؤسسة وكسر القيود المفروضة عليهم، وذلك من أجل إبراز دورها وتسليط الضوء على الجهد المبذول فالشكر لها، والكشف عن الخدمات التي تقدمها إلى نحو 246,560 ألف مشترك، وفق آخر إحصاءاتها المعلنة إلكترونيا وليس إعلاميا! إن أقل ما يطلبه الإعلاميون اليوم من المؤسسة هو وضع آليات واضحة وفعالة تعزز الشراكة الإعلامية المفقودة وتكرسها بما يضمن تطورها ونجاحها اقليميا ودوليا.
محليات
التأمينات الاجتماعية...قلعة محصنة في وجه الصحافة والإعلام
23-11-2007