تعتبر تربية الأبناء من الأمور المهمة ولا يمكن التعامل معها على نحو عابر. جائز حصول خلاف بين الزوجين حول أسلوب تربية الأبناء إذ يحاول كل من الطرفين إثبات صحة وجهة نظره في أسلوب التربية وفي التعامل مع مشاكل الأبناء. أمور تقليدية تحدث في أي بيت.

Ad

هل نناقش هذه الخلافات أمام الابناء أم بعيداً عنهم؟

تقول هند إبراهيم (35 عاماً): «تتلخص مشاكلي مع زوجي في انتقاده الدائم لي أمام الأبناء حول الطريقة المُثلى لتربيتهم. ما لاشك فيه أن ذلك يأتي بنتائج عكسية إذ يعمل لمصلحة الأولاد. لكن أسلوبه في السياق هذا غير صحيح. نتيجة ذلك أرسل إلينا الاختصاصي الاجتماعي في مدرسة أحد أبنائي ملاحظة مفادها أن ابني انطوائي ولديه مشكلة نفسية فهو لا يشعر بالأمان بل بالتمزق ولا يعرف الصواب من الخطأ».

تؤكّد ندى شاهين (39 عاماً): «مشكلتي مع زوجي مختلفة كثيراً. يرى غرفة النوم مكاناً مناسبّاً لهذه الخلافات وأيضاً لمناقشة أسلوب تربية الأولاد ما انعكس نتيجة سلبية على علاقتنا فأفقدها دفئها. بمجرد أن نصبح وحدنا نتبادل الاتهامات حول من المسؤول منا عن تدليل الأبناء. لم تعد بيننا أرض مشتركة للحوار. أصبحت أبغض المكان الذي يجمعنا وحدنا. نحن مثاليان أمام الأبناء لكن معاً يبدو الأمر سخيفا جداً».

من ناحيته يشير د.سامي النجار (أستاذ علم الاجتماع) إلى ان مناقشة الخلافات في غرفة النوم تؤثر سلباً على علاقة الزوجين إذ لا يمكن جعل غرفة النوم مسرحاً لمناقشة الخلافات, فالأمر يخلق جواً من المشاحنات والتوتر. لا يمكن الخروج أيضاً إلى مكان هادئ ومناقشة هذه المشاكل بطريقة ندّية لأن التعامل بندّية يوصل الأمور إلى طريق مسدودة. لا بد من أن يكون التعامل شديد الحرص مع الأبناء إذ لا يجوز مثلاً أن يفضي أحد الأبناء بسر إلى أحد والديه فينقله الأخير إلى الطرف الآخر. ذلك يفقد الابن ثقته بهذا الأب أو بهذه الأم ويفسر الأمر على أنه افشاء للسر.

يرى د. غريب أبو زيد (أستاذ علم الاجتماع العائلي) أن لا مانع من الخلاف إذ يجب ألا يتفق الزوجان حول المواضيع كافة. يؤكد الخبراء أن هذا الخلاف يعلّم الأطفال التفرد في الأسلوب. لا يضطرّ الأهل إلى الاتفاق الدائم والكامل حول الطرائق التربوية المُثلى للأبناء. لكل منهما وجهة نظره ورأيه. أقول للوالدين: لا تخافا من أن تختلط الأمور فى ذهن طفلكما لأنه يتفهم، في مثل هذه الحالات، أن مواقفكما ليست متناقضة بل مختلفة فيستطيع التأقلم مع أساليب التربية المختلفة بسهولة تامة. كما أنصح بأن تختلفا أمامه وتتصالحا أمامه. إحرصا كذلك على ألا تُوقعا الطفل في حيرة فينحاز إلى طرف من الطرفين دون الآخر فتصبح العلاقة أشبه بحرب باردة تهدد كيان الأسرة.

يعتبر د. عبدالفتاح إبراهيم (أستاذ علم الاجتماع الإسلامي) أن عناصر الأسرة (الأب والأم والأبناء) هم أساس المجتمع. عدم الاتفاق المطلق حول أسلوب تربية الأبناء وطريقة اختلاطهم بالمجتمع واختيارهم لأصدقائهم من أبرز المشاكل التي تواجه الأسرة. التناقض والازدواجية في التعامل مع الأبناء عامة يعرضانهم للمشاكل النفسية التي تفرز شخصية مشوّهة. لا يجوز لأحد الأزواج فرض شخصيته على شريكه من خلال مخالفته في أسلوب التربية وإصراره على تهميش دوره فلا يدرك أن ذلك يدمر نفسية الأبناء ويتسبب بتذبذب فى قناعاتهم. أخطر ما يواجهه الطفل ذاك التناقض في المعاملة وإصدار الأوامر من جانب والديه فيعاقب على سلوك معين من طرف ويثاب على السلوك نفسه من الطرف الآخر. من النصائح التي أراها مناسبة للتعامل مع مثل هذه المشاكل أن يكون الطفل محور اهتمام المربي مع كيفية التأثير الإيجابي عليه بأيّ وسيلة ممكنة ليكسب فكره وعواطفه وتوجهاته دونما حاجة إلى تركيز الاهتمام في الصراع والمواجهة مع الطرف الآخر، إنما في محاولة بذل الجهد في غرس الأخلاق والمبادىء الطيبة في النفس حتى إذا تعرض إلى لمثل هذا الاختلاف استطاع بقناعاته السليمة اتخاذ القرار الصائب.