في الوقت الذي ترتفع فيه الأصوات لإقرار قانون يلزم راغبي الزواج إجراء الاختبارات الصحية قبل إبرام عقد الزواج، لم يكن أمام اللجنة التشريعية في مجلس الأمة سوى إقرار هذا القانون، وعرضه على جدول أعمال مجلس الأمة لإقراره، لتنضم الكويت إلى عدد من مثيلاتها من الدول كالمملكة العربية السعودية التي تلزم إجراء اختبارات قبل إتمام عقد الزواج.

Ad

لكن تساؤلات طرحت نفسها بشأن إمكان إلزام طرفي العلاقة الزوجية بإجراء هذه الاختبارات الصحية قبل إتمام عقد الزواج، خصوصا ان عقد الزواج من العقود الرضائية التي يمكن للمشرع إصدار نص يلزم طرفي العلاقة باتمام تصرف ما وهو ما يفقد طبيعة عقد الزواج لكونه من العقود الرضائية والتي تشترط رضاء طرفي العلاقة.

يقول مقرر اللجنة التشريعية في مجلس الأمة النائب حسين الحريتي ان اللجنة التشريعية وافقت على مشروع قانون إجراء الفحوصات للمقدمين على الزواج وقبل إبرام عقد الزواج، لافتا إلى أن المشروع يجعل من أمر الفحص لهم اختياريا، ولايجوز إلزامهم بإجراء مثل تلك الفحوصات، لكن إجراء الفحص يعد إجراء إداريا يلزم اتباعه لكل من يرغب في الزواج.

فحوصات

ويضيف الحريتي قائلا: ان من يرفض إجراء هذه الفحوصات فعليه أن يقوم برفع دعوى قضائية لإثبات زواجه، لأن القانون يحظر على الجهة الإدارية تصديق عقود الزواج إلا بعد إتمام الفحوصات الطبية حسبما ينص التشريع، مضيفا ان عدم إجراء تلك الفحوصات لا يعني عدم صحة عقد الزواج، لأن إجراء الفحص أو عدم إجرائه لايؤثر في صحة أركان عقد الزواج.

ويبين الحريتي قائلا ان هذا التشريع يتشابه مع الإجراء الذي تتطلبه وزارة الدفاع لعسكريها من الحصول على موافقة الوزارة قبل إبرام عقد الزواج، وهنا إذا لم يحصل العسكري على الموافقة لايبطل زواجه، وإنما يعاقب إداريا لعدم حصوله على إذن من جهة عمله، مبينا أن قانون الفحص قبل الزواج يتماثل مع إجراء وزارة الدفاع تجاه عسكريها، إذ ان على كل الراغبين بالزواج في الكويت إجراء الفحص الطبي قبل الزواج.

وعن إمكان تطبيق هذا التشريع في الكويت قال الحريتي «من الممكن تطبيق هذا التشريع وهو ليس بغريب على المجتمع الخليجي، لكونه مطبقا في المملكة العربية السعودية، ولا يتعارض مع أي نص دستوري أو شرعي، لأن القصد من هذا التشريع هو التنظيم، مبينا أن الأسباب التي دعت إلى إقرار هذا المشروع تتمثل في اكتشاف الأمراض الوراثية، والتي أثبتت الدراسات أن ارتباط الزوجين مثلا من أسرة واحدة سيترتب عليه وجود جنين مشوه أو طفل معاق أو وجود أمراض معدية.

نتائج

وعما إذا كانت النتائج، التي سينتهي إليها الفحص الطبي، سلبية وعن تأثيرها على إبرام عقد الزواج قال الحريتي انه «في حالة انتهاء نتيجة الفحص الطبي إلى وجود أضرار في حالة إتمام الزواج أو وجود مرض معد لدى طرفي العلاقة، ولا ينصح بالزواج ورغب طرفا الزواج في إتمامه على الرغم من ذلك، فإنه لامانع وفق مشروع القانون من إتمام عقد الزواج، مشيرا إلى أن القصد من المشروع ليس وضع شروط لإبرام عقد الزواج، وإنما القصد منه تفادي الأمراض المتوقع حدوثها في حالة إتمام الزواج.

وأوضح الحريتي أن التقدم العلمي في المجال الطبي كفيل بكشف الكثير من الأمراض التي قد تصيب طرفي العلاقة الزوجية، أو الأمراض المتوقع حصولها على الأبناء في حال إتمام الزواج، والقصد من هذا المشروع هو تفادي تلك الأمراض، وليس القصد منه التضييق على الراغبين في الزواج.

حرية

أما المحامي المتخصص في قضايا الأحوال الشخصية عبدالله التركيت فيقول إن هذا القانون حال إقراره فإنه سيحقق مصلحة عامة تدفع بالأمراض الوراثية والسارية جانبا، ومن الوجهة القانونية طالما كان هذا القانون يحقق مصلحة عامة فلا يوجد ما يمنع من اقراره، لافتا إلى أنه على الرغم من وجود من ينادي بمخالفة هذا القانون للحرية الفردية المكفولة بالدستور، وهي هنا حرية الفرد بالزواج ممن يشاء إلا أن هذا القول مردود بأن المصلحة العامة مقدمة على الحرية الفردية، وان في إقرار هذا القانون حماية للمصلحة العامة للدولة التي تتأسس على الأسرة التي هي قوام المجتمع.

ويضيف التركيت: إن الدستور الكويتي أكد دور الأسرة في بناء المجتمع، وهذا يتضح من نص المادة التاسعة الا وهو «الأسرة أساس المجتمع وقوامها الدين والأخلاق وحب الوطن، يحفظ القانون كيانها ويقوي أواصرها ويحمي في ظلها الأمومة والطفولة»، ولم ينس الدستور مكانة الأسرة ودورها في بناء العنصر البشري للدولة كي تناهض بقية الأمم، وتلحق بركب مثيلاتها من الدول المتحضرة، وكان نصب عين الدستور الأمومة والطفولة باعتبارهما أساس الأسرة والمجتمع.

صيانة

ويقول التركيت ان على الحكومة ومجلس الأمة مجتمعين وضع الأسرة والطفولة نصب أعينهم عند مناقشة هذا القانون، لأن أهميته تتمثل في صيانة الأسرة قبل بذر بذرتها بالزواج، مشيرا إلى أن هذا التشريع يتوافق مع الدستور والقانون.

ويوضح التركيت أنه يتعين مراعاة عدة قضايا لدى مناقشة مثل هذا القانون حتى يأتي بثماره المرجوة، وحتى لا يكون حبرا على ورق، أولها اشتراط إلزام الحصول على نتيجة الفحص الطبي قبل الزواج كشرط لانعقاده، ولا يأتي القانون بمجرد توصية وحث للشباب للقيام بهذا الفحص قبل الزواج من غير الزام، وثانيها وضع العقوبات المناسبة لمخالفي هذا الشرط ممن أبرموا عقد زواج بعد تطبيق القانون دون القيام بهذا الفحص الطبي.

توعية

وتابع التركيت ان ثالث تلك الاقتراحات «بأن ينص القانون على حث الجهات الاعلامية والتنفيذية على توسيع حملاتها الاعلامية لتغطية هذا الموضوع لتوعية الشباب والمجتمع بأهمية هذا المطلب، ورابعها تفويض الحكومة ووزير الصحة بسن القرارات الادارية الفنية اللازمة لتطبيق هذا القانون من الناحية العملية، حتى لا نصطدم بمعوقات عملية على أرض الواقع، خصوصا أنها تجربة جديدة على العالم العربي، ولا يمكن الاطلاع على مثيلاتها في الدول المجاورة للاستفادة منها أوتلافي أخطائها».