تشكل الذكرى الثانية لتولي صاحب السمو الشيخ صباح الأحمد لمسند الإمارة محطة مضيئة في مسيرة حاكم ووطن. وهي محطة تختزن امالا بالمستقبل مثلما تنعش الذاكرة كون سموه كان ولايزال حاضراًً في ذهن ووعي وذاكرة الكويت لأكثر من خمسة عقود، اذ كان مشاركاً، فاعلاً، مؤثراً داخل الإطار لا خارجه.

Ad

بل إن سموه كان الحاكم الفعلي منذ اعتلال صحة سمو الشيخ جابر الأحمد -رحمه الله- وكذلك الأمير الوالد سمو الشيخ سعد العبدالله -شفاه الله- متحملاً مقاليد الحكم ومسؤولياته حتى قبل تولِّيه الحكم بشكل رسمي.

ولم تكن تلك الحقبة التي تولى فيها سموه المسؤولية إلا حقبة إنجازات واضحة للعيان يُستكمل فيها إصلاح ما تم إغفاله، أو تناسيه، أو تراجعه. كان واضحاً أنها حقبة التعامل مع الملفات الصعبة بثقة واقتدار ومن دون تردد. فكان أن تم إقرار حقوق المرأة السياسية لينتهي جدل ناقض الدستور وأسسه ردحا من الزمن. وليس بخافٍ على أحد أن حماس سموه قد لعب دوراً محورياً في إنهاء وضع معوج، وإرساء مبدأ دستوري لا شك فيه. وها هي المرأة تثبِّت أقدامها كما كان متوقعاً، بل ربما أفضل مما كان متوقعاً.

وتزامنت مع ذلك خطوات محورية في طريق تعزيز الديموقراطية، فأُطلقت حرية إصدار الصحف، وعُدلت الدوائر الانتخابية إلى خمس بدلاً من خمس وعشرين، وصمد مبدأ فصل ولاية العهد عن رئاسة الوزراء.

بل إن تنصيب سموه جاء خلافاً لما اعتدنا عليه، مرسخاً مبادئ لم تمارس من قبلُ، ومبرزا ممارسة ديموقراطية عجزت عنها ديموقراطيات عريقة، فما بالك في منطقة تعاني جدباً ديموقراطيا؟! وكانت كل تلك الإنجازات تتم في أجواء من الحراك السياسي الحاد والجدل الاجتماعي المشتت، دفعت إلى السطح مقولات الحل غير الدستوري كمخرج، لكن سموه كان واقفاً كالطود الأشم في وجه تلك المقولات، معلنا في كل لحظة التزامه بالدستور، فكان منه وعد والتزام لا يتزحزحان.

ونحن إذ نتوجه إلى صاحب المقام الرفيع صاحب السمو الشيخ صباح الأحمد بالتهنئة، فإننا نعاهده على المضي قدما معه في هذا الطريق الذي سار فيه من دون تردد، طريق يقود الكويت إلى مسيرة تنموية مستقرة، كويت الانفتاح لا الانغلاق، كويت الحريات والعدالة والمساواة.

الجريدة