تأليف: د. فلاح عبدالله المديرس

الناشر: دار قرطاس للنشر

Ad

يقول مؤلف كتاب «حزب التحرير في الكويت» .د فلاح عبدالله المديرس: «إنها محاولة اولية لاستعراض ملامح حزب «التحرير» وأفكاره ومواقفه في الكويت وهو الذي يشكل جزءا أساسيا من تنظيمات الاسلام السياسي في العالم العربي والاسلامي والذين يدعون إلى اقامة الدولة الدينية». ويحصي الكاتب رقما يتعدى الخمسين حزبا وحركة وتنظيما سياسيا اسلاميا في العالم العربي ويعتبر أن نشوء بعض هذه الحركات في الكويت هو أمر طبيعي في المجتمع مثل المجتمع الكويتي المسلم الذي ما زالت تسوده تقاليد قبلية محافظة فتنتعش فيه الجماعات والحركات الأصولية.

تأسس حزب التحرير في العام 1954 على يد الشيخ تقي الدين البنهاني في فلسطين على اثر النكبة. كان مؤسسه على علاقة بجماعة الإخوان المسلمين فأخذ الحزب على الجماعة اهمالها المطالبة بإقامة الدولة الاسلامية وتنصيب الخليفة. ويعتمد هذا الحزب في مناهجه وأفكاره على مؤلفات وضعها مؤسسه وفكرة المركزية التي يدعو إليها وهي الدولة الاسلامية. ينبغي على العمل السياسي للحزب ان يمر في مراحل ثلاث قبل الوصول إلى هذه النقطة السرية ثم العلنية والمرحلة التنفيذية. أنشأ دستورا بهذا الخصوص يحوي على 186 مادة وقسم الدول إلى مجموعتين، مجموعة الدول المحاربة: اسرائيل، اميركا، فرنسا، بريطانيا وروسيا، ومجموعة الدول غير المحاربة التي تربطها علاقات حسن جوار مع دولة الإسلام. أما البناء التنظيمي للحزب فيتكون على شكل هرمي تتصدره لجنة القيادة ثم لجنة الولاية في كل بلد يعمل فيه الحزب.

انتشر الحزب في الكثير من الدول العربية، منها الأردن منذ العام 1954 وطاردته السلطات الاردنية بعد محاولته الانقلاب عام 1968 لغاية 1993. لكن على الرغم من الخطر والمطاردة ما زال الحزب يعمل بشكل سري.

في فلسطين اتخذ الحزب مواقف متشددة من الوجود الصهيوني ورفض كل مشاريع السلام مع الكيان الصهيوني ودان القرارات التي وافق عليها الرئيس الراحل ياسر عرفات ومنها القرار 242 واتفاق اوسلو.

سوريا

وفي سوريا لم يحظ هذا الحزب بوجود رسمي وبامتداد شعبي على الرغم من تأسيسه عام 1955 ولوحق، فظل يمارس انشطته السرية وأُطلق العام 2001 حوالى 200 عضو من أصل 300 كانوا مسجونين في السجون السورية إلا أن قادته ما زالوا معتقلين.اما في لبنان، ساهمت في انتشاره مجموعة من الطلاب الاردنيين الذين قدموا للدراسة في الجامعات وتمكن الحزب من الحصول على ترخيص رسمي عام 1959 سمح له بممارسة نشاطه واطلق مجلتي «الحضارة الاسبوعية» و «الوعي» وتعرض في ما بعد لملاحقات واعتقالات. في العراق تقدم الحزب بطلب إجازته رسميا عام 1954 إلا ان الحكومة رفضت طلبه. من أبرز قادته: عبدالعزيز البدري وابراهيم مكي وصالح سرية وطالب السامرائي. هاجم ما سمي بحلف بغداد والاتفاقية العراقية ـ البريطانية حول النفط عام 1955. عندما بدأت حرب التحرير دعا الشعب العراقي لمقاومة قوات التحالف.

في مصر كانت مادته التثقيفية كتاب «رسالة الإيمان» (تأليف صالح سرية رئيس التنظيم في العراق) الذي حوى أفكار الحزب فحاولت الجماعة التي اتخذت اسم «شباب محمد مجموعة طلاب شبابية» القيام بانقلاب عرف يومها باسم حادثة «الكلية الفنية العسكرية» في عهد الرئيس أنور السادات إلا أن السلطة تمكنت من القاء القبض على أعضاء الجماعة وأعدم صالح سرية.

وفي السعودية اعتقل في العام 1995 بعض أعضائه. من مؤسسيه الدكتور محمد المسعري الذي أسس «تنظيم التجديد الاسلامي» اعتقل في العام 1993، ثم أسس بعد ذلك لجنة «الدفاع عن الحقوق الشرعية في الجزيرة العربية». من أهداف التنظيم اقامة الدولة الاسلامية وهو نسخة عن حزب «التحرير» بعدما تبنى أفكاره جميعها. في اليمن كان وجوده ظاهرا إثر أحداث «صعدة» التي قادها بدر الدين الحوثي بعد ما نصب نفسه زعيما لجماعة الشباب المؤمن وأميرا للمؤمنين. على أثر توزيع منشور يدين الوجود الاميركي في اليمن عام 2004، تمت جملة اعتقالات بحقه وما زال يعمل سريا، أما تونس فلم تنج من وجود هذا الحزب منذ عام 1983 وقد تعرضت قيادته للمطاردة والاعتقالات، وظل حضوره مقتصرا على المساجد والمحافل الدينية. اعتقل الكثير من أعضائه في عامي 1990 و1991 وهو ما زال يعمل بشكل سري ويدعو إلى إقامة دولة الخلافة. وفي ليبيا، انتشر الحزب في اواخر الستينات بين الطلاب في المدارس وكان من معارضي انقلاب معمر القذافي العسكري والسياسي وعانى من المطاردات والاعتقالات في عام 1973 ومازال ملاحقا.

الكويت

يقول مؤلف الكتاب إنه قبل ظهور الحركات والجماعات الدينية العقائدية الحالية في دولة الكويت، عرفت هذه الأخيرة اتجاهين دينيين: «المتطرف والمتسامح» ساهم المتسامح كثيرا في تطوير المجتمع الكويتي، مشيراً إلى أن المتنورين الكويتيين الذين يمثلون رواد النهضة الحديثة دعوا إلى انشاء المدارس وتعلم العلوم الحديثة. شهدت دولة الكويت في عهد حكم الشيخ الأمير عبدالله السالم انفراجا ديموقراطيا أدى إلى ظهور الاندية الثقافية والروابط الشعبية والاتجاهات السياسية التي مثلت الاحزاب المختلفة في المشرق العربي. اتاحت هذه الحالة ظهور أربعة تيارات إثر نكبة فلسطين: تيار الفكرة الاسلامية وتيار القومية العربية وتيار المصلحة الاقليمية وتيار النزعة الإنسانية وغيرها من فروع لتيارات حزبية عربية واسلامية من بينها حزب «التحرير» الذي تفرع عن حركة القوميين العرب آنذاك. ويذكر الكاتب ان حزب التحرير لم يسجل على الرغم من نشاطه أي نجاح في استقطاب الكويتيين. بعد استقلال الكويت عام 1961 وتحولها إلى إمارة دستورية انتخب اول مجلس نيابي عام 1963، لم يشارك حزب التحرير بالانتخاب لأنه كان يرى أن الديموقراطية تتناقض مع الإسلام وفشل في تكوين قاعدة شعبية له في الكويت نظرا إلى عوامل عدة، يذكرها الكاتب في كتابه (ص56-60)، فعندما احتل الكويت من قبل نظام صدام حسين لم يشارك اعضاء حزب التحرير في المقاومة المدنية والعسكرية ضد قوات الاحتلال العراقي خلافاً للجهات والقوى السياسية الاخرى.

الخروج إلى العلن

خرج حزب التحرير إلى العلن في مرحلة بعد تحرير الكويت من الاحتلال على أثر التطور العام الذي شهدته الساحة السياسية الكويتية على صعيد العمل الوطني إذ أعلنت سبع قوى سياسية عن نفسها ولم يتردد أعضاء حزب التحرير عن التشهير بالنظام السياسي ودعوا إلى اقامة دولة الخلافة. حاول الحزب تنظيم ندوة علمية عام 2004 بعنوان «الحملة الاميركية على الاسلام» إلا أن جهاز امن الدولة اعتقل مجموعة من اعضائه. بالنسبة إلى الوجود الاميركي في الكويت رفض حزب «التحرير» الاتفاقية الامنية التي عقدتها دولة الكويت بعد التحرير لأن الشرع الاسلامي يحرم مثل هذه الاتفاقيات بنظره التي تسمح

لـ «الكفار» بأن يسيطروا على مقدرات المسلمين. يقول الكاتب:

«عام 2007 تعرض الحزب المذكور للكثير من المطاردات والاعتقالات على اثر شكوى تقدمت بها السفارة التركية في الكويت تفيد عن تعرض المصالح التركية للتهديد من قبل بعض الاشخاص». ويخلص المؤلف إلى القول: «بغض النظر عن مدى نجاح حزب التحرير وفشله باقامة دولة الخلافة إلا أن جماعات الاسلام السياسي المتمثلة في جماعة الاخوان المسلمين والجماعة السلفية بمختلف تياراتها لا تختلف ايديولوجيتها مع مفاهيم حزب التحرير وافكاره».

الكتاب موثق ويعتمد على المصادر والمراجع الهامة والكثيرة من كتب ودوريات وبيانات بالاضافة إلى ملاحق ضرورية عدة تعتبر وثائق هامة ومصادر يعتد بها.