في الوقت الذي ترى فيه أطراف في الحكومة أولوية مشروع ضريبة الدخل في الكويت، ضمن أولويات حزمة مشروعات الإصلاح الاقتصادي. يبدو ان بعض الاقتصاديين يعتقدون بوجود أثر سلبي لهذه الضريبة على النشاط الاقتصادي مما يؤدي إلى تدهور معدلات النمو في الناتج المحلي الإجمالي. يسند اعتقاد الاقتصاديين وجود اثر سلبي للضريبة على النشاط الاقتصادي نتائج لبعض الدراسات المتعلقة بأثر الضرائب عموما وضريبة الدخل بوجه خاص، التي انتهت إلى أن البلدان التي لا تفرض مثل هذه الضريبة أو تفرضها بمعدلات منخفضة تحقق معدلات نمو اقتصادي أعلى بالمقارنة مع البلدان التي تطبق ضريبة دخل مرتفعة نسبيا أو تفرض حزم ضرائب أخرى عالية. على سبيل المثال عرض أحد الباحثين (البروفسور ريتشارد فيدير من جامعة أوهايو، أثينس في عام 2002) بعض المقارنات للتأكيد على الأثر السلبي لضريبة الدخل، حيث قارن بين السويد ذات معدلات الضريبة العالية نسبيا، وبين ايرلندا التي تتمتع بواحد من أدنى معدلات الضريبة في العالم، مشيرا إلى أن السويد كانت من بين الدول الثلاث أو الأربع الأغنى في العالم في عام 1970، بينما لم تعد ترد اليوم حتى ضمن قائمة الدول الخمس عشرة الأغنى في العالم، أما ايرلندا فأشار إلى ما حققته من معدل نمو اقتصادي قياسي في التسعينيات. كما عقد مقارنة بين ولايتين أميركيتين في الشمال الشرقي للولايات المتحدة متماثلتين في طبيعة المناخ والجغرافيا وتشكلان امتدادا طبيعيا لبعضهما البعض، وهما فيرمونت ذات معدلات الضريبة العالية ونيوهمشاير، وهي الولاية الوحيدة التي لا تفرض ضرائب على الدخل أو المبيعات في الولايات المتحدة. حيث أشار إلى أن متوسط الدخل في الأخيرة كان أعلى بمعدل 34% عن نظيره في فيرمونت في عام 1929، بينما أصبح في عام 2000 أعلى بمعدل 149%. وفي نفس السياق قارن بين جارتين أخريين هما كنتاكي ذات معدلات الضريبة العالية وتنسي التي لا تفرض أي ضرائب على الدخل، حيث يزيد كل من إجمالي ومتوسط الدخل في الأخيرة مقارنة بالأولى بنحو 51% و8 على التوالي. كما قارن بين ولايتي فلوريدا التي لا تجبي ضرائب دخل وكاليفورنيا التي يتسم نظامها الضريبي بالمعدلات العالية، حيث أشار إلى أن متوسط دخل المواطن في فلوريدا في عام 1929 كان أقل بنحو 53% من نظيره في كاليفورنيا، بينما هو اليوم أعلى بنسبة تزيد على 86% مقارنة بنظيره في كاليفورنيا. ويشير الباحث إلى أن أكثر من 2.8 مليون نسمة من سكان الولايات الـ41 التي تفرض ضرائب دخل على مواطنيها قد نزحوا خلال الفترة من عام 1990 إلى عام 1999 إلى الولايات التسع التي لا تفرض مثل هذه الضريبة. ولكن دراسات أخرى تشير إلى خلاف ذلك، فمن بين تسع ولايات أميركية استحدثت أنظمة ضرائب دخل واسعة منذ عام 1967، شهدت ست منها، منذ ذلك الحين وحتى عام 1998، معدل نمو لمتوسط دخل الفرد يزيد على متوسط معدل النمو القومي لدخل الفرد على مستوى الولايات المتحدة قاطبة. وفي السياق ذاته فإن أربع من الولايات التسع التي لا تجبي ضرائب دخل، شهدت خلال الفترة 1991 - 1998 معدل نمو منخفضا في متوسط دخل الفرد بالمقارنة مع معدل النمو في هذا الدخل على المستوى القومي. ولذا لا يمكن تأكيد المقارنات التي تربط تباطؤ النمو الاقتصادي بمعدل الضريبة من خلال الدراسات الميدانية، كما أن معظم الأدبيات الاقتصادية تشير إلى تعدد وتشعب العوامل والسياسات التي تحفز النمو الاقتصادي وتؤثر في معدلاته. ولعل النظر إلى مدى الارتباط بين ضريبة الدخل ومؤشر التنافسية الدولية الذي يصدر عن المنتدى الاقتصادي العالمي وهو مؤشر مركب من عدد من المقاييس التي تحدد نقاط القوة والضعف في الاقتصادات الدولية يمثل معيارا أفضل للتحقق مما إذا كان وجود الضريبة يشكل عاملا رئيسيا للحد من النمو الاقتصادي. ويتبين من الجدول التالي عدم وجود علاقة ارتباط واضحة بين معدلات الضريبة وترتيب الدول على سلم التنافسية الدولية.
اقتصاد
ضريبة الدخل في الكويت والنمو الاقتصادي؟
12-10-2007