لم يعد الفنان يحيى الفخراني أحد نجوم الدراما التلفزيونية وأبرز طقوسها المفضلة فحسب، لكنه نموذج للعبقرية الفنية القادرة على إحراز النجاح ببساطة وسلاسة دائماً ومهما كانت ثغرات النص الذي يتصدّى لتقديمه، مثلما حدث مؤخراً في «يتربى في عزو» أحدث أدواره التلفزيونية التى نال عليه جائزة «أحسن ممثل» من مهرجان الإعلام العربي. وبقدر ما أسعدته هذه الجائزة، عادت فأحزنته شكك البعض فى استحقاقه لها ما دفعه للاعتذار عن تسلمها والتبرع بقيمتها للحالات الحرجة كما أعلن من خلال أحد البرامج التلفزيونية. عن الجائزة وجديده في التمثيل معه هذه الدردشة:لماذا تنازلت عن جائزة «أفضل ممثل»؟تراجعت عن الجائزة بعدما فوجئت بحملة هجوم بشعة من الصحف وبعض البرامج التليفزيونية التي استضافت أعضاء من لجان التحكيم الذين أكدوا أن الجوائز طالتها يد التزوير، ما أفسد فرحتي بها لدرجة أنني لم استطيع النوم حتى قررت التنازل عنها. لم يأتِ هذا التنازل لأنني لست بحاجة إلى جوائز ولكن لأن الجائزة تأتيني من رد فعل الجمهور بعد عرض أعمالي وتلك أهم وأغلى جائزة من وجهة نظري مع كامل احترامي لكل النقاد ولجان التحكيم. فالجمهور لا يتذكر من الذي حصل على الاوسكار ولكنه يتذكر الأدوار والأعمال التى حفرت نفسها في قلوبهم .لماذا إذن قبلت تسلّم الجائزة؟تسلّمت الجائزة كي لا أفسد فرحة زوجتي لميس جابر وكي لا يقال إني كنت أريد الانفراد بالجائزة التي اقتسمتها مع الفنان المتميز تيم الحسن، خصوصًا أنني شاركت في ترشيحه لهذا الدور. وما لا يعلمه البعض أن جائزة تيم أسعدتني أكثر من جائزتي، وليس كما جاء على لسان أحد أعضاء اللجنة العليا للمهرجان بأنني اشترطت انفرادي بالجائزة كشرط لتسلمها وهو ما لم يحدث. فلو كنت أسعى لنيل الجوائز من أجل المال كما يردد البعض لما رفضت عرضاً طرح لعبة على شكل حمادة عزو، مع أخرى على هيئة «ماما نونة» استثماراً لنجاح العمل رغم الإغراء المادي الكبير كي لا اتهم بالسعي للتجارة فيه.عندما تقرأ العمل هل تضع أمام عينيك مسألة حصولك على جائزة؟لا يمكن أن أقدم عملاً لا أشعر بالحماس له أو الرضا عنه. كما أنه لابد ان يستفزني العمل كي أنجح فى تجسيده بشكل جيد. عندما عرض مسلسل «يتربى بعزو» وبدأ البعض فى مناداتي بـ «عزو» تأكدت من نجاح المسلسل وأن رهاني كان صحيحًا، لأن الجمهور هو الأصدق في رد فعله ولو لم يفلح العمل فى اجتذابه لما تابعه. ألم تشعر بالخوف من تجسيدك لشخصية حمادة عزو بكل ما فيها من سلبيات؟حمادة عزو نموذج موجود في المجتمع وللأسف بكثرة، وتجسيد نموذج سلبي مسألة لا تقلقني لأنني ممثل مهمتي إلقاء الضوء على النماذج والأنماط كافة بكل ما تحويه، كما أنني كممثل أعشق المغامرة وأحب البحث دومًا عن الجديد، وشخصية حمادة مغرية لتقديمها لأنها «قماشة»عريضة تتيح للفنان إخراج أفضل ما لديه.لكن ألا ترى أن هذه مغامرة؟هي بالفعل كذلك لكنني أغامر من خلالها للدخول في شكل ومضمون جديدَين لأن الجمهور يحتاج إلى نوعيات مختلفة من الدراما كي لا يصاب بالملل، ما يدفعني دائما للبحث عن جديد من خلال إطار فني يحترم المشاهد وعقليته.من المعروف أنك تشارك المخرج فى اختيار فريق العمل فهل وجود الفنانة كريمة مختار في العمل في دور ماما نونا كان اختيارك؟لا أختار من يشاركونني بطولة أي عمل، ورأيي في هذا الأمر «إستشاري» لا أكثر. أتناقش مع مخرج العمل فى مجمل التفاصيل ومن بينها التمثيل كعنصر رئيس ومهم لا يمكن إغفاله وقد تتفق رؤيتنا حول ممثل أو ممثلة، وقد تختلف ليظل الرأي الأخير للمخرج بوصفه مايسترو العمل، لكن في حالة ماما نونا لا أخفي على أحد أنني اشترطت على جهة الإنتاج أن تتعاقد معها وكان المسلسل ما يزال مراحل كتابته الأولى، لأنها عنصر رئيسي و أساسي ولم أتخيل غيرها في الدور وعدم وجودها ربما كان سبباً في احباط المشروع وتعثره، لهذا أصررت عليها والحمد لله شاركني المخرج مجدى أبو عميرة والكاتب يوسف معاطى الرأي.يواصل: لاأنكر أن جزءاً كبيراً من نجاح المسلسل يرجع لماما نونا ولتفهمها للشخصية وتقديمها بهذه الروعة. لهذا فأنا سعيد لأن رهاني عليها كان رابحاً، فما بيننا من تشابه في المشاعر وتلاقٍ في الأفكار انعكس على الشاشة وبالتالي أعجب الجمهور بهذا الثنائي.البحث عن الجيد والجديد مسألة ليست سهلة فكيف تحل هذه المعضلة؟ تجذبني الأدوار الإنسانية. بمعنى أدق كل شخصية أقدمها تمسّ وترًا حساسًا لدى المشاهد الذي يجد نفسه فيها ويتوحّد معها ، لهذا تجدني لا أقدم سوى عمل واحد كل عام من شدة حرصي على الاختيار لأنني أعتز بثقة الناس وأعتبرها مسؤولية كبيرة جداً.لكن الجمهور اعتاد منك اختراق مناطق شائكة في أعمالك؟المناطق الإنسانية هي أيضاً مناطق شائكة، على سبيل المثال أبين من خلال حمادة عزو أهمية التربية فى تقويم سلوك الإنسان، وفى تصوري هذا النوع من الدراما هي التي تدوم أكثر من سواها ورغم هذا قد تفرض الأحداث على اختيار نوعيات مختلفة مثل «سكة الهلالي» والذي كان رد فعل على الانتخابات التى شهدتها مصر مؤخرًا وما حدث فيها من ملابسات، وهكذا أبحث دومًا عمّا يعبّر عن الناس من قضايا وأحلام.تركّز نشاطك في التليفزيون فأين السينما؟التليفزيون جهاز إعلامي خطير وأستطيع القول إنه أصبح الرقم واحد الآن خصوصًا في عصر الفضائيات، والفنان يستطيع من خلاله أن يقدم أعمالاً مهمة جداً وفي مساحة كبيرة قد لا تتوافر له في السينما التي تمر راهنًا بتغييرات كبيرة. السينما لها حسابات أخرى وأنا أمتلك فكراً أسعى لتقديمه وربما لا يتوافق مع آليات السوق السينمائية. وعلى كل حال الفن لا يتجزأ وما من فروق كبيرة بين مجالاته الكثيرة. المهم أن يكون التعبير عن هموم الناس وقضاياهم صادقاً.
توابل - مزاج
بعد اعتذاره عن جائزة أحسن ممثل يحيى الفخراني: لن أقبل بجائزة مشكوك فيها
25-12-2007