أكد د. علي فهمي خشيم رئيس مجمع اللغة العربية في ليبيا على أن اللغة الهيروغليفية المصرية القديمة شكل من أشكال اللغة العربية التي كانت سائدة في المنطقة العربية مثل الآرامية واللوبية القديمة، معتبراً ذلك اكتشافاً علميَّاً جديداً في مجال اللغة. ذاك ما أكده في كتابه الصادر حديثاً تحت عنوان "البرهان في عروبة اللغة المصرية القديمة” الذي يُعدّ ثمرة دأب بحثيّ استمر نحو 15 عاماً.في الندوة التي نظمت حديثاً في مركز الخطوط في الإسكندرية، أشار د. خشيم إلى أن المنهج الذي ينطلق منه يرتكز على وحدة الأمة منذ عصور قديمة يجمع في ما بينها لسان واحد أسماه "العروبية” في بلاد الرافدين وشبه الجزيرة والشام ووادي النيل والشمال الإفريقي إذ لم تكن ثمة اختلافات في اللغة إنما في اللهجات التي تقسمت بابلية أو كنعانية أو مصرية أو لوبية أو عربيّة بفروعها. وأضاف: نتقاسم الآن لغة واحدة هي العربية التي سميت كذلك نسبة إلى جزيرة العرب ذات اللهجات العراقية، الخليجية، السودانية، التونسية والموريتانية. ما من عاقل يعتبر أنَّ هذه اللهجة أو تلك ذات كيان خاصّ أو قومية خاصة أو ما شئت من اعتباره.أكد خشيم أن كلمة "العرب” لم يكن لها وجود إلا مع ظهور الإسلام، والدليل عدم ورودها في الشعر الجاهلي بدلالتها هذه لأنها مصطلح يعني البداوة ليس في شبه الجزيرة وحدها بل في بلاد الشام وصحراء شرق وادي النيل وغربه، كما انها لم ترد في القرآن الكريم إنما وردت "أعراب” بمعنى بدو. الحضارة الفرعونية وكدليل يدحض مزاعم عزلة الحضارة الفرعونية وتمييزها عن غيرها وخاصة في ما يتعلق باللغة، أكد خشيم أننا إذا تمعّنّا في الألفاظ الأولى للحياة البشرية سنجد أن ثمّة ظاهرة تدعو إلى التأمل وفي عدد كبير منها أحادية المقطع وسُجّل ذلك في الآثار المصرية، وهي كذلك في المعاجم العربية وحتى العروبية القديمة، فضلاً عن أن هناك توافقاً تاماً بين المصرية والعربية في الاسم والعدد وعلاقة الجمع والعطف والتثنية والإضافة والمنادى والضمائر وأسماء الإشارة وأداة التعريف والأسماء الموصولة والصفة والأفعال وحروف الجر وأدوات الاستفهام. فصّل خشيم كل ذلك في كتاب آخر تحت عنوان "آلهة مصر العربية”.إلى ذلك يؤكد أن المصرية شاركت العربية في عدد كبير من التصريفات إلاّ أنها تطورت بصورة فاقت غيرها، ومقارنة ببعض العروبيات الأخرى تكشف عن التماثل في ما بينها إذ شاركت المصرية القديمة العربية في اتخاذ التاء للتأنيث واستعمال الواو للجمع.غير أن ثمّة ظواهر بارزة بين المصرية والعربية أهمها القل: وهي أن يُقَّدم حرف في الجذر الثلاثي ليحل محل آخر في الجذر الثلاثي نفسه، يؤخر ويظل المعنى واحداً، مثل (جذب/جبذ، عطس/سعط، لوع/ولع، فرغ/فغر) وهو مايزال في اللهجة المصرية الدارجة (أرانب/ أنارب).وتشاطر المصرية العربية في خاصية خلوها من علامات الحركة. لذا لجأ علماء المصريات إلى تحريك الكلمة إلى رمز صوت يشبه الإمالة في العربية هو (E) يقحم فيها إقحاماً وليس من بنيتها ولا وجود لرمز له في الرموز الهيروغليفية كما لم يثبت أن المصريين القدماء كانوا ينطقونه. وهذا ما نجده في معجم "بدج” الذي نقلنا عنه ما يراه القارئ في هذا المعجم المقارن، بينما حافظ آخرون على بنية المفردة الأصلية من دون أن يضيفوا إليها رموز حركات يفترضونها عند نقلهم الرموز الهيروغليفية إلى الحرف اللاتيني تاركين للقارئ تخمين النطق أو الاكتفاء بقراءة تلك الحروف ومعرفة ترجمة المفردة المقصودة من دون معرفة نطقها الصحيح. فقد كانت الرموز الهيروغليفية تسجّل عادة من اليمين إلى اليسار كالعربية وفي بعض الأحيان من أعلى إلى أسفل خاصة في بعض المعابد أو أضرحة الفراعنة ربما من باب الزخرفة والتزيين اللذين أغرم بهما المصريون القدماء.
توابل - ثقافات
الهيروغليفيّة من صور اللغة العربيّة الفصحى!
16-06-2007