أي فرد لم يتجاوز سن الثامنة عشرة، ويقوم بأعمال متتالية أو أي أعمال تُوكل إليه من قبل الجماعات المسلحة، كالعمل مراسلا أو جاسوسا أو في الطهو أو يتم استخدامه لأغراض جنسية هو من يطلق عليه «الطفل الجندي»، وعلى ذلك تنسحب أمور كثيرة بشأن الحماية الدولية لهذه الفئة، لكن السؤال هو ما حجم هذه الظاهرة عالميا؟

Ad

وتكشف الأرقام الواردة من المنظمات المتخصصة أو التي تعطي جزءا من اهتماماتها وتحركاتها لمسألة استغلال الأطفال في النزاعات المسلحة ان هذه الظاهرة توجد اليوم في أكثر من 50 بلدا، وأن 4 ملايين توفوا من جراء الحروب التي تلت عام 1990، تشكل نسبة المدنيين منهم 90% وان 80% من هؤلاء أطفال ونساء، وتكشف الأرقام أيضا أن 40% من الأطفال المجندين من الإناث، وهو ما يثير مسألة الاستغلال الجنسي أثناء دوران رحى الحرب.

ورغم الجهود الدولية ونشاط المنظمات الأهلية في هذا الشأن، فإن الارقام المتداولة سواء من جهة اللجنة الدولية للصليب الأحمر أو اليونيسيف أو منظمات حقوق الانسان كـ«Amnesty» و«hrw» تبدو مرعبة ومخيفة. وقد عرضت مجلة «الجيش اللبناني» في عدد الشهر الجاري شيئا من تلك الأرقام، فهناك 300000 طفل يتم استخدامهم للقتال في الحروب في شتّى بقاع العالم، ويضاف اليهم 20 مليون لاجئ ومهجر في بلدانهم وخارجها، و5 ملايين أصبحوا في عداد المعاقين، ومليون يتيم، و10 ملايين أصيبوا بإصابات بليغة.

وتأتي هذه الاحصاءات في ظل نوايا دولية حسنة قامت بها الأمم المتحدة على مدى عقود سابقة لحماية الطفل، لكن النوايا وحدها لا تكفي كما يبدو.

وقد برزت كثافة الاهتمام الدولي بهذه القضية منذ سبعينيات القرن الماضي عندما تبنّت الجمعية العامة للأمم المتحدة الإعلان الخاص لحماية النساء والأطفال في فترات الطوارئ والنزاع المسلح في عام 1970.

ولاحقاً تم التوصل الى الاتفاق الخاص بحقوق الطفل الذي صادق عليه أكثر من (190) دولة وصدر في عام 1989. وفي سبتمبر 1990 عقدت القمة العالمية للطفل في نيويورك والتي تبنت الاعلان العالمي الخاص بحماية الطفل وإنمائه، وعلى اثر ذلك تم تعيين خبراء في الأمم المتحدة لدراسة نتائج النزاعات المسلحة حسب قرار صادر عن الجمعية العامة لعام 1993 تبعه إشهار بروتوكول حقوق الطفل الذي صدر لاحقا في عام 2000.

ومع كل ما سبق، ورغم كل هذه الجهود التي قادتها ولاتزال دول عديدة، فإن المعاناة التي تفصح عنها الأرقام تبدو متواضعة مع ازدياد بؤر التوتر في بقاع عديدة من العالم، والتي تستخدم من الطفل والمرأة-أضعف شريحة اجتماعية في زمن الحرب - وقودا لها.

وضع الطفل اليوم يتطلب اهتماما دوليا أكبر من قبل المنظمات الدولية المتخصصة في مجال القانون الدولي الانساني (كاللجنة الدولية للصليب الأحمر)، وكذا العاملة في مجال حقوق الانسان من اجل الوصول الى درجة «الخطر الآمن»!