الآراء تختلف بشأن نظام الكوتا بين مؤيد ومعارض... غير أن وضع المرأة الكويتية في الساحة السياسية يحمل سمات لا يختلف عليها اثنان.

Ad

«الكوتا» او تخصيص مقاعد لفئة معينة في المجتمع سواء كانت على اساس الجنس أو الاقليات الدينية أو العرقية او الاثنية...موضوع متحرك وتجرى فيه، وحوله حوارات هامة من جانب المؤيدين والمعارضين على السواء.

ولا تعني «الكوتا» دخول المرأة في البرلمان فقط، رغم ان هذا هو المؤشر الأكثر رواجا حينما يذكر هذا المصطلح، لكن المعنى به أن تصل (الفئات) غير الممثلة بجميع صورها إلى السلطة التنفيذية، والمجالس النيابية، والاحزاب وغيرها من مؤسسات صنع القرار.

ومن بين حجج المؤيدين لهذا النظام انه يأتي كوسيلة تضمن تمثيل كل جنس نسبة لعدده، وان التمثيل سيقضي على عهود طويلة من الحرمان الذي تعيشه المرأة من المشاركة وبالتالي تهميش قضاياها، فيما المواقف المعارضة تتلخص في ان (الكوتا) يجب ان تخصص للأقليات وليس للمرأة التي يفوق عددها في كثير من المجتمعات عدد الرجال إن لم يكن متساو، وان منحها حصة محددة اليوم سيقطع عليها الطريق في المستقبل من اخذ المزيد.

وبين التأييد والمعارضة تبقى ان هناك معايير يجب التركيز عليها في الحديث عن اهمية الكوتا، ولعل منهاج بكين الصادر عام 1995، وتوصيات الامم المتحدة في شأن تمكين المرأة جديرة بالاهتمام في هذا المجال .لكن ثمة اسئلة تحتاج إلى أجوبة واضحة إذا اعتمد نظام الكوتا وهي: هل هناك خطة تنموية شاملة للنهوض بالمرأة؟ وما هو تأثير الحركة النسائية في البلد الذي يجري فيه نقاش حول هذا الموضوع؟ وهل السلطة التنفيذية سائرة في طريق تطبيق الاتفاقيات الدولية التي تنبذ التمييز؟ وهل تجد نصوص مثل هذه الاتفاقيات طريقا في تشريعاتها الوطنية؟

مؤيد ومعارض

وفي هذا السياق استطلعت «الجريدة» أراء عدد من الناشطات السياسيات في المجتمع الكويتي أحدهما مؤيد لتطبيق نظام الكوتا لوصول المرأة إلى مجلس الأمة والآخر يرفض تطبيقه، حيث عارضت أمينة عام معهد المرأة للتنمية والتدريب كوثر الجوعان تطبيق نظام الكوتا لتمكين المرأة من الوصول إلى مجلس الأمة، مؤكدة على أنه «نظام مخالف للدستور وللقواعد الانسانية، حيث ينص الدستور على المساواة بين المواطنين، ولم يشير قانون الانتخاب المباشر إلى تخصيص نسبة معينة من المقاعد لأي فئة غير ممثلة في البرلمان».

وأكدت الجوعان على أن المرأة لا تمثل أقلية في المجتمع الكويتي حتى تصل إلى سدة البرلمان عن طريق هذا النظام، خاصة وأن الكويت يفوق فيها عدد الناخبات على عدد الناخبين، فالمرأة تمثل 65 % من نسبة الأصوات الانتخابية، وعددها حوالي 200 ألف ناخبة.

وأوضحت الجوعان أنه نظام مخالف للقواعد الإنسانية كون تطبيقه يعني أخذ مقاعد رجالية، وهذا الأمر لا يحقق مبدأ العدالة الاجتماعية، وطالما هناك العديد من النساء الكويتيات اللاتي يتمتعن بالكفاءات السياسية التي قد تفوق كفاءات الرجل بكثير، فأنا لا أؤيد تطبيق هذا النظام، ووصول المرأة الى سدة البرلمان عن طريقها، مشددة على أنها ليست الوسيلة التي ترضاها المرأة للوصول إلى مجلس الأمة.

أما المحامية والناشطة السياسية نجلاء النقي فكان لها رأي اخر في هذه المسألة حيث قالت «إذا كان صندوق الاقتراع فشل في ايصال المرأة إلى سدة البرلمان، الذي وجد بهدف المساواة بين الجنسين فلماذا لا تلجأ الدولة لفكرة نظام الكوتا كحال العديد من البلدان الاوروبية والاسيوية والعربية؟ فهذا من شأنه التعويض عن التمييز الفعلي الذي تعاني منه المرأة، مشيرة الى أن هذا النظام تأخذ به وتطبقه ما يقارب من 100 دولة في العالم.

وقالت اذا كان المعارضون لنظام الكوتا يعتقدون أنه إذا أخذت الكويت بهذا النموذج فإنها ترتكب تجاوزا دستوريا وديموقراطيا، بوجود تمييز بين الرجل والمرأة، فإن الأصل في الترشيح والتصويت هو تحقيق مبدأ العدالة الاجتماعية والمساواة في الحقوق والهدف من اشراك المرأة في الانتخابات هو دخولها المعترك وخوضها للتجربة ونيلها لجميع الحقوق والضمانات التي أعطيت للرجل، إلا أنه لا زال النساء في كل العالم بالرغم من أنهم يشكلون أغلبية عددية، إلا أنهم يشكلون أقلية سياسية.

وتساءلت، أليس من الأجدى التعلم من تجارب الآخرين الذين يتشابهون إلى حد ما بظروف البيئة الكويتية؟ مشيرة إلى أن عامل الوقت وتكرار الترشيح ليسا كفلاء بحل الاشكالية ولن يوصلوا المرأة إلى المجلس التشريعي، فالمسافة بين نيل حق الترشيح والتصويت وبين الوصول إلى مقاعد المجلس كانت متفاوتة في عدد من البلدان العربية ووصلت إلى عشرات السنين، ففي سورية حصلت المرأة على حق الترشيح والتصويت عام 1953، ودخلت البرلمان عام 1973 أي بعد 20سنة، أما لبنان فحصلت المرأة على حق الترشيح والتصويت عام 1952 ودخلت البرلمان عام 1963، وكذلك حال باقي الدول العربية.

وبينت أن خلاصة هذه الأرقام تعزز وجهة نظر المؤيدين لنظام (الكوتا) الذي يطلق عليه البعض صفة «التدخل الإيجابي» عن طريق قوائم الأحزاب او بنص في قانون الانتخاب او الدستور خاصة وأن المرأة الكويتية ظلت مقيدة طيلة 44 سنة.

إجحاف في حقها

تقول الخبيرة البيئية ومستشارة التنمية المتكاملة ، السيدة نعيمة الشايجي أن قبول المرأة بنظام الكوتا هو اجحاف في حقها ونكران للجهاد الذي قامت به للوصول إلى حقوقها السياسية كاملة. وتضيف قائلة بأن المرأة الكويتية أثبتت كفاءتها العالية وقدرتها وتميزها الذي يمنحها حق الترشيح والنجاح ولكن هذا لا يمنع من أن تقوم الدولة بتعيين الكفاءات النسائية في التشكيل الوزاري الجديد لتساهم المرأة في مجلس الأمة مؤكدة على ضرورة الاستفادة من الخبرات النسائية من خلال إقحامهن في اللجان الاستشارية وتعيينهن كرؤساء مجالس إدارات في الشركات الحكومية المختلفة.

وتؤكد الشايجي أهمية دور المرأة في الانتخابات الحالية التي تعتبر مرحلة انتخابية قصيرة وفيها الكثير من الارباك لجميع المرشحين من الرجال والنساء على أنها المرة الأولى التي تقوم بها الانتخابات على أساس الدوائر الانتخابية الخمسة. وهنا يكون صوت المرأة فعال أكثر فالكل محتاج لصوتها على الرغم من تنكر البعض لها كمرشحه وستؤثر أصوات النساء على النتائج بصورة ايجابية إذا استخدمت المرأة صوتها بطريقة صحيحة.

نشكل الأغلبية

ومن جانب آخر بينت رئيسة الجعية الثقافية الاجتماعية النسائية شيخة النصف مدى أهمية الصوت النسائي في الانتخابات وتأثيره على نتائج الانتخابات وتقول « تشكل المرأة الأغلبية في المجتمع الكويتي وسيكون دورها ايجابيا إذا قامت بالتصويت للمرشح عن وعي بأهمية صوتها وبكفاءة المرشح»

وشددت النصف على أهمية توعية المرأة بدورها في الانتخابات واختيارها للمرشح الأفضل بغض النظر عن كونه رجل أو امرأة مع تمنيها لوصول المرأة إلى المجلس عن طريق الانتخابات.

وأوضحت أن نظام الكوتا سوف يفتح للمرأة الطريق للتقلد مناصب الدولة التي ستضعها تحت المجهر وتقنع الناس بدورها وأهميته في العمل السياسي.

الأم الروحية

وتقول الناشطة السياسية والمرشحة الحالية الدكتورة فاطمة العبدلي إن المرأة لها دور في تعديل الدور الديموقراطي من خلال العمل الشريف الخالي من الطرق الملتوية فهي مازالت جديدة العهد في العمل السياسي وجاهلة بالعملية الانتخابية لذا نحن ومن خلال شبكة المرأة نقوم بمساندة المرشحات ذوات الكفاءة الأخلاقية الفكرية والكفاءات العلمية وندعمهم كخدمة للمجتمع وايمانا منا بضرورة دخول المرأة للمجلس بقوتها السياسية.

وطالبت العبدلي بضرورة دخول الكفاءات النسائية للمجلس من خلال نظام الكوتا، وتقول «أنا الأم الروحية للكوتا وشعاري نبيها كفاءة، فبذلك نضمن توازن الساحة السياسية ونقضي على التمييز ضد المرأة بناءاً على الكوتا التي نضمتها الأمم المتحدة بايصال النساء إلى مراكز القرار بنسبة 30%».

وذكرت الدكتورة العبدلي أن التحالفات السياسية والقبلية والديمقراطية أجمعت على عدم دخول المرأة في قوائمها على الرغم من ايمانهم بضرورة صوت المرأة الناخبة على أنها تحتل 42% من المجتمع و60% من صناديق الاقتراع.

التنمية الأسرية

من جانبها تشير رئيسة جمعية معا للتنمية الأسرية منى الصقر إلى أن دورهم في الجمعية لم يقتصر على دعم مشاركة المرأة في الانتخابات البرلمانية بل سعينا من خلال مشاركتنا في لجنة المرأة البرلمانية بدفع الكثير من القوانين والمشاريع التي تصب في مصلحة المرأة ايماناً منا بأن كل امرأة تسعى للنجاح في أي مجال يجب أن تكون مستقرة في بيتها أولاً. وشددت في قولها على أن الانتخابات هذه السنة ستكون مليئة بالمفاجآت لكل من الرجال والنساء المرشحين لذا فعلى المرأة أن تفكر جيداً بصوتها وتعطيه لمن يستشعر مشاكلها وهمومها وعلى جمعيات النفع العام أن توعي المرأة بدورها حتى تصل المرأة للمجلس بمجهودها.