مر الأسبوع الأول من الموسم السياسي الجديد على أحداث دراماتيكية، كان أهمها طي ملف وزير المالية والنفط السابق بدر الحميضي بعد أسبوع واحد من التعديل الوزاري الأخير وتلافي مواجهة جديدة بين السلطتين التنفيذية والتشريعية، كانت بلاشك ستؤدي الى نتائج وخيمة على الحياة السياسية في البلاد. بعض الصحف المحلية ترجمت الحدث على أنه «عربون» تعاون جديد من الحكومة للمجلس والبعض الآخر وجد فيه إجراء مسكن أو مهدئ لأزمة واقعة لا محالة في ظل اختلال الوضع السياسي واستمرار الصراع الذي انكشفت بعض أطرافه في الأسبوعين الماضيين وهو الصراع الذي لابد أن يحسم بشكل ما في القادم من الأيام. رسائل تحذيريةويختلف المراقبون في وسيلة الحسم هذه، فهل ستكون على حساب الحكومة ورئيسها أم عبر دخول اختبار الدوائر الخمس الجديدة وترتيب الأوضاع في المرحلة التي تليها، على ضوء نتائجها. القرار لم يتخذ بهذا الشأن حتى الآن ومن بيده القرار يراقب الأوضاع ويبذل الجهود ويرسل التحذيرات من خلال رسائل مباشرة وغير مباشرة للمحافظة على الاستقرار، ولكن الأطراف اللاعبة على الساحة قلقة ومرتابة بين طرف أضناه الندم والشوق لصلاحيات ومواقع مفقودة، وطرف آخر يخاف أن يجر لاستحقاق انتخابي مبكر لم يستعد له جيدا، لذا فإنه يبحث له عن موقع في كل اشتباك أو منازلة سياسية حتى لوكانت مفتعلة أو غايتها عبثية وتخريبية أو شخصية، في ظل غياب المشروع وتنازع الكتل البرلمانية والنواب على أولويات العمل وغياب البرنامج أو تغييبه.تنازلات حكوميةفعلى صعيد الحكومة، فإن التحرك السريع لرئيسها سمو الشيخ ناصر المحمد في التصدي للانتقادات التي تعرض لها من رئيس مجلس الأمة جاسم الخرافي وسحب فتيل أزمة الوزير الحميضي وتبني نهج الدفاع الهجومي من الوزراء وأحيانا الاستيعاب للطرح النيابي المتشدد، عزز موقعه في الفترة المقبلة وحوّل الكرة الى ملعب النواب الذين سيكونون المسؤولون بعد ذلك عن أي حالة تصعيدية في العلاقة بين السلطتين على الأقل خلال الثلاثة أشهر المقبلة، خصوصا بعد سلسلة التنازلات الحكومية التي قدمت في الأزمات التي نشبت بين الحكومة والمجلس، وإن كان الأداء الحكومي لم يشهد تطورا أو انجازا ملموسا منذ تشكيلها في الربيع الماضي.الاختبار الانتخابيوعلى الساحة البرلمانية والقوى السياسية، فإن الأمور أكثر تعقيدا مع توالي الأحداث وتنوع وتيرة الصراع بين الشدة والفتور والترقب أحيانا، وتحول البلاد إلى حالة شد مستمرة تتنوع على طرفي حبالها مجموعات متنافسة ومتصارعة ومع ارتفاع وتيرة الشد يجهّز كل طرف أدواته المتمثلة بالشعارات والمواضيع التي يمكن أن يكسب بها الجمهور. فالكتل البرلمانية الرئيسية الثلاث وهي كتلة العمل الشعبي وكتلة العمل الوطني والكتلة الاسلامية وتفرعاتها وبقية مكونات المجلس جميعا يعيشون هاجس الاختبار الانتخابي الجديد المتوقع في أي لحظة، في ظل الواقع السياسي غير المستقر، ليقينهم بأن أطراف الصراع لم تستسلم ولم تكف عن تطلعاتها. مأزق تراجع الملفاتأغلبية اعضاء الكتل الثلاث هم نتاج حملة انتخابية كان شعارها «نبيها خمس» التي كان مضمونها الأساسي الانتفاضة على ما صاحب المرحلة السابقة من فساد وتخريب للعملية الانتخابية بالاضافة الى حماية المال العام والحفاظ على المكتسبات الدستورية وهو ما تحقق بإقرار الدوائر الانتخابية الخمس وتعهد السلطة بالحفاظ على الدستور، بينما كان لأحكام قضائية بحفظ قضايا اختلاسات مختلفة للمال العام أثر في تراجع هذا الملف وإخلاء مسؤولية الحكومة عنه وهو ما سيؤدي الى سحبه من التداول شعبيا وإن كان هناك شق جنائي مطلوب متابعته لاسترجاع كامل الأموال المختلسة. وهنا يكمن المأزق لرموز سياسية كان عنوانها الرئيسي خلال الخمس عشرة سنة الماضية هو ذلك الملف، بالإضافة إلى أن ملف أملاك الدولة أصبح محل جدل نيابي ـ نيابي، كما حدث في قانون أملاك الدولة وبات غير قابل للترويج الانتخابي الشعبي، لاسيما بعد أن ربحت الأطراف التي فسخت عقودها مع الدولة معظم قضاياها ضد الحكومة.حزمة الأمن المعيشيولذا، فإن ما أعلنته كتلة العمل الشعبي الأسبوع الماضي من (حزمة الأمن المعيشي) تأتي ضمن البحث عن عناوين وأطروحات جديدة لحملة انتخابية متوقعة لا يمكن أن تحمل العناوين القديمة ذاتها (حماية الدستور ـ محاسبة سراق المال العام ـ حماية أملاك الدوله) لأنها أصبحت مهمة ووظيفة دائمة للنائب وملفاتها البارزة مقفلة أو شبه ذلك. ورغم أن زعيم الكتلة ومهندسها النائب أحمد السعدون ومعه بعض أعضائها، وهما النائبان عدنان عبدالصمد وحسن جوهر، لا يميلون إلى الطرح المتعلق بقضايا الامتيازات الاجتماعية ـ وهو ما برز في كلمة السعدون في جلسة الأسعار التي استغلها في طرح اسعار الأراضي والاستيلاء على أملاك الدولة، دون إشارة للحزمة التي تبنتها كتلته وتتعلق بموضوع الجلسة - فإن الاستحقاقات الانتخابية المتوقعه جعلتهم يتبنون تلك الحزمة التي يشوبها بعض المبالغة في ما يتعلق بعلاوة الأطفال وتعديل قانون التأمينات الاجتماعية. عناصر الانتخاباتوبلا شك، فإن المأزق في التعامل مع الانتخابات، حسب الدوائر الأنتخابية الجديدة ذات القواعد العددية الكبيرة، ستكون أشد وطأة على كتل برلمانية وقوى سياسية لأن إعمال عناصر الانتخابات الثلاثة الفاعلة في الكويت (القبيلة ـ الطائفة ـ الطبقة) ستتطلب توليفة جديدة بعد أن تداخلت المناطق وتنوعت مكونات الوعاء الانتخابي الذي سيتطلب طرحا مقبولا لديها حتى في حال عقد تحالفات انتخابية بين قادتها السياسيين، وهنا يصبح المطلوب أن يكون خطاب النائب جمعان الحربش له صدى في ضاحية عبدالله السالم وبالمقابل للنائب محمد المطير في منطقة الدوحة، وذلك إذا افترضنا درجة مقبولة من النزاهة الانتخابية واستبعاد أي عوامل أخرى غير اعتيادية. «العمل الوطني» وهنا، علينا أن نتلمس صعوبة المطلوب من نواب كتلة العمل الوطني المكونه من (التحالف الوطني ـ المنبر الديموقراطي ـ رجال أعمال) في أي انتخابات برلمانية مقبلة بعد الحملة الانتخابية المميزة لهم في انتخابات 2006 التي صنعتها معركة تعديل الدوائر التي تطورت لمواجهة رموز للفساد رسخوا في تلك الفترة مواقع مميزة لهم في صنع القرار، لذا فإن غياب التنوع والبعد الاجتماعي في برنامجهم سيكون له أثر بالغ على فرصهم، فلا يمكن لهم أن يسوقوا للناخبين برنامجا انتخابيا يرتكز على الاصلاح الاقتصادي وجذب المستثمر الأجنبي دون بعد اجتماعي في حين أن سعر برميل النفط يحلّق حول المئة الدولار، وإن كان هذا الطرح سيجد له جمهورا في النزهة واليرموك وقرطبة فإنه لن يجد صدى له لدى المنهك من سوء الخدمات في خيطان والمثقل بقرضه العقاري في جنوب السرة والعاطل عن العمل في الصليبخات!. وعليه فإن غياب التنوع في هذه الكتلة الذي يجب أن ينعكس على قراراتها يجعل مكوناتها رغم تعدد مشاربهم ذات لون وطعم واحد لا يمكنه أن يندمج أو يجتذب الشرائح المتعددة التي سيتعامل معها في أي انتخابات برلمانية مقبلة، وهو ما لا يمكن تفهمه في أداء نوابها كأن يكون طرح النائب فيصل الشايع بما يمثله من شريحة اجتماعية في دائرة الروضة متطابقا تماما مع النائب مرزوق الغانم بما يمثله من توجهات وقوى اقتصاديه واجتماعية. الكتلة الإسلاميةويتبقى ضمن المشهد النيابي المتوتر موقف الكتلة الأسلامية بتفرعاتها الحزبية والقبلية، فهذه الكتلة ذات شعارات دائمة وثابتة تخاطب العقيدة ومن خلفها القبيله التي أحيانا تطغى عصبيتها على العقيده , ولا تحتاج لمجهود لتجديدها، لذا فإننا نشهد مسارعتها، عندما اشتدت الأزمة واحتمال خوض انتخابات مبكرة، إلى تبني مواضيع تتماهى مع ذلك المضمون عبر جعل أولوياتها ترتكز على إقرار قانون فصل الجنسين في المدارس الخاصة وتشديد عقوبة الزنا وإثبات النسب في قانون الأحوال الشخصية، بالإضافة الى بعض القضايا الشعبية المشتركة كتبني الحركة الدستورية لظاهرة ارتفاع أسعار العقارات السكنيه، بينما يبقى القبليون خارج الكتل والتنظيمات والمستقلون تتجاذبهم مراكز قوى الصراع في السلطة والمجلس وتقلبات ميزان القوى بينهم، ولجوؤهم بين فترة وأخرى لدغدغة مشاعر الناخبين بأطروحات فردية غالبا لا يلتزمون بتحقيقها.خارطة طريقوفي جميع الأحوال، فإن استكمال المجلس الحالي لمدته الدستورية وفقا للمعطيات السائدة صعب التحقيق، فالجميع متوتر وقلق بشأن حقيقة تمثيله بعد أن زال النظام الانتخابي الذي نتج عنه، لذا فإن حجز موقع له في الواقع الذي سيستجد يحتاج إلى خارطة طريق غير محددة المسارات حتى الآن، وستحدد التجربة الفعلية فقط تلك المسارات وحقيقة الأحجام وتجعل أصحاب الطموح في جميع المواقع في الحكومة والمجلس يتعاملون مع الواقع بعيدا عن التخمينات والأوهام، وعليه فإن الأغلبية من المتنافسين والمتصارعين ستدفع لخوض ذلك الاختبار ولن يكون لديها الصبر الكافي للانتظار حتى صيف 2010.
محليات
تحليل إخباري التوتر يدفع القوى السياسية إلى اختيار شعاراتها الانتخابية الجديدة مبكراً الشعبي اختار حزمة الأمن المعيشي عنواناً انتخابياً جديداً بعد تراجع قضايا المال العام
12-11-2007