مواجهة المشكلة خير من الاستمرار في تجاهلها والاستغراق فيما يسمى بمرحلة الإنكار «Denial Phase»، فالحل الذي يبدو مكلفاً وصعباً تزداد صعوبته وترتفع تكلفته وتتضاعف تداعياته السلبية عند إهماله أو تأجيل مواجهته. وما يحدث على الساحة المحلية من أحداث لو وصّلناها وربطناها بعضها بعضا لتبينت لنا الصورة القبيحة للمرض الذي يفتك باستقرارنا ويحول دون تقدمنا، وسوف أورد بعض من الانطباعات وأمارات التذمر الذي يدور في ذهن كثير من أهل الكويت وهم يتابعون على مضض الإحداث المحلية.لا جدال أن الاستجواب هو حق دستوري يمارسه النائب كلما رأى ضرورة لذلك دون تعسف أو غلو في استخدام أهم أداة من أدوات الرقابة البرلمانية. ولكن الملاحظ أن هذه الأداة الدستورية أصبحت مسلطة على فئة في المجتمع وغير فعالة على فئات أخرى، للدرجة التي بات الاستجواب يهدد الوحدة الوطنية. وإلا بماذا نفسّر التحفز باستخدام الاستجواب للابتزاز وفي كثير من الأحيان بعزل وزراء من فئة معينة دون آخرين؟! فهل يعقل أن ينجو الدكتور عادل الصبيح من طرح الثقة بعد استجوابه لأنه صاحب رؤية في الإسكان؟ وهل يعقل أن لا ينجو من طرح الثقة إلا بالتدوير إلى وزارة أخرى؟! ثم يتبعه الدكتور محمد الجارلله دون أن يُدان مما يضطره إلى الاستقالة!! ثم وزيرا المالية د. يوسف الإبراهيم، ووزير الإعلام محمد أبو الحسن. إضافة إلى وزير المالية محمود النوري، الذي كان لدى أحد النواب من الشجاعة على قول الحقيقة، عندما ذكر في معرض دفاعه عنه: «لأن الوزير غير قبلي سهل توجيه الاتهام والإدانة له»!! ثم تتبعهم د. معصومة المبارك، ثم بدر الحميضي... وها هي وزيرة التربية نورية الصبيح تواجه ظروف الابتزاز نفسها... وعبدالله الطويل يهب المتحفزون للانقضاض عليه بتهمة حدوث حالة وفاة بمرض السحايا ما لبثت أن كذبتها الفحوصات المخبرية، لتهدأ ـ أو تؤجل ـ ثورة الابتزاز ربما بشكل مؤقت.أما الوزراء من فئة معينة فهم لا يُستجوَّبون... وإذا استُجوبوا فإنهم لا يُدانون حتى إن أدينوا من قبل أجهزة رقابية بالدولة وفق تقارير رسمية!! بل تُسخّر لهم أدوات التدوير لتعفيهم من المساءلة والمتابعة القانونية!!! ثم تسند إليهم المناصب الرفيعة بالدولة!! عندما نصل نقاط الأحداث السابقة، تتضح لنا صورة قبيحة للتعصب بعيداً عن المصلحة العليا للوطن، وعلى الجميع كل من موقعه مكافحتها والقضاء عليها لتحقيق المساواة التي حث عليها الدين ورسخها الدستور في المادة 29 «الناس سواسية في الكرامة الإنسانية، وهم متساوون لدي القانون في الحقوق والواجبات العامة، لا تمييز بينهم بسبب الجنس أو الأصل أو اللغة أو الدين». لذلك يتعين على الوزراء تفعيل دورهم التضامني والتصرف كوزراء وليس ككبار الموظفين، وذلك برفض هذا الابتزاز، وعلى النواب الذين لا يقرون هذا التميز البغيض عدم الاكتفاء بالتصريحات أو الامتعاض فالمطلوب منهم أكثر من ذلك بكثير حتى وإن أدى إلى الامتناع عن حضور جلسات الاستجواب العنصري. ولا يجوز ترك نورية الصبيح تخوض صراعها منفردة وبمجهود شخصي دون سبب معقول، والكتل الوطنية والمنصفون من النواب يتفرجون عليها، فالاستجواب يجب أن يُنزع من أيدي العابثين باستقرار الوطن. قد يتذرع المترددون بأن الحكمة مطلوبة في مثل هذه المواقف، وليعلم هؤلاء أن الحكمة مطلوبة من الجميع وليس من الطرف الوطني فقط مقابل تعنت وتطرف الفئات الأخرى ذات الطرح الصارخ والمدغدغ لمشاعر المواطنين والعابث بمعاناتهم، إن وحدتنا الوطنية هي خط أحمر، ودعم نورية الصبيح هو دعم للوحدة الوطنية، ووضع الأمور في نصابها السليم لينعم الوطن في بيئة مستقرة تمهد لاستمرار التنمية... فهل نفعل؟! أم يظل الوطن يصطلي بنار الابتزاز والعنصرية البغيضة؟!
مقالات
كفانا استجوابات عنصرية... ومواقف سلبية
18-12-2007