إلغاء جهاز أمن الدولة كان المطلب الأبرز في الاعتصام الذي نظمه التحالف الوطني الديموقراطي امس احتجاجاً على خطف الزميلين جاسم القامس وبشار الصايغ، وندد المشاركون بتصرفات أعضاء هذا الجهاز، وهددوا بالمساءلة السياسية. تواصلت ردود الفعل الشعبية الغاضبة من عملية الاعتقال غير القانونية التي تعرّض لها الزميلان بشار الصايغ وجاسم القامس، إذ نظم التحالف الوطني الديموقراطي، مساء أمس إعتصاما في مقره بمنطقة الروضة، تحول الى مهرجان خطابي، شارك فيه النائبان أحمد السعدون وأحمد المليفي، ومن جمعية حقوق الإنسان الكويتية عبدالمحسن المظفر، ونائب رئيس نفابة الصحافيين والمراسلين الكويتيين داهم القحطاني، وأمين عام مساعد التحالف الوطني عبدالكريم الشمالي، والأمين المساعد للمنبر الديموقراطي محمد العبدالجادر، وأمين سر التحالف وعريف المهرجان الخطابي خالد الفضالة، وبحضور العديد من الناشطين السياسيين وجمهور حاشد من المواطنين، خصوصا من طلاب الجامعة. من جانبه، قال النائب السعدون: «يؤلمنا أن يكون اللقاء بسبب فرصة خلقتها السلطة، وآلمني قراءة تفاصيل اختطاف جاسم القامس التي نشرت في الصحف، وعند رؤية هذا الجمع نعرف أن لا خوف على جاسم وبشار لأن وراءهما شعبا، ولكن نخشى على الشعب من سلطة كهذه، وسبق وقلنا أنه لو كانت هناك مخالفة فيجب أن يتم التعامل معها حسب الإجراءات القانونية».وأضاف: «تصريحات إلغاء الدستور والانقلاب على نظام الحكم لا تستحق الرد، ومن يريد الانقلاب لا يصرح بذلك، ولكنهم يعرفون أن هناك شعبا سيواجه، هم طرحوا تصريحات تعطيل الدستور لاختبار إرادة الشعب باعتقال الشباب، ليروا ردة الفعل، ولكن الشعب سيهب للدفاع عن نظام الحكم الدستوري». وأشار الى أن وزير الداخلية أمامه اختيار واحد، إما أن يحدد من وراء اختطاف الشباب، أو يرحل، أو يتحمل مسؤوليته بالمساءلة السياسية.وقال السعدون: «لم يقوموا بإحالة بشار للنيابة إلا بعد تنامي الضغط عليهم. جهاز أمن الدولة يجب أن يلغى، في السابق كانوا يسمونهم المباحث السياسية، وأي شخص ينتمي لهم كان يشعر بما يقوله الناس عنهم، وأنا أقول للشباب أنتم سجلوا كلام الليلة وابعثوه لهم، ومسؤوليتنا ألا نترك القضية، والوصول بالأمر إلى مداه، وتفعيل المساءلة السياسية، ويجب أن يأخذ من قاموا بالفعل جزاءهم، هي ليست فقط قضية بشار وجاسم ، ولكنها التصدي لكل عملية فساد».أما الصحفي، المفرج عنه، جاسم القامس فقال: «لولا الدعم الذي تلقيته من المواطنين والمؤسسات والنواب لما كنت أستطيع أن أفصح بتفاصيل الاختطاف الذي حصل من قبل عصابة منظمة عارفة شغلها، وتعتقد أنها تستطيع أن ترهب الناس، هم قالوا لي إن أفصحت بالتفاصيل سنسحبك من فراشك». فقاطعه السعدون قائلا: «إذا فيهم خير، خل يسحبونه».وأضاف القامس: «فعلاً بأساليبهم خرجت مرعوبا، أمشي بالشارع في النهار، وضعوني في الزنزانة ويسألوني عن اسمي كثيراً، ليرسخوا فكرة أن الزنزانة هي موقعي، ولكن أقول موقعي هو الكويت ودستورها، نقول حق اللي يهدد ويعتقل ويضرب، الطراقات مو لجاسم ولكن للكويت كلها، ما يقدرون يرهبوننا، الحضور الكبير هذا رسالة لهم، إذا ستسحبون أحدا فستسحبون الكويت كلها».وتطرق القامس الى زميله بشار الصايغ الذي لايزال رهن الاعتقال، وقال «لانعلم حتى الآن ماحدث لبشار، والموضوع ليس جاسم وبشار، بل غيرنا من المعتقلين في أقبية سجون أمن الدولة، كغير محددي الجنسية (البدون)» وتساءل بأسى «من سيساعد هؤلاء ويدافع عنهم»؟ ولمن يروون قصصهم؟» وأضاف القامس وسط تعاطف بالغ من الحضور «نقول لهم نحن أمن الدولة وليس أنتم، وشدد على ضرورة وجود ضوابط للاعتقال» وطالب بـ»إلغاء جهاز أمن الدولة، لأن وجوده بهذه الممارسات يعني عدم ثقة السلطة بالشعب» وزاد «لدي بعض أسماء العناصر التي إختطفتني، للأسف يضربون مواطنا لأنه التقط صورة وحسب، دون أن يبرزوا هوياتهم» وخاطب المسؤولين عن إختطافه «هل هذا هو مفهومكم لأمن الدولة؟ وهل يتحقق أمن الدولة بـ»طراقات»؟ وقال القامس «ليست لدي مشكلة بالإعتراف بأنني تعرضت للضرب، لأنني على صواب وهم المخطؤون، الكويتيون يعرفون كيف يحمون الدولة، وإذا كانت هذه الممارسات في وجود الدستور، فماذا سيفعلون في غيابه» وانهى مداخلته بالقول «قلبي مع زميلي بشار، ونثق بالقضاء بعد إحالته الى النيابة، لأن القضاء أفضل بكثير من معتقلات أمن الدولة، وأتمنى أن نحتفل قريباً بخروجه».بدوره، قال النائب المليفي: «أشعر بغصة وألم وأنا أقرأ تفاصيل قصة اعتقال جاسم، للأسف كنا في السابق نتفاخر بمناظرة أزلام النظام الصدامي البائد، بأننا نستطيع أن نتكلم وننتقد ما نشاء، ونذهب لبيوتنا بأمان، ولكن الحكومة بهذه التصرفات الآن تسيء لتلك الميزة التي كانت تتمتع بها الكويت». وأضاف: «اليوم أصدرت بيانا، وأؤكد على ما جاء فيه الآن، بأن وزير الداخلية يتحمل المسؤولية كاملة، أو أنه يحاسب المسؤول عن هذا الفعل، ويرد الاعتبار لجاسم وبشار، ومن قام بالفعل يجب أن يحال للنيابة لأن ما حدث من اختطاف هو جريمة، ويجب الإفراج عن بشار فوراً». وتابع: «أنا متابع جيد للمدونات الالكترونية، وعندما أقحموا بند المدونات في قانون المرئي والمسموع قمت بالتصدي لذلك لأنهم يعرفون أنها مؤثرة، وبشار هو من قام بنشر خبر استبعاد البند من القانون». وأشار المليفي الى أن «ما ذكر عن تعرض للذات الأميرية مخالف للقانون، ولكن لماذا لم يصلوا للشخص الذي كتب التعليق؟ هم يستطيعون الوصول إليه، ولكن لماذا بشار؟ لأنهم يوجهون رسالة للمنتديات والمدونات الالكترونية المحترمة والمؤثرة، بأن مصيركم سيكون كمصير جاسم وبشار، لذلك الدفاع اليوم هو عن الشعب كله. وأنا أقول لأمن الدولة كما قلنا لهم في ديوانيات الاثنين، احذروا لأنكم اليوم تعتقلون أشخاصا بدون وجه قانوني، ولاحقاً سيكون أبناؤكم مكانهم، وذكرتهم بجاسم القطامي، اليوم تضعون سابقة، وغداً ستطال أبناءكم، نعرف أنه قد تأتيكم أوامر، ولكن مسؤوليتكم هي المحافظة على قوانين البلد قبل تطبيق الأوامر». وأضاف: «ما حدث هو ردة بالفكر والديموقراطية والحرية، هذا الموضوع لن نسكت عنه وسنتابعه، وعلى الوزير التحرك فوراً، سأتابع شخصياً الموضوع، والكرة الآن في ملعبنا كنواب، أنتم انتخبتوننا للدفاع عن قيم المجتمع، وإذا عندهم شي خل يجونا، سنأتيكم بما منحنا الدستور من حصانة ورقابة لنعالج الموضوع، وستكون وقفتنا كبيرة، لأن الفعل كبير. فهؤلاء الشباب يجب أن تحتضنهم الدولة، ومن يمارس التعاملات البوليسية سيرتد الأمر عليه، لذلك هي رسالة واضحة نوجهها للوزير أنك تجاوزت الخط الأحمر، ولن نتهاون مع من يتجاوز الخط الأحمر، حماية لأنفسنا والجيل القادم، الأمر لن يقف حتى أن نصل إلى نتائج تحقق احترام الدستور، ولبشار وجاسم، حقكم ما يضيع، وهذا فعلاً منعطف ولكن سيسجله التاريخ لكم بقلم من نور». من جهته، قال مظفر: «في الكويت عشنا الحرية والديموقراطية التي أساسها عبدالله السالم مع رجال الدولة الحريصين على تقدمها ومراعاة حقوق الإنسان فيها، ما تم أمس وما تعرض له وافدان مصريان من تعذيب (نشر في صحيفة الراي) غير ديموقراطي نرفضه وترفضه الكويت بتوقيعها على المواثيق الدولية والاعلان العالمي لحقوق الانسان». وأضاف: «إن مؤسسات المجتمع المدني هدفها إعطاء صورة إيجابية للكويت، كنا بالسابق نفتخر بالنقد ومن ثم نعود للبيت بأمان، ولكننا أصبحنا الآن مثار سخرية واستهزاء العالم ودول الخليج التي كانت تعتبرنا قدوة لها. هناك مسؤولية أساسية لمتابعة الموضوع والحرص على عدم تكراره، ورد اعتبار جاسم وبشار وغيرهم، ويجب أن يتم رفع الأمر للقضاء»، مؤكدا أن أمن الدولة أصبح وسيلة للتعذيب، أصبح جهازا لزرع الخوف وللإرهاب، أين الحرية والديموقراطية، لا يستقوون إلا على الضعيف، . أما الشمالي فقال إن «مقر التحالف مفتوح للدفاع عن الحريات والدستور، إلى خروج بشار من المعتقل، هو أحيل للنيابة ونثق بالقضاء، ولكنهم لم يحيلوه إلا بعد أن رأوا ردة الفعل، ونقول لهم تبت أيديكم، فأنتم أمن اللادولة، هذا الجهاز يعمل لحماية أشخاص ومؤسسات وهو خارج عن قوانين الدولة، يتعامل مع الناس كأنهم مرتزقة، فالكويتيون عمرهم ما كانوا مرتزقة، ما ينزلون رؤوسهم، الكويت دولة مؤسسات غصب عليكم». وأضاف: «الحريات والدستور لم تأت منة، بل كانت مشاركة وتوافقا بين الشعب وعبدالله السالم، ولن نقبل بسلبهم، فهي لنا جميعاً، ومن يعتقد أنه يستطيع أن يسيّر الشباب على هواه، لن يكون له ذلك، نحن ولدنا ونعيش ونموت أحرارا». معلنا أن الاعتصام قائم إلى أن يتم الإفراج عن بشار أو توجيه تهمة له بشكل رسمي، أما محاولة التهرب بالإحالة للنيابة، فما بني على باطل فهو باطل، إجراء الاعتقال لم يكن سليما من البداية، فلا ترغمونا على ما هو أكبر، من يعتقد أننا سنخاف فليرجع للتاريخ ونبيها 5 وحق المرأة والغزو وديوانيات الاثنين وكتابة الدستور وسنة المجلس، فليروا كم ضحى أهل الكويت، الكويت رجعت لنا بعد الاحتلال لأن أهلها تمسكوا بالدستور، وأي شيء غير ذلك فهو باطل». وقال العبدالجادر «هذه أمسية حزينة من أمسيات اعتقدنا أننا تجاوزناها، تذكرنا بديوانيات الاثنين التي تم فيها مراقبة واعتقال رجال الكويت، الخطيب والسعدون وباقر والربعي، كانوا يعتقلون، واليوم هم رموز العمل السياسي، وجاسم وبشار سيكونون مثلهم. فما حدث ينم عن قراءة خاطئة للشارع، وسيعود عليهم، عند استجواب الجراح كانت الحكومة تقول انتظروا حتى الصيف، هذا هو الصيف الذي وعدتمونا به؟ الدور علينا كمؤسسات ونواب وناشطين، الحرية أثمن ما نملكه، لذلك يجب أن يوقفوا عند حدهم، لا يجب العودة للوراء. من جانبه قال داهم القحطاني: «كمواطن أقول أن الصورة واضحة بأن هناك شخصيات متنفذة، وأرد على من قال، بحسن نية، أن يجب رد اعتبار جاسم وبشار، أقول اعتبارهم لم يجرح، ففي كل مجتمع هناك مجموعة من الناس تدفع كلفة حتى ينعم الشعب كله بحرياته، إذا كان صحافيون تعرضوا لذلك، فكم مواطن ومقيم تعرض لممارساتهم بصمت؟ نحن نخلق دولة المؤسسات بممارستنا لدورنا كأفراد، وهناك أمور كثيرة تحتاج معالجة على مستوى الأفراد».
محليات
اعتصام التحالف الوطني يشدد على ضرورة إلغاء جهاز أمن الدولة ردود فعل شعبية غاضبة من عملية الخطف غير القانونية
21-08-2007