بعد توقف عام واحد عاد الثلاثي الناجح المكوّن من الكاتبة الدرامية وداد الكواري والفنان عبد العزيز جاسم والمخرج أحمد المقلة إلى الشاشة الرمضانية من خلال المسلسل الدرامي الاجتماعي «نعم ولا» في التجربة الخامسة التي تجمعهم بعد «حكم البشر» و{يوم آخر» و «الشتات» و{عندما تغني الزهور». يتضح جليّاًّ مدى النضج الفكري لدى المؤلفة وداد الكواري في المواضيع المتميّزة التي تطرحها سنوياً، مؤكدة على مخزونها الذي لا ينضب. تواصل في مسلسل «نعم ولا» إبداعها وحرفيتها في الكتابة الدرامية التلفزيونية عبر مرحلتين زمنيتين مر بهما المجتمع القطري: تجسد الأولى فترة الأعوام العشرين الفائتة وتتمثل الثانية بالوضع الراهن. تناولت أهم القضايا الاجتماعية مثل إهمال الأب والأم أطفالهما وعدم اهتمامهما بتربيتهم ورعايتهم ومتابعة دراستهم، ناهيك بموضوع عقوق الوالدين وقضايا أخرى شائكة.النص جيد في بنائه الدرامي وحبكته الاحترافية. يتفرّع من الحدث الرئيسي الخطوط الى الحوادث الأخرى في أسلوب جاذب وشائق أقرب الى أسلوبها الزاخم في «يوم آخر» لكن بمضمون مغاير.يتجسد، في المرحلة الأولى، بيت الرجل الثري فهد أبوحسن (هلال محمد) وزوجته مهرة أم حسن (اسمهان توفيق) وولديهما (عبد العزيز جاسم) وأحمد (أحمد عفيف) اللذين تزوجا بدورهما وأنجبا الأطفال. إتسم الإبن حسن بشخصية غير سوية ومزواجة. يجري وراء ملذاته مكثراً من الزواج، غير مكترث بمسؤولياته وواجباته كزوج لديه بنات عديدات كل واحدة من زيجة مختلفة، وليس لديه إلاّ ابن واحد اسمه فهد (محمد الحجي) من زوجته الأولى التي لم يطلقها كبقية زوجاته.يستغل حسن أيّ فرصة ليحصل على المال من أجل اشباع ملذاته إلى درجة السرقة من والدته ليتهم إحدى زوجاته. قبل وفاة والده تشاجر مع شقيقه الذي غادر المنزل بعد طلاق زوجته فانتهز حسن الفرصة وتزوج منها أيضاً. يسجل البيت باسم الحفيد فهد لأنه تربى على يد جده وجدته فتبدأ عندئذٍ المرحلة الثانية بعد موت الجد وبلوغ الأحفاد مرحلة الشباب. يحاول فهد ابن حسن لمّ شتات الأسرة التي لم تلتق أصلاً ما دفعه إلى اكتشاف، أن له أختا جديدة من أبيه. يتمسك بموضوع جمع أخواته في البيت الكبير الذي يمتلكه رغم معارضة الجميع ما عدا جدته التي تؤازره وتشجعه على المضي في الأمر.تزداد الأمور سوءاً حين يعود والده حسن إلى عادته القديمة، أي محاولة بيع كل ما تقع يده عليه كي يتزوج.تهدف الكاتبة من خلال سير الحوادث إلى القول أن كلمتي «نعم» و «لا» تحدّدان مصائر البشر رغم بساطتهما. كثر الذين لا يعرفون متى يقولون «نعم» ومتى يقولون «لا»، بلسان فهد القائل: «اتمنى أن استطيع قول لا ولو قلتها مرة واحدة في حياتي لتغيرت حياتي بأكملها»،بالفعل لم يستطع فهد اتخاذ قرار أمام والده وغالبا ما يتخذ قرارات لا يقتنع بها.تميّز الفنان عبد العزيز جاسم بأدائه شخصية والد فهد المحورية وهي شخصية غير مسؤولة ومهملة لكنها كوميدية في الوقت نفسه ويمكننا أن نطلق عليه صفة «فاكهة رمضان» من كل عام.أما الفنانة القديرة اسمهان توفيق فأدت شخصية مهرة باقتدار كما أجاد الممثل محمد الحجي دوره لشخصية فهد كذلك الممثلون الآخرون في أدوارهم.لم يقلّ الإخراج لأحمد المقلة ابداعاً عن أعماله السابقة فأداء الممثلين رائع واللقطات متنوعة والربط بين المشاهد شائق.يبقى أن نقول أن أعمال هذا الثلاثي تتميز أيضاً بالمقدمة الغنائية واللقطات المعبرة عن المسلسل. غناء رائع للفنان أحمد الهرمي ولحنه الجميل الذي تناغم مع الكلمات: «تركض سنين الناس، واشوف ناس وناس، همي أراضي الكل، لكني اخسر ناس، لا لا ، نعم ،لا لا، اللي نطقته نعم واللي قصدته لا، ساكت ومالي راي، صوتي انحبس وياي، اللي اختنق بالهوا، ما تفيده قطرة ماي، يسكن معاي الخوف، يمشي بي وين ما طوف، علمني كلمة لا، سو فيني هالمعروف، يا مسهلك يا نعم، ويا مصعبك لا».
توابل - مزاج
حرفية عالية نصّاً وتمثيلاً وإخراجاً نعم ولا مسلسل متقن للثلاثي جاسم والكواري والمقلة
08-10-2007