مر بديوي الوقداني شاعر شريف مكة في زمنه، في سوق الحميدية بمكة المكرمة، فإذا به يستمع إلى بائع خرز هندي، وهو يلحن قصيدته المعروفة التي مطلعها «ايامنا والليالي كم نعاتبها»، لكن الهندي كسر ابيات القصيدة، وعجنها بلغته الركيكة، مما جعل الوقداني يستشيط غضبا، ويتناول مشعابه ليفلق رأس الهندي، بل وزاد على ان قام بالعبث في بضاعة الهندي، وسواها بالارض، وسخط الهندي الذي تناسى دمه، وهو يرى بضاعته وقد تناثرت اشلاء في السوق.مضى بديوي غاضباً أسفاً، وتجمع المارة حول البائع واخبروه باسم المعتدي، فما كان منه الا ان اشتكى للشريف، الذي بدوره امر بإحضار بديوي، فلما مثُل بين يديه سأله الشريف كيف يضرب الهندي غير مراع ٍلحرمة البيت وجواره، بل ويزيد على ذلك ببعثرة بضاعة الهندي، فقال بديوي: يا مولانا لقد بعثر بضاعتي، وبعثرت بضاعته، وزدته فلقة بالمشعاب، حتى لا يعود إلى فعلته الشنعاء تلك، فقال له الشريف: وما دخل بضاعة الهندي في بضاعتك يا بديوي؟ (وهو يقصد الشعر بطبيعة الحال)، قال له: مُرهُ، فلينشد قصيدتي يا مولاي! فلما سمع الشريف.. الهندي يغني بـ «ايامنا والليالي» تجهم وجهه هو ايضا، وقال له «ان مشعاب بديوي اقل بقليل مما تستحق»، وافهمه ان العربية لا تقال هكذا، واصلح ما بينهم على ان لا يعود كل منهما إلى فعلته مع الآخر.ومن القصيدة المذكورة هذه الأبيات:ايامنا والليالي.. كم نعاتبهاشبنا وشابت، وعفنا بعض الاحواليتاعد مواعيد، والجاهل مكذبهاواللي عرف حدها من همها ساليان اقبلت يوم ما تصفي مشاريهاتقفي وتقبل، وما دامت على حاليفي كل يوم ٍتورينا عجايبهاواليوم الاول تراه احسن من التاليايام في غلبها، وايام نغلبهاوايام فيها سوا، والدهر ميّاليجربت الايام.. مثلي من يجربهاتجريب عاقل، وذاق المر والحالينضحك مع الناس، والدنيا نلاعبهانمشي مع الفي طوع ٍحيث ما ماليكم من علوم وكم اداب نكسبهاوالشعر مازون.. مثقال بمثقالياعرف حروف الهجا بالرمز واكتبهاعاقل ومجنون.. حاوي كل الاشكاليلكن حظي ردي، والروح متعبهاما فادني حسن تأديبي مع امثاليان جيت ابا حاجة ٍعزت مطالبهاالعفو ما واحد من الناس ياوا ليقوم ٍالى جيتها رفّت شواربهابالضحك، وقلوبها فيها الردى كاليوقوم ٍالى جيتها صكت حواجبهاوابدت لي البغض في مقفاي واقبالي.... الى آخر القصيدة* بديوي الوقداني
توابل - الرواق
بديوي الوقداني والهندي
25-01-2008