على مشارف سنة جديدة سبقتها صيحات التفاؤل بمستقبل اقتصادي متميز، لم ينس أحد الاحداث والتغيرات الاقتصادية التي مرت خلال العام. وعلى بعد أيام في انتظار العام الجديد أرخ المتخصصون الانجازات الاقتصادية في 2007. تختلف التقييمات... وتتفاوت الآراء، لكن عام 2007 في مصر كان عاما اقتصاديا مثمرا، فإلى جانب الاستثمارات الأجنبية العملاقة التي تدفقت على الاقتصاد المصري، نالت الإصلاحات الاقتصادية إشادات دولية رفيعة المستوي.في المقابل شهد الاقتصاد المصري في 2007 عدداً من المحطات الصعبة التي تجسدت في الارتفاع غير المسبوق في الأسعار ونية الحكومة المصرية خفض الدعم على السلع الأساسية، إلى جانب انفجار ثورة العمال في عدد من القطاعات الاقتصادية، وهو ما يعد جرس إنذار خطير يهدد الإصلاحات الاقتصادية. شهد عام 2007 أحداثا اقتصادية مؤثرة في مصر، فمع الجدل المستمر حول ارتفاع وانخفاض سعر الدولار تتجه الأنظار دوما إلى هذه العملة التي لها تأثير كبير على اقتصادات الدول، ومع اقتراب العام من نهايته شهدت مصر انخفاضا ملحوضا في سعر الدولار وازداد الجدل في الخليج حول مدي أهمية ربط عملاتهم بالدولار.وبالنسبة الى الاستثمارات الأجنبية المباشرة في مصر فقد بلغت وفق التقديرات الرسمية نحو 6.1 مليارات دولار منها %15 فقط من هذه الاستثمارات في شكل استحواذ على أصول قائمة مملوكة للدولة والقطاع الخاص و%55 منها مشروعات جديدة وتوسعات في مشروعات و%30 في قطاع البترول.كما تغيرت خريطة الاستثمار الأجنبي المباشر في مصر، حيث كانت تتركز في الماضي بنسبة %80 في البترول و%20 لباقي القطاعات، ولكن أصبحت حالياً %30 في البترول و70% لبقية القطاعات، وتستحوذ الصناعات التحويلية على%40 من هذه الاستثمارات مقابل %30 في قطاع السياحة، والباقي في القطاعات الأخرى ومنها القطاع الخدمي.ونجح برنامج الخصخصة خلال العامين الماضيين في اكتساب قوة دفع كبيرة، وقد استحوذ على نصف عمليات الخصخصة مستثمرون مصريون، بينما تقاسم النصف الآخر مستثمرون من الدول المتقدمة والدول العربية، بينما لم يستحوذ مستثمرو الاقتصاديات الناشئة سوى على ما يقرب من %1 وتشكل مبيعات الأصول المملوكة للدولة معظم الاستثمار الأجنبي المباشر. وجمعت مصر مالا يقل عن 30 مليار جنيه (5.25 مليارات دولار) من بيع أصول مملوكة للدولة بزيادة نحو %50 عن العامين الأخيرين، واستكملت نحو 30 صفقة خصخصة خلال العام. ومن المقرر خصخصة شركات تأمين وشركات لتداول الحاويات وشركات منسوجات. وأصدرت وزارة المالية سندات بالجنيه المصري في الأسواق العالمية لمرتين الأول في شهر يوليو بقيمة 5 مليارات جنيه، وقد شهد الاكتتاب إقبالا من أكبر صناديق الاستثمار، وشركات التأمين والمؤسسات المالية للشراء بصورة فاقت أكثر التوقعات تفاؤلا، حيث تمت تغطية الاكتتاب بأكثر من مرتين ونصف المرة بمبلغ 12.5 مليار جنيه مصري، وتكرر الأمر مع نهاية العام، ومدة إصداره 10 سنوات مقارنة بالإصدار الأول، والذي كان لمدة 5 سنوات وإدارة الطرح مؤسسة مورغان ستانلي وHSBC.وأعلن مؤتمر الأمم المتحدة للتجارة والتنمية (الاونكتاد) تقدم مصر إلى المركز الأول على مستوى القارة الأفريقية في جذب الاستثمارات الأجنبية. وقد تقدمت مصر 35 مركزاً عن العام السابق لتصبح في المركز 33 عالميا وفقاً لمؤشر أداء الاستثمار الأجنبي المباشر. وأشاد «الاونكتاد» بالتحسن في مناخ الاستثمار في مصر، موضحاً أن تدفقات الاستثمارات الخارجية المباشرة إلى مصر قد بلغت 10 مليارات دولار في 2006، ما يمثل أكثر من %40 من إجمالي الاستثمارات المتدفقة إلى شمال أفريقيا، ونحو %30 من الاستثمارات المتدفقة إلى القارة الأفريقية بأكملها.وقامت مؤسسة (كابيتال اينتاليجانس) المتخصصة في التقويم للأسواق الناشئة برفع التصنيف الائتماني الممنوح للاقتصاد المصري من تصنيف مخاطرة إلى تصنيف استثماري، وذلك برفع التقويم الممنوح للعملة الأجنبية من BB+ إلى BBB- في الأجل الطويل، ومن B إلى A3 في الأجل القصير، مع تأكيد التوقع العام للتصنيف كمستقر. وأظهرت إحصاءات رسمية أن معدل التضخم السنوي في مصر ارتفع في ديسمبر الماضي إلى 12.4 في المئة من 12.2 في المئة في نوفمبر ومن 3.1 في المئة في ديسمبر 2005.أما قطاع التكنولوجيا فقد شهد خلال العام إنجازات ملحوظة، حيث حصلت الشركة المصرية للاتصالات على جائزة منظمة (اي تي بي) العالمية كأفضل مشغل للتليفونات الثابتة في منطقة الشرق الأوسط لأدائها المتميز في تحديث شبكة الخطوط الثابتة، والتوسع في تقديم خدمات جديدة، وتعد الجائزة من أهم وأكبر الجوائز في مجال الاتصالات وتضم 13 معيارا من أهمها تحديث الشبكة والخدمات المقدمة.وفي أكتوبر تمت دعوة شركة مصر للطيران رسميا الى الانضمام الى تحالف «ستار لاينز»، وهو ما يؤكد أن الشركة نجحت في الارتقاء بمستواها إلى درجات عالية، وهذا التحالف تأسس عام 1997 كأول تحالف عالمي لخدمة المسافرين ويضم حاليا 17 شركة طيران من كبرى شركات الطيران على مستوى العالم.وفي إطار البرنامج النووي المصري الذي أعلنه الرئيس المصري حسني مبارك قبل عام، تم الإعلان عن إنشاء مجلس أعلى للاستخدام السلمي للطاقة النووية، توطئة لبناء المحطات النووية من دون أن يحدد عددها أو المدى الزمني الذي سيستغرقه بناؤها.وفي مجال الاتفاقيات التجارية الدولية فقد قطعت مصر شوطا طويلا في إقرار عدد منها، وتم إعلان انتهاء مفاوضات إقامة منطقة التجارة الحرة مع روسيا في 2007، كما تم التوقيع على اتفاقية للتجارة الحرة مع تركيا، وأعلنت مصر استعدادها لإقامة منطقة للتجارة الحرة مع الاتحاد الأوروبي خلال 3 سنوات، كما وقعت مصر ومجموعة دول «الأفتا» مذكرة تفاهم اتفق خلالها على إقامة منطقة تجارة حرة مع المجموعة التي تضم كلا من سويسرا وايرلندا والنرويج وإمارة لخنيشتين.أما اتفاقية التجارة الحرة بين مصر وأميركا فقد توقفت مفاوضاتها، ولن تتم قبل عامين على الأقل حتى يتم تجديد الكونغرس للسلطة الممنوحة حاليا للرئيس بوش لعقد الاتفاقيات التجارية التي تنتهي في يوليو القادم. وعلى المستوي العربي عقدت مصر اتفاقيات اقتصادية مع كل من الأردن وليبيا والإمارات وسورية في مجالات التجارة والصناعة والسياحة والزراعة، كما تم توقيع اتفاقيات مهمة للتعاون في مجال تكنولوجيا المعلومات مع الصين والهند، كما وقعت مصر اتفاقيتي قرض مع البنك الدولي، لتنمية السياسات المالية وإصلاح الهيكل المصرفي، وتم توقيع اتفاقيات لتأسيس سلسلة من المشروعات المشتركة بين مصر والصين في مصر باستثمارات صينية قيمتها 2.7 مليار دولار. وكان قطاع البورصة من أنشط القطاعات الاقتصادية في 2007، حيث ارتفع المؤشر الرئيسي لها «كاس 30» من 6770 نقطة ليخترق حاجز 10445 نقطة كما ارتفع مؤشر «داو جونز 20» من 1493 إلى 2183 نقطة مدفوعة بعدد من الصفقات القوية كصفقة الشركة المصرية للأسمنت والتي بلغت نحو 15 مليار دولار، وصعد مؤشر هيرمس القياسي للأسهم المصرية إلى أعلى مستوى إغلاق له، في ما لا يقل عن عامين مع تعزز السوق بفضل إعلان إعادة شراء أسهم من شركة أوراسكوم تليكوم.كما أن صفقة بيع البنك الوطني المصري إلى بنك الكويت الوطني ساهمت بشكل كبير في ارتفاع مؤشرات البورصة المصرية، وهي الصفقة التي أثبتت قدرة القطاع الخاص على عقد صفقات ناجحة، وشهدت البورصة مع نهاية العام أكبر عملية طرح في أسهمها وهي عملية طرح أسهم مجموعة طلعت مصطفى، حيث وصل عدد المعروض منها إلى 2 مليار سهم خصوصا بعد دخول بنك مصر إيران كممول للصفقة، كما شارك سهم عز الدخيلة في هذا الارتفاع بعد شائعات عن تغيير الحكومة المصرية وحصول أحمد عز على مقعد في الوزارة، كما كان لشائعة مرض الرئيس حسني مبارك أثر في سحب استثمارات من البورصة وأن ارتفع مؤشرها الرئيسي في هذه الأثناء بأكثر من 1500 نقطة، كما ارتفعت بعض أسهم الإسكان والعقارات مواصلة مكاسبها بعدما جلبت أراض أسعارا مرتفعة في مزادات حكومية.
اقتصاد
تقرير اقتصادي مصر: 2007... عام الاستثمارات العملاقة والإشادات الدولية بيع المصرية للأسمنت والبنك الوطني أهم الصفقات... وانفلات الأسعار أبرز الانتقادات
01-01-2008