طاقة شعرية متمردة تريد تخطي كلّ ما هو محظور واختراق التابوهات وتحرص في الوقت نفسه على الالتزام لأنها لنجل أحد أهم الدعاة الإسلاميين في الوقت الحاضر الشيخ يوسف القرضاوي. يجول

Ad

عبد الرحمن يوسف ويصول عبر قصائده السياسية والعاطفية إلا أنه يرفض دوماً الحديث عن علاقته بوالده معللاً ذلك بقوله «أنا أرفض أن أكون ممّن يعرفون بالإضافة، أو يلحقون بآبائهم». عن تجربته الشعرية وحياته كان لنا معه هذا الحوار:

خبّرنا عن بداياتك في الشعر؟

تعود رحلتي مع الشعر إلى مراحل الدراسة الابتدائية والإعدادية وكانت كتاباتي آنذاك متماسكة ولا تغري بالاستمرار. بعد ذلك توقفت ثم عدت إلى الشعر مرة أخرى بعد تراكم ثقافي وأنتجت ما يغري بالإنطلاق في التجربة. بدأت بكتابة الغزل والوطنيات والإسلاميات وكنت غزير الإنتاج في هذه المرحلة، ساعدني على ذلك حفطي أكثر من ألف بيت شعر بالإضافة إلى أستاذ اللغة العربية الذي مازلت أذكر اسمه حتى اليوم وهو محمد سيد سعيد.

ماذا عن مراحل تطور عبد الرحمن يوسف؟

أهم مراحل تطوري هي دخولي عالم النشر والتفاعل مع الجمهور في الندوات، أعتقد أن اكتمال دائرة الإبداع تكون مع الملتقى «أي الاتصال به» رغم التحذيرات من الاتصال بالجمهور خوفاً من أن يكتب الشاعر لكي يصفق له الناس فحسب فينتج ما يريدون لا ما يشعر به. أعتقد أنني تجنبت هذا الخطأ لأن الجمهور ينقسم حول نتاجي بين مصفق لي وغاضب علي والدليل الاتهامات التي توجه إليَّ، إذ يعتبرني اليمينيون يسارياً واليساريون يمينياً.

كيف ترى موقعك بين شعراء جيلك؟

لا أعرف، لأنني لا استطيع أن أُقيّم نفسي، إلا أن الشعر العربي الأصيل الفصيح يشكو اليوم من الفراغ ولا أرى أحداً متميزاً ممّن لم تكتمل تجاربهم بعد، خلافاً للوضع الذي كان سائداً في السابق وتميز بوجود كم من الشعراء الكبار.

لماذا لم تبرز أصداء أعمالك في مرآة النقد؟

أعتقد أن صمت النقاد تجاه أعمالي يعود إلى اعتبارات سياسية، ثم إن النقد الأدبي ليس موجوداً في العالم العربي فعدد النقاد الحقيقيون والذين يؤخذ بكتاباتهم محدود جداً ولهؤلاء جميعهم اعتباراتهم ويصعب على شخص مثلي (يقوم بهذا الدور بصراحة وجرأة) أن يحصل على حقه منهم.

ما الدور الذي تقصده؟

دور الطفل الذي لا يزين الحقائق.

هل يساعد عملك كناشر على شيوع اسمك؟

الأمر ليس كذلك. بدأت بنشر أشعاري في دار النشر التي تخصني في وقت لم يتجرأ ناشر أن يضع اسم داره على كتاباتي. نشرت كلّ كتاباتي ما عدا ديواني الأول الذي صدر العام 1992 عن إحدى دور النشر الخاصة.

هل تمت مصادرة أحد كتبك؟

لم يحدث هذا الأمر في مصر لكنه حدث في دول عربية أخرى كثيرة وهذا يعود، في رأيي، إلى أن كتابتي تكشف الحقائق ولا تزين الأباطيل.

لم يُمنع لك ديوان في مصر وأنت تقول إن النقاد والناشرين يخشون التعامل معك، ألم يكن أولى أن تمنع دواوينك؟

أعتقد أنه لو حصل ذلك في مصر، ستمنع أعمال كثيرين من الشرفاء قبلي مثل يوسف شاهين ولو وضع سلم أولويات للمنع في مصر أظن أنني لست الشخص الذي يمنع نتاجه أولا.

توقفت عن إصدار الكتب من 1992 إلى 2003 أين كنت هذه الفترة؟

كنت أكتب ولكن لم أنشر ولم أشارك في أي شكل من أشكال التواصل الثقافي مع أحد.

لماذا؟

أسباب شخصية لا أستطيع الحديث عنها.

ما سبب حرصك على إلقاء قصائدك بنفسك في المناسبات المختلفة؟

إلقاء الشعر جزء مهم من عملية كتابته، لأن الشعر في النهاية أدب مسموع وكان في الأصل ينشد. كان دافنشي يقول إن اللوحة هي قصيدة مرئية والقصيدة لوحة مسموعة، جزء كبير من تجربتي مع الشعر هو الانتشار السمعي والبصري. أحيانا أجهز القصيدة ولا ألقيها واتحين الوقت المناسب لإظهارها، من المهم أن يتعلم الفرد كيف يلقي قصائده لأن ذلك يؤثر على الكتابة في ما بعد. أغنى التفاعل مع الناس تجربتي كثيرا لأنه جعلني أكتشف الانطباعات حول ما اكتب وأتأكد من مواضع القوة والضعف في القصيدة.

تظهر كثيراً في إطار الفعاليات السياسية، هل لك انتماءات سياسية؟

ليس لديَّ طموحات سياسية وأنا حريص على أن أكون مستقلاً لأن الأحزاب والجماعات تتغير وتتلون ومن المفترض أن بيني وبين القارئ وعداً غير معلن على الالتزام بمبادئ معينة.

يتهمك البعض بأنك تتاجر بالأحداث السياسية ما ردك؟

معظم قصائدي سياسية لكنني لا أتاجر بالأحداث، أنا انفعل بالحدث وأكتب انفعالاتي، مثلا حادث غرق العبارة «السلام 98» لم أكتب عنه عند حدوثه إنما في الذكرى السنوية الأولى، عز عليَّ أن أهالي الضحايا لم يجدوا قبورا لضحاياهم، تخيل مصري بلا قبر ونحن نبني القبور منذ 7 آلاف سنة. لو كنت أتاجر بالأحداث لكتبت عن الحدث لحظة وقوعه.

ماذا عن الموسيقى، هل حقاً تعزف العود؟

نعم تعلمت العزف عليه على يد نصير شمة في بيت العود. ألحن أحياناً بعض قصائدي وأحياناً أخرى أغنيها مثل أغنية «الحزب الوثني» التي كتبتها بناء على ظرف معين هي الانتخابات، لذا سجلتها وبثيتها على الانترنت بصوتي وانتشرت.

ألم تفكر في العمل كموسيقي؟

أتمنى، لكن الوصول الى المطربين عملية صعبة تحتاج إلى مراوغات لا اجيدها. لديَّ أغانٍ بالعامية كتبتها ولحنتها على امتداد تجربتي.

من تحب من شعراء جيلك؟

تميم البرغوثي.

لماذا سجلت ديوانك على شريط كاسيت؟

لم أسجل ديواني على شريط كاسيت، ما حدث هو أنه في العصر الذي نعيش فيه حكم على الشعر بأن يـُسمع لا أن يـُقرأ، بالتالي تولّى بعض الناشطين السياسيين جمع قصائدي السياسية المتفرقة، من خلال موقعي الشخصي على الإنترنت ومواقع أخرى تتابع نشاطاتي وندواتي، على شريط كاسيت وطرحوها في الأسواق. إنها المرة الأولى التي توزع فيها قصائد من إلقائي على كاسيت، فقد اعتدت بثها على الشبكة العنكبوتية.

هل طباعة الديوان على شريط الكاسيت أفضل أم الطباعة الورقية، من حيث سهولة الإنتاج أو الطبع والتوزيع والإنتشار في السوق؟

الطباعة الورقية هي الأصل، أما شريط الكاسيت فينتشر أكثر. لا أستطيع أن أقيم التجربة من ناحية الإنتاج والتوزيع، لأنني لم أتدخل في هذا الأمر، كل الحكاية أن بعض الناشطين استأذنوني في طباعة الشريط، وأنا أذنت لهم من دون مطالبتهم بأية حقوق.

كيف ترى منافسة الشعر في سوق الكاسيت وما التحديات التي يواجهها؟

يحتاج الشعر إلى شعراء على قدر من الثقافة لكي ينافس التوزيع، لكن للأسف الشعراء الحقيقيون على وشك الانقراض.  

هل ينجح الشعر في حث الناس على الثورة؟

لا وجود لشعر أشعل ثورة ولكن في المقابل لم تشتعل ثورة من دون الشعر.

قصيدة

بــَــابُ الـتـَّأريــخِ . . .

تـَتـَعَـالـَــــــى فـــــــي الـظـَّــــــلام ِ الأسْـئِـلـَـــــــهْ بَـيـْـــــــنَ حِـرْمـَــــــان ٍ و تِـيــــــــــهٍ و وَلـَـــــــــهْ

تـُقـْبــِــــــلُ الأفـْكـَـــــــارُ نـَحـْــــــوي دافِـقــَــــاتٍ و خـَيـَالـــــــي فـــــــي دُرُوبِ الـهَـرْوَلـَـــــــــهْ !

و فـُـنــُــــونٌ . . دَفـَعـَـتـْـنـِــــــي لـلـمَـعـَالـِــــــــي و رَمَـتـْـنـِــــــي فــــــي بـِحَـــــــار ِ الـمَـهْــزلـَـــــهْ

عَــذ َّبَـتـَْـنـِـــــــي بـِفـِـــــــــــراق ٍ و وِصَــــــــــال ٍ فـَأنـَــــا مَـقـْـتــُـــــولُ هـَجــْـــــــر ٍ وصِـلــَـــــهْ !

أنـْـصَــــتَ الـبَــــدْرُ إلــــى شِـعــْــــري مَـسَـــــاءً ثــُــــــمَّ أبْـصَــــــرْتُ صَـبَـاحـِــــــــي رَتـَّـلــَــــــــهْ

كــُـــلُّ أبْـيـَــــاتِ ابْـتِـهـَــــاج ٍ عِـشـْــتُ فـيـهـَـــــا أسْـقــَـــــط َ الـحــُـــــزْنُ عَـلـَيْهَــــــــا مِـعْـوَلـَــــــهْ

رَاكِـــــــبٌ فـــَـــــــوْقَ حِـصــَـــــان ٍ عـَـربـِـــــــيٍّ بـَاحـِــــثٌ عــَـــنْ قـَاتِـلـــي كـَــــيْ أقـْـتـُـلـَـــــهْ

أنـْْحـِــــــتُ الأفـْـكـَـــــارَ تِـمْـثــَـــــالَ رُخـــَـــــــام ٍ و خـَـيَـالــــــي مــِــــــنْ خـَيَـالـــــــي شـَكـَّـلـَــــــهْ

قــَـــــدْ تـَمـَـــرَّدْتُ عَـلـــى أيـــَّـــام ِ عُـمـْـــــــري فـَغـــَــــــدا آخِــــــــــرُ عُــمْـــــــــري أوَّلـَـــــــهْ !

و إذا قـُلــْـــــــــتُ بـإيـمـَانــــــــي كـَلامـَــــــــــــا ً جــَـــــــاءَ مَـعْـتــُـــــــوهٌ لِـكـُفــْـــــــر ٍ أوَّلــَـــــــهْ !

مِـثــْـلُ نــُور ِ الـصُّـبـْــح ِ مـَـعْ عَـيـْـن ِ جَـحــُــودٍ فــــــــــي ثـــَـــــــوان ٍ لِـظـَــــــــلام ٍ حَـوَّلـَــــــــهْ

أيـُّهـَـــا الإنـْــسُ. . . أجـيـبــُـوا عـَـــنْ سُــؤالــي فـَـلـَـقــَـــدْ أضـْـنـَــــتْ عُـلـُومـــــــي الـمَـسْـألـَــــهْ

أيـُّهــَــا الـجـِـــنُّ. . . أنـيـــــروا لــــي طـَريـقــَـــاً وافـْـتـَحــُـــــوا لـلـقـَـلـْــــبِ لـَيـْـــــلا ً مَـنـْـدَلـَــــهْ

أيـُّهــــا الـصُّـبـْــحُ. . . أغِـثـْـنـِــــي بـشـُعــَـــاع ٍ مِـثــْــــل ِ خـَيـْـــطِ الـحـَــــقِّ حَـتــَّـــى أغـْـزِلـَــــهْ

كـَـيـْــفَ يَـحْـيـَـا الـفــَــنُّ عُـصْـفــُـورَاً سَـجـِيـنـَـا ً فــــــي مَـواخـيــــــر ِ رُبــُــــــوع ٍ مُـهْـمَـلــَــــهْ ؟

كـَـيـْــفَ يَـبْـقــَى مُـورِقــَــا ً ؟ و الـكــُـلُّ يُهْـــوي نـَحــْـــوَهُ فــــي كـُـــــلِّ يَـــــــوْم ٍ مِـنـْجـَـلـَـــــهْ؟

كـَـيـْـــفَ يَـحْـيـَــا الـفـَــــنُّ والإبـْــــدَاعُ حــُـــــرَّاً وهـْـوَ يَـجْـثــُو فــي انـْتِـظـَـار ِ الـمِـقـْـصَـلـَـهْ