Ad

إننا ننسى أن كل يوم عاشوراء، وكل أرض كربلاء، وننسى أنه في كل يوم وفي كل أرض نستطيع أن نتّخذ موقفاً حاسماً لنصرة الحق ضد الباطل، لكننا نعجز عن اتخاذ حتى أضعف المواقف مما يجري في كربلاء اليوم «غزة»، فلكم الله يا أهل غزة، فأنتم كما سيد الشهداء «عليه السلام» بلا ناصر ولا معين أمام طغاة زمانكم.

في كل عام تأتي ذكرى استشهاد الإمام الحسين «عليه السلام» في معركة تاريخية بين الحق والباطل كان شعارها «هيهات منا الذلة»، وفي كل عام نستذكر الدروس والعبر من تلك الملحمة الخالدة ونتمنى لو كنا مع سيد الشهداء في تلك اللحظة لندافع عنه بأرواحنا، لكننا في نفس الوقت ننسى أن كل يوم عاشوراء، وكل أرض كربلاء، وننسى أنه في كل يوم وفي كل أرض نستطيع أن نتّخذ موقفاً حاسماً لنصرة الحق ضد الباطل، لكننا نعجز عن اتخاذ حتى أضعف المواقف مما يجري في كربلاء اليوم «غزة».

فنحن أمام تجربة شعب رفض الذل والهوان والتنازل والانبطاح... شعب يواجه بصدره العاري جبار زمانه وما يملكه من أسلحة دمار شامل، وهو شعب يعرف أن مصيره القتل والتشريد والجوع والحرمان والحصار، لكنه ثابت على موقفه ومستمر في مقاومته، وفي المقابل ما موقفنا نحن من كل ما يجري؟ الجواب «لا شيء»، فنحن مستمرون في حياتنا الروتينية... نأكل ونشرب ونتابع أمورنا المادية وكأن شيئاً لم يكن، لكن، هل سنستمر على هذه الحال أم سنقف مدافعين عن المستضعفين الذين لا ناصر ولا معين لهم؟ وهل سنحمي خيم النساء الثكالى من الحريق؟ وهل سنحمي عبدالله الرضيع من صواريخ الصهاينة حتى ولو بكلمة أو دعاء أو تبرع بمال؟

والفاجعة الكبرى هي موقف هذه الأنظمة المسماة مجازاً «عربية»، فقبل عام ونصف العام عندما شن الصهاينة حربهم الشعواء على لبنان، صاح البعض وغضب على المقاومة بسبب تهورها واستفزازها لإسرائيل، وكان يقال إنه كان من الأولى أن يترك موضوع إدارة الصراع مع الصهاينة للحكمة العربية، فلهؤلاء نقول: أين الحكمة العربية اليوم لتنقذ الشعب الفلسطيني من مأساته؟! ولماذا لا تتدخل هذه الأنظمة سواء بالمال أو بالنفوذ لتضع حداً أمام هذه المهزلة؟ أم أن الواقع المر يقول إن الأنظمة العربية ليست صامتة فحسب بل بعضها متواطئ في هذه الجريمة، ففي الأمس يحرمون الحجاج من العودة إلى ديارهم واليوم يقفون متفرجين على كل ما يجري من دون فتح حدودهم، كما يستقبلون مدير مبيعات شركات الأسلحة جورج بوش لتذهب الأموال العربية لشراء أسلحة يتم تكديسها في المخازن من دون استعمالها.

وهذه الأنظمة التي تدّعي حماية المصالح العربية هي نفسها التي صمتت صمت الحِمْلان عند اجتياح أثيوبيا للصومال، بل إن إحدى الدول العربية قالت إنها «تتفهم» أسباب هذا الاجتياح «يا حلاوة»!

لكم الله يا أهل غزة، فأنتم كما سيد الشهداء «عليه السلام» بلا ناصر ولا معين أمام طغاة زمانكم، لكن المحزن هو أنه باستطاعتنا كسر هذا الحصار والقتل بكل يسر وسهولة، لكن حكوماتنا تخذلنا لأنها خاضعة لهؤلاء الطغاة، فبيدنا سلاح النفط، وعندنا حدود واسعة مع الضفة الغربية وغزة، والأهم من هذا وذاك لدينا الرفض التام من شعوب المنطقة لهذا الكيان الغاصب، وهذا الواقع يذكرني بالمثل المشهور: «بالملح أداوي ما خرب... آخ إذا الملح اخترب!».