Ad

صحيح أن مجلس الامة غارق في الشأن الداخلي بسبب المشاكل الكثيرة لحكومتنا البالية، لكن هذا لا يجب أن يمنعه من مساءلة الحكومة عن سياستها الخارجية.

يمر علينا مؤتمر «التخريف» في «أنا إبليس» مرور الكرام، وكأن الأمر لا يعنينا من قريب أو من بعيد، ومن دون أن نبدي اهتماماً لأبعاد هذا المؤتمر على الساحتين العربية والإسلامية، لأننا منغمسون في الشأن الداخلي بشكل كبير.

فعلى عكس مؤتمر مدريد، فإن الدول العربية جميعها كانت حاضرة في هذا المؤتمر -في خطوة تمهيدية للتطبيع ولقاءات علنية مستقبلاً- للرهان على حصان خاسر سلفاً وللتسويق لبضاعة فاسدة. فبعدما كانت الأطراف الثلاثة المعنية تأمل في الخروج من هذا المؤتمر بنتيجة مبدئية على الأقل، فإنه من الواضح الآن أن هذا الحدث لن يكون سوى لقاء علاقات عامة بعدما رفض الإسرائيليون حتى الموافقة على إعلان مبادئ مشترك وتحديد جدول زمني لإقامة الدولة الفلسطينية.

إن من السذاجة الاعتقاد بأن حلاً للقضية الفلسطينية سيحصل على يد ثلاثة رؤساء ضعفاء (بوش وعباس وأولمرت) يعانون تدهوراً في شعبيتهم بشكل كبير ولا يملكون تفويضاً للقيام بهذا الحل، بينما فشل كلينتون وعرفات وباراك في حل القضية، مع انهم كانوا يتمتعون بتأييد أفضل كثيراً من خلفائهم الحاليين. فأقصى ما يمكن للفلسطينيين التنازل عنه سيكون بعيداً عما يطلبه الإسرائيليون، خصوصاً موضوع اللاجئين، الذي شدد عليه رئيس الوزراء اللبناني السابق سليم الحص، واصفاً القضية الفلسطينية بأنها قضية شعب مشرد قبل أن تكون قضية أرض.

لكن الغريب في هذا المؤتمر هو أن العرب جميعهم شاركوا من دون قناعة، بدليل أن أكثر من وزير عربي قال إن بلاده ستشارك نظراً الى الإجماع العربي! فإذا كانت الأكثرية تذهب للمؤتمر نتيجة هذا الإجماع، فمن الذي وافق إذن حتى يتكّون هذا الإجماع؟! ومع اننا يجب أن نشيد بعدم مشاركة حكومتنا بهذا المؤتمر، لنا أن نتساءل عن سياستنا الخارجية بشكل عام، وعلى أي أساس تم تصنيفنا من ضمن الدول المعتدلة أو بالعربي الفصيح «المنبطحة» و«المنطوية» تحت مظلة السياسة الأميركية التي لا هَمَّ لها في المنطقة سوى الحفاظ على إسرائيل والدفاع عنها؟!

الأهم من هذا وذاك، هو أين مجلس الأمة من كل ما يجري على الساحة الدولية؟ صحيح أنه غارق في الشأن الداخلي بسبب المشاكل الكثيرة لحكومتنا البالية، لكن هذا لا يجب أن يمنعه من مساءلة الحكومة عن سياستها الخارجية وتخصيص جلسة لمناقشة هذه السياسة لأن ما يجري على الساحة الإقليمية يمس شأننا الداخلي بشكل مباشر، ولاسيما الجانب الاقتصادي. وكل ما أخشاه أن تأتي حكومتنا يوماً لتطلب من المجلس الموافقة على تطبيع العلاقات مع هذا الكيان الغاصب بحجة «الإجماع العربي»!

******

يبدو أن مقال الأسبوع الماضي أثار المواجع لدى العاملين بالقطاع النفطي، ومن يتصفح منتدى العاملين بهذا القطاع يدرك أن خيار الاستقالة أصبح جدياً لدى الكثيرين مما ينبئ بتسارع عملية تسرب العنصر الوطني من هذا القطاع الحيوي. ومنا إلى حكومة «الترقيع».