«المال الغبي» (Dumb Money)، هو وصف أطلقه أحد خبراء الاستثمار الأميركيين في منتدى دافوس على استثمار الصناديق السيادية لدول الخليج ودول شرق آسيا في البنوك الأميركية (1)، حيث يتساءل الأميركيون عن الأسباب وراء استثمار الصناديق السيادية لدول مثل سنغافورة والامارات والكويت في مؤسسات مالية أميركية مثل «سيتي غروب» و«ميريل لينش»، في حين لم يقم المستثمرون الأميركيون أنفسهم بذلك، بل ويتم نصحهم بعدم الاستثمار في البنوك الأميركية في الوقت الحالي، وذلك لأن أزمة الرهن العقاري ما زالت في بدايتها، ومن المتوقع المزيد من الخسائر للمؤسسات المالية الأميركية، كما أعلن ذلك رؤساء هذه المؤسسات، ومن ضمنهم رئيس «ميريل لينش» نفسه.

Ad

هل هو مـال غبـي؟ أم مـال غـير مبال؟ أم مـال سياسي؟

من الناحية الاقتصادية أو الاستثمارية، لا نفهم لماذا استثمرت الصناديق السيادية من دول الخليج وشرق آسيا دون سواها في المؤسسات المالية الأميركية الآن، وكرة أزمة الرهن العقاري ما زالت تتدحرج؟ ولماذا لم تنتظر هذه الصناديق حتى تنتهي الأزمة، وتعرف البنوك الأميركية مدى خسائرها، ومن ثم يتم اتخاذ قرار الاستثمار في هذه البنوك؟ خصوصا أن الخبراء يتوقعون ركودا اقتصاديا في الولايات المتحدة الأميركية هذا العام، وعادة ما يكون قطاع البنوك أول المتأثرين بالركود الاقتصادي.

كما لا نفهم لماذا استثمرت الصناديق السيادية في مؤسسات مالية أميركية لا تتميز بحسن الإدارة؟ فإدارة «سيتي غروب» مثلا أثبتت على مدى السنوات أنها لا تستطيع تجنب أي من الأزمات المالية، فوقعت في أزمة تلو الأخرى: مثل أزمة ديون الدول النامية في الثمانينيات، ثم مشكلة شركة أنرون في عام 2001، وأخيرا المشكلة الحالية وهي خسائر الرهن العقاري، وجميع هذه الأزمات كلفت البنك خسائر طائلة.

ومن الناحية السياسية أو الإستراتيجية، لا نفهم السبب من وراء هذه الاستثمارات؟ هل ستحصل دول الصناديق السيادية مثل سنغافورة والامارات والكويت على أي خدمات مجانية من الحكومة الأميركية؟ خدمات تكنولوجية أو مساعدات عسكرية مثلا؟

من الواضح أن الصناديق السيادية لدول الخليج ودول شرق آسيا أدت خدمة عظيمة للحكومة الأميركية، حيث وفرت عليها صرف مبالغ طائلة من جيبها لإنقاذ مؤسساتها المالية، والتي بلغت حتى الان 60 مليار دولار، ولكن ماذا جنت دول الخليج وشرق آسيا في المقابل؟ باستثناء الربح غير المضمون في الأمد البعيد؟

قد يكون السبب وراء استثمار الصناديق السيادية في البنوك الأميركية في الوقت الحالي، هو أن مال هذه الصناديق مال غبي وغير مبال، وكذلك مال «خامل»، كما وصفه العضو المنتدب لهيئة الاستثمار الكويتية في حديث له الاسبوع الماضي في منتدى دافوس للاقتصاد العالمي (2).

(1) قناة CNBC الأميركية - يوم الجمعة 25 يناير 2008

(2) جريدة القبس - يوم الجمعة 25 يناير 2008