أكد الكاتب د. سامي ناصر خليفة أن الفكر المتطرف موجود في الكويت لكن بشكل أقل وأضعف من البلدان الأخرى المجاورة، وأرجع ذلك إلى تمتع الكويت بقدر من الانفتاح السياسي ووجود هامش أوسع من الحريات، من خلال وجود قنوات دستورية وصحافة حرّة، يمكن للجميع بمن فيهم أصحاب الفكر المتطرف أن يعبروا عن آرائهم. ولكنه قال: «مهما كان مستوى المعيشة والأوضاع الاجتماعية أو السياسية المنفتحة في البلاد، فإن سلوك الدولة بات يمثل العنصر الأهم في انتشار التطرف في البلاد وتفاقمه».

Ad

الثقافة الريعية

وأضاف أن فكر التطرف ليس موجودا في البيئات الفقيرة فقط، لكنه نمى وترعرع في البيئات الثرية أيضا، فمنطقة دول مجلس التعاون الخليجي باتت وللأسف الشديد تمثل أحد مصادر هذا الفكر، موضحا أن الرخاء المادي لا يكفي لتوفير الاستقرار النفسي والارتياح الذهني والأمن في المعتقد للمواطن في الخليج بشكل عام وفي الكويت بشكل خاص. وتابع يقول: «أحسب أن المسؤولية الأكبر تتحملها أنظمة الخليج العربية التي كرست عبر عقود من الزمن الثقافة الريعية بكل ما تحمل من سلبيات وتناسوا أن لشعوب الخليج تطلعات ورغبات وقيماً وكرامة».

وأضاف د. سامي خليفة أن اجتياح الفساد الأخلاقي والانحلال الاجتماعي والتغريب الثقافي بمجتمعنا المحافظ، في ظل عجز الدولة عن التصدي والحماية، ستولد سخطا وامتعاضا وضجرا مؤكدا في أوساط الطبقة المحافظة، وستخلق لديها شعورا بأهمية اندفاعها لحماية قيمها وعاداتها وتقاليدها بنفسها، وهذا الشعور هو الذي يخلق تلك الدافعية للتطرف، وبالتالي فإن الإرهاب هو إحدى أهم أدوات هذا التطرف في الكثير من الأحيان، وتابع يقول إن المرء حين يفقد الأمل في قدرة الدولة على إيقاف معولات هدم القيم في المجتمع، فإنه من الطبيعي أن يبدأ هو في التفكير بالتصدي بنفسه، وإن تطلب الأمر أن يخرق القانون أو يشذ في سلوكه المضاد عن المجتمع، خاصة إذا ما انتابه شعور باليأس والإحباط، فإنه قد يتجه إلى تكفير المجتمع واستباحة كل ما فيه.

تطبيق الدستور هو الحل

وحول رأيه في الحد من الفكر المتطرف وعلاجه يقول الكاتب سامي ناصر إن لدينا في الكويت دستورا رائدا يضع مفهوم المواطنة أساسا للتعايش، ويساوي بين البشر ويرفع الظلم، لكن الخلل في التطبيق أدى إلى انتشار الطبقية والفئوية والطائفية والقبلية والعائلية التي ساهمت في توفير بيئة مناسبة لنمو الفكر المتطرف، وبالتالي فإن البداية تكمن في التزام الدولة بالدستور وتوعية المجتمع بأهمية الامتثال الكامل له، ولن يتأتى ذلك ما لم تدرك الحكومة أولا أن فاقد الشيء لا يعطيه، فمن لم يمتثل حرفيا بروح الدستور كيف يمكن أن يوّعي الآخرين بالالتزام به نصا وروحا؟!

ودعا الدولة إلى معرفة أن تماديها في غض النظر عن السلوكيات التغريبية والارتماء في أحضان دعاة الإباحة والرذيلة التي تمس قيم المجتمع بصورة مباشرة، من شأنه أن يضعف حصانة المجتمع في مقاومة الفكر المتطرف، وبالتالي فإن للدولة الدور الأول والأهم في حماية قيم المجتمع، وأعرافه الحميدة وتقاليده الخيّرة وعاداته النبيلة ومبادئ الدين الحنيف التي تربى عليها المجتمع.

وأوضح أنه لا يمكن النأي عن الاحتقان السياسي والطائفي الذي يصدّره العراق الى دول الجوار ومنها الكويت، ولكن من المهم التعاطي مع مشكلة هذا الاحتقان بشفافية كاملة من جانب، والتصدي بحسم وحزم لكل معولات هدم الوحدة الوطنية من جانب آخر.

وطالب الحكومة بدراسة هذا الصراع الطائفي وقياس آثاره السلبية ووضع الحلول المناسبة قدر الإمكان لمواجهته، وأحسب أن البرامج التي وضعتها الدولة فيما يتعلق بالمنهج الوسطي لا يمكن أن تكون كافية في إزالة ثقافة الاحتقان الطائفي التي تعززت عبر العقود الماضية، ما لم تبادر الحكومة الى تغيير العقلية الريعية وإطلاق مكونات المجتمع نحو قيادة عمليات التنمية بكل حرية وشفافية.