براد بيرد واحد من مُنتجي الرّسوم المتحرّكة القلّة الّذين يُدركون معنى «الفيلم العائلي». يقدّم إنتاجه إلى المشاهدين، من كلّ الأعمار، ولا يخسر أي فئة منهم على حساب فئة أخرى. بعد The Iron Giant و The Incredibles اختار بيرد الجرذان لتكون بطلة فيلمه الكارتوني الجديد Ratatouille الذي يدور في مطابخ باريس.

Ad

إنّ اختيار موضوع كهذا ووضع موازنة مرتفعة لتنفيذه مغامرة بذاتها. فالجرذان ليست المستحبة لدى الصغار. ورغم ذلك يتمتع فيلم Ratatouille بالمستوى نفسه بل أفضل مما حقّقه فيلمه الكارتوني السابق The Incredibles الذي اعتبره معظم النقّاد أفضل فيلم رسوم متحرّكة منفّذ بواسطة الكمبيوتر.

«ريمي» جرذ يهوى فنّ الطبخ٬ مترفع جداً لا يأكل القمامة ويستعين به الآخرون كـ{كاشف سموم» باستطاعته معرفة إن كان الطّعام سامًّا من خلال شمّه. في كلّ الأحوال٬ يرغب «ريمي» في أن يُصبح طبّاخًا ماهراً وجاءته فرصة تحقيق هدفه حين التقى الشاب «لينغويني» عامل التنظيفات في مطعم «غوستو» الباريسي المشهور. اختبأ «ريمي» تحت قبّعة الطبّاخين الخاصّة بـ{لينغويني» وراح يحثّه على تحضير الأطباق الشهيّة المُدهشة. مثل «سيرانو دو برجيراك» يعمل «ريمي» جاهدًا ويتلقّى «لينغويني» المديح. بعدها أصبح مطعم «غوستو» شغل المدينة الشّاغل واستطاع «لينغويني» الوصول إلى قلب امرأة أحلامه «كوليت». لكن المشكلة تظهر عندما قرر الشيف الاحتيال على «لينغويني» لسرقة المطعم وحرمانه من إرث والده الطباخ الماهر «غوستو» صاحب المطعم. وحين يستعيد الشاب المطعم يقرر الانتقام منه. يتزامن ذلك مع قرار النّاقد الغذائي «أنتون إيغو» تناول وجبةً في مطعم «غوستو» لكن ليلةَ وصوله اختفى الجرذ «ريمي»!

أثبت فيلم Ratatouille أن مُستوى الافلام الكارتونية تقدم على نحو لافت من الناحية التقنية فشخوصه أصبحت أكثر واقعية وجاذبية وبات واضحا أنّ مستقبل الرّسوم المتحرّكة بواسطة الكمبيوتر لن يعرف حدودًا. هذا جلي في الفيلم، تحديداً في نصفه الثّاني، مع مشهد مطاردة يأخذنا إلى شوارع باريس والمراكب العائمة على نهر السّين. مشهد رائع إلى حد أنّه يستحيل التصديق أنّه عمل كمبيوتر. ما يجعل الفيلم مرشحاً بقوة لجائزة أوسكار أفضل فيلم كارتوني لعام 2007.

نجح المخرج بيرد في جعل كلمة تسامح طاغية في فيلمه فالصّراع بين الجرذان والبشر انتهى هنا عندما وجد كل منهم نقطة مشتركة وتعلّم القليل من الآخر. اللافت أيضا غياب الغناء والرّقص اللذين يشكّلان مصدر بهجة للأولاد في هذا النوع من الافلام فغلبت مشاهد حركة الكوميديا المثيرة لضحك المشاهدين من الأعمار كافّة.

لم يعتمد اختيار أصوات الشخوص في الفيلم على ممثّلين معروفين بل على أشخاص يملكون أصواتًا عاديّة باستثناء الممثل القدير بيتر أوتول الذي أعطى بصوته عمقًا شريرًا لشخصيّة «أنتون إيغو» (رغم أنّ شخصية «أنتون» يبدو مثل النجم كريستوفر لي). يذكر أنه ليس الدّور الأوّل لبيتر أوتول في فيلم كارتوني إنما قد يكون الأبرز.

يقدّم Ratatouille إلى مُشاهدي السّينما أمرًا بات نادرًا اليوم: فيلم عائلي ذو نوعيّة عالية. مضت سنوات على مشاهدتنا فيلماً مماثلاً يزيل الآثار السلبيّة التي تركها فيلم Shrek The Third البلا نكهة. ملائم مناسب للأهل الّذين يرغبون في تمضية الوقت مع أولادهم أو الرّاشدين الّذين يرغبون في مشاهدة فيلم خفيف لا يثير الغرائز مثل باقي أفلام الصّيف. Ratatouille طبق شهيّ لذيذ.