هذه القصة جرت في عهد الأمير محمد بن رشيد (1289- 1315هـ)، وهناك أيضا من يرى أنها جرت في عهد عبدالعزيز بن رشيد (1315- 1324هـ)، وأنها جرت يوم وقعت الشنانة سنة 1322هـ، حيث قبض رجال عبدالعزيز بن رشيد على دخيل البلالي وخويه الصبي، لأنهما كانا من اتباع الملك عبدالعزيز آل سعود، وكانا يحاولان التسلل إلى مخيم ابن رشيد لمهاجمته اثناء معارك الشنانة.

Ad

ومفاد هذه القصة النادرة، أن دخيل البلالي من الوسدة من بني سالم من حرب، كان له جارة من قبيلة مطير توفي زوجها في احدى الغارات، ولم يترك لها سوى ابن صغير السن، وفي احد الايام اراد دخيل الله البلالي ان يغزو بعض القبائل المعادية، كما هي عادة العرب في ذلك الحين، فأراد الصبي ان يرافقه وحاول البلالي ان يعتذر له عن ذلك، لصغر سنه، لكن الصبي اصرّ على طلبه كما ابدت امه رغبتها ايضا في اشتراك ابنها في هذه الغزوة، ليتعلم ويتدرب على الغزو والقتال، ولم يجد البلالي بداً من الموافقة تقديراً لجيرانه.

وحرصا من أم الصبي على ابنها الوحيد، جاءت إلى البلالي لتوصيه وتؤكد عليه ان يحرص على سلامة ابنها، وتوسلت اليه ان يعتبره امانة معه يحافظ عليه كما يحافظ على أعز ابنائه.

وأراد الله أن يقع البلالي ورفيقه الغلام في يد رجال ابن رشيد، فأحضروهما اليه، ولما أوقفوهما امام ابن رشيد قرر قتلهما، فحاول البلالي أن يمنع قتل صاحبه، لأنه أمانة معه، فقال لابن رشيد «يا طويل العمر ان هذا ابني وهو غلام كما ترى، والله انه وحيد امه وستموت ان جاءها خبر مقتله، اما انا فهذه رقبتي فاقتلني»، فاستجاب الامير لتوسّلاته واكتفى بقتله وامر بإخلاء سبيل الغلام، ولما هدأ روع الغلام اخبرهم بالحقيقة المذهلة، ويقال ان ابن رشيد ندم على قتله لأنه رجل وفيّ وشجاع، لكن فات الأمر وسبق السيف العذل!

أما والدة الصبي فإنها لما عاد إليها ابنها سالما، وعلمت بالخبر فقد تأثرت كثيرا وأعجبت بفعل هذا الرجل الشهم، لكنها لم تجد ما تكافئ به صنيعه إلا الشعر الذي يعتبر وسام الشرف ونوط التقدير عند العرب، فقالت من قصيدة طويلة:

البارحة عيني حريب ٍلها النوم

تسوقها لوعات غبر الليالي

كأن في عيني حزازات وهـــــــزوم

انحب ولاني في نحيبي لحالي

صار القضا واللي جرى شي مقسوم

الله يبيحك يا دخيل البلالي

مرحوم يا غيث المساكين مرحوم

اللي فدا بروحه شريدة عيالي

الاجنبي في قصرته دوم محشوم

ابدي عليه من الرفيق الموالي