دمشق تستحضر نظرية «الأرض الصالحة» لحماية الجنود الدوليين بناء على تجربة القرار 1701 يقارب المسؤولون السوريون مطالبة الحكومة اللبنانية وفريق الأغلبية بنشر جنود دوليين على الحدود اللبنانية السورية بلا مبالاة واضحة، وعلى غرار ما كانوا يقولون إبان السجال السياسي الحاد حول إقرار المحكمة الدولية في اغتيال الرئيس رفيق الحريري إنهم غير معنيين بها، ولم يسألوا رأيهم فيها، يعكسون الموقف نفسه على ما تنادي به حكومة الرئيس فؤاد السنيورة وقوى 14 آذار، بالدعوة إلى توسيع نطاق تنفيذ القرار 1701 في الجنوب، كي يشمل أيضاً الحدود اللبنانية السورية. واستناداً إلى ما ينسب إلى مسؤولين سوريين فإن لا دافع لأن يحصل اتصال بين دمشق واللجنة الدولية المكلفة مراقبة الحدود بين البلدين التي عملت على استكشاف الجانب اللبناني من الحدود بين البلدين بغية رفع تقرير إلى الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون، والتحقق من تهريب أسلحة ومسلحين عبرها إلى داخل الأراضي اللبنانية تمهيداً لادراج المعطيات في التقرير المقبل عن تطبيق القرار 1701. ويثير المسؤولون السوريون على ما ينقل عنهم زوارهم أكثر من ملاحظة حيال إجراء كهذا:أولها، أن جدية الخوض في نشر جنود دوليين على الحدود اللبنانية السورية يوجب دخول الأمم المتحدة في مناقشات مستفيضة مع القيادة السورية. على الأقل على نحو ما لحظه تنفيذ القرار 1701 الذي اتخذه مجلس الأمن في 11 أغسطس 2006، وتأخر تنفيذه أياماً بسبب إحجام عدد من الدول المشاركة في القوة الدولية عن نشر جنودها في الجنوب قبل التحقق من سلامتهم ووجودهم في بيئة غير معادية لهم. وهي حال تأخر انتشار الجنود الفرنسيين في الجنوب اللبناني قبل حصول باريس على موافقة مزدوجة من دمشق وحزب الله بأنهم لن يكونوا هدفاً في الصراع العسكري. وبحسب المسؤولين السوريين، فإن فرنسا ودولاً أوروبية أخرى حذت حذو باريس كبلجيكا وإيطاليا وإسبانيا اهتمت بالتأكيد لدمشق وحزب الله أن انتشار جنودهم في الجنوب يرتبط بالمهمة التي حددها قرار مجلس الأمن، وهي بسط سيادة الدولة اللبنانية على أراضيها ومؤازرة انتشار الجيش اللبناني على هذه البقعة، دونما الدخول طرفاً في صراع سياسي لا يعني أياً من جيوش هذه الدول، ولا هي طرف في خلاف مع سورية. وما دام الأمر حصل في الجنوب من دون أن تكون سورية على حدود متاخمة لجنوب الليطاني، يقول المسؤولون السوريون، حريّ أن تحصل مفاوضات مماثلة على الحدود اللبنانية السورية، خصوصاً أن دمشق ستكون هي المعنية وجهاً لوجه مع انتشار جنود دوليين على الأراضي اللبنانية.ثانيها، أن القيادة السورية لا تبسّط المشكلة التي تعتقد أن حكومة السنيورة وقوى 14 آذار تثيرها على نحو مغاير لمسار المصالح الدولية. ومن خلال تطورات أحداث المنطقة يشعر المسؤولون السوريون أنها لا تفضي حكماً إلى اتخاذ مجلس الأمن إجراء كهذا يضاعف من الصعوبات التي يواجهها الداخل اللبناني. وفي رأيهم أن المشكلة لا تنحصر بالموقف السوري فحسب، وإنما تشمل أيضاً ما يسميه المسؤولون السوريون «الأرض الصالحة» لاستقبال الجنود الدوليين. وكما ثمة بلدات وقرى في البقاع متاخمة للحدود بين البلدين تدين بالولاء لتيار المستقبل وحلفائه تدعم خياراً كهذا، فإن بلدات وقرى أكثر التصاقاً بخيارات المعارضة تناوىء تصرّفاً كهذا. الأمر الذي يعيد المشكلة نفسها، وهي حاجة القوات الدولية إلى بيئة غير معادية لها من أجل نجاحها في تنفيذ مهمتها، وعلى غرار واقع الجنوب، ستكون هذه في حاجة الى ضمانات مماثلة.ثالثها، تبدو دمشق قاطعة في رفض نشر قوات دولية عند حدودها، ولاتزال تتمسّك بالموقف الذي سبق أن أعلنه قبل أشهر الرئيس بشار الأسد، وأعاد تأكيده مراراً نائبه فاروق الشرع ووزير الخارجية وليد المعلم، أكثر من مرة من دمشق وخارجها، بأن نشر جنود دوليين على الحدود مع لبنان سيؤدي إلى إغلاقها من طرف واحد، وهذا الموقف يتطابق مع اللاء الأخرى التي قالها الأسد من أن سورية غير معنية بالمحكمة الدولية. رابعها، يلاحظ المسؤولون السوريون أن المشكلة الحدودية اللبنانية السورية هي نفسها المشكلة الحدودية السورية العراقية. وكما أخفقت الحلول والإجراءات الأمنية في معالجتها الجذرية بعيداً من الحل، كذلك الأمر بالنسبة إلى الحدود مع لبنان التي تتطلّب حلاً سياسياً أكثر منه أمنياً، وتتطلبه لبنانياً لبنانياً، ولبنانياً سورياً من خلال عودة قنوات الحوار. وإذ يلاحظ المسؤولون السوريون أن بعض الإجراءات التي اتخذت على الحدود السورية العراقية أفضت إلى نتائج مرضية وساعدت في ضبط جزء معقول من تسيّب الحدود، فإن الإجراءات لم تكن سوى جزء من حوار سياسي يجلس إلى طاولته الفرقاء المعنيون بطرفي الحدود. وهو ما حصل ولايزال مستمراً على صعيد التعاون الأمني الأميركي العراقي السوري. وهو أيضاً ما يقتضي مقاربة المشكلة القائمة على الحدود اللبنانية- السورية به. فوجود قوات التحالف لم تحم الحدود العراقية من انتقال الفوضى إلى الداخل العراقي من أكثر من منفذ إلى الداخل العراق من دول الجوار. مع ذلك لم يحل انتشار القوة الدولية في جنوب لبنان دون منع مسلحين مجهولين تسللوا إلى الجانب الحدودي من الحدود مع إسرائيل لإطلاق ثلاثة صواريخ الأسبوع المنصرم. وإلى اليوم لم يُكشف عن هؤلاء ولا هويتهم، ولا أماكن اعتقالهم.
دوليات
لامبالاة سورية حيال طلب حكومة السنيورة نشر قوات دولية على حدودها مع لبنان
23-06-2007