تضاربت أمس ردود الأفعال بشأن إعلان استقلال إقليم كوسوفو بين مرحب ورافض، لكن الأمر الأكيد أن كوسوفو أصبح دولة مستقلة. بعد صراع مع صربيا استمر زهاء عشرة أعوام، وراح ضحيته قرابة عشرة آلاف قتيل، وسط ترحيب أميركي وأوروبي وتنديد روسي ورفض صربي، ووسط احتفالات شعبية عمت مختلف انحاء كوسوفو، أعلن امس رسميا استقلال الإقليم عن الدولة الصربية، وقيام دولة كوسوفو المستقلة.وأعلن رئيس وزراء الإقليم هاشم تاجي الاستقلال رسميا عن صربيا وقيام دولة كوسوفو المستقلة، وذلك خلال جلسة للبرلمان عقدت في العاصمة بريشتينا بعد ظهر أمس. وقال رئيس البرلمان يعقوب كراسنيكي للنواب بعد أن صوتوا برفع الايدي، «اعتبارا من الآن بدل كوسوفو موقعه السياسي، لقد صرنا دولة مستقلة، حرة وسيدة».وجاء اعلان الاستقلال بينما عمت الاحتفالات جميع انحاء الإقليم إذ خرج عشرات الآلاف من المواطنين من أصل ألباني الى الشوارع حاملين اللافتات وأعلام الإقليم، والاعلام الاميركية وأعلام الاتحاد الاوروبي. وجاء إقرار البرلمان للقرار بإجماع الحاضرين وعددهم 109 من النواب الذين حضروا الجلسة، التي غاب عنها نواب الأقليات وعلى رأسهم النواب من أصل صربي. وخاطب تاجي البرلمان بقوله «لن تحكمنا بلغراد بعد اليوم»، موجها الشكر لكل الدول التي ساندت الاستقلال، ولكل ابناء كوسوفو الذين «ساهموا في تحقيق الاستقلال». وطالب تاجي بتأمين مكان لدولة كوسوفو المستقلة في الاتحاد الأوروبي، معلنا أن بلاده ستكون دولة ديموقراطية وملتزمة بسياسات حسن الجوار، مؤكدا انها ليس لها اي طموحات توسعية. وقال إن بلاده ترغب في بناء علاقات ايجابية مع دول الجوار خصوصا صربيا، مؤكدا ان دولة كوسوفو لن تستخدم القوة بأي شكل يخالف المواثيق الدولية. «دولة مزيفة» وفي أول رد فعل على قيام دولة كوسوفو المستقلة، دانت جمهورية صربيا اعلان الاستقلال. واعلن الرئيس الصربي بوريس تاديتش ان «صربيا لن تعترف ابدا باستقلال كوسوفو»، مؤكدا انها «ردت وسترد بكل الوسائل السلمية والدبلوماسية والشرعية لإلغاء هذا العمل الذي ارتكبته مؤسسات كوسوفو».ووصف رئيس الوزراء الصربي فويسلاف كوستونيتشا إقليم كوسوفو بـ«الدولة المزيفة»، محذرا من «عواقب» الاعتراف به كدولة مستقلة. وهاجم كوستونيتشا بحدة الرئيس الاميركي جورج بوش لدعمه استقلال الاقليم، واصفا مساندة الولايات المتحدة للاستقلا بأنه «يخالف القوانين الدولية»، وقال إن الولايات المتحدة «مستعدة لخرق النظام الدولي من أجل مصالحها العسكرية».تنديد روسيونددت موسكو باستقلال كوسوفو امس، وطالبت باجتماع عاجل لمجلس الامن الدولي حول هذه المسألة، داعية الأمم المتحدة لإبطال إعلان كوسوفو استقلالها، معتبرة ان ذلك من شأنه أن «يسبب تصعيداً في أعمال العنف الطائفية في المنطقة».وذكرت وزارة الخارجية الروسية، في بيان، «نتوقع من بعثة الأمم المتحدة والقوات التي يقودها حلف الأطلسي في كوسوفو اتخاذ إجراء فوري بتنفيذ مهمتهما بما في ذلك إبطال قرارات أجهزة الحكم الذاتي في بريشتينا واتخاذ تدابير إدارية شديدة ضدها».وافاد مصدر دبلوماسي بأن مجلس الأمن سيعقد اجتماعا طارئا بشأن كوسوفو بطلب من روسيا.ترحيب بالاستقلالفي المقابل، اعلنت واشنطن أمس، انها احيطت علما بأن كوسوفو اعلنت استقلالها، وترحب بالتزام حكومتها بتنفيذ احكام الامم المتحدة الخاصة بحماية الاقليات العرقية، داعية جميع سكان الاقليم «الى الهدوء».وقالت وزارة الخارجية الاميركية «تراجع الولايات المتحدة الآن المسالة وتبحث الامر مع شركائها الاوروبيين»، مضيفة ان واشنطن ترحب بالتزام حكومة كوسوفو الواضح بتنفيذ بنود الخطة التي وضعها مارتي اهتيساري، مبعوث الامم المتحدة الخاص لحماية الأقليات العرقية».وأفاد البيت الأبيض بأن مسؤولين اميركيين رفيعين اجروا اتصالات مع نظرائهم الروس والصرب بخصوص الإعلان الأحادي الجانب لاستقلال كوسوفو.اما في لندن، فقالت متحدثة باسم وزارة الخارجية البريطانية ان اعلان برلمان كوسوفو استقلال الإقليم يشكل «تطورا مهما»، مشيرة الى ان اعلانا رسميا سيصدر بهذا الصدد اليوم، في ختام اجتماع في بروكسل.بدوره، تمنى وزير الخارجية الفرنسي برنار كوشنير اثناء زيارة يقوم بها للقدس «حظا سعيداً لكوسوفو».ورحب رئيس الوزراء الالباني سالي بريشا باستقلال كوسوفو، معتبرا السابع عشر من فبراير يوم «الولادة الجديدة» لهذا الاقليم.وقال بريشا بعيد دقائق من اعلان الاستقلال، «ننحني باحترام امام جميع اولئك الذين ساهموا في هذا الاستقلال».الى ذلك، أعلن «حلف شمال الاطلسي» انه سيستمر في توفير الامن لكوسوفو بعد اعلان الاستقلال، مضيفا انه سيتعامل بصرامة مع اي عنف، وحث الحلف ايضا جميع الاطراف على «التحلي بضبط النفس».ودعا وزير الخارجية الالماني فرانك فالتر شتاينماير امس، جميع الاطراف الى «الهدوء والاعتدال».وافادت مصادر دبلوماسية ايطالية ان روما «اخذت علما» بإعلان استقلال كوسوفو، لكنها «ستأخذ الوقت الكافي لدرسه» مع شركائها الاوروبيين، داعية صربيا وكوسوفو الى «الاعتدال».(بريشتينا، موسكو، بلغراد-أ ف ب، رويترز، يو بي ايه)كوسوفو في سطورتبلغ مساحة اقليم كوسوفو 10.877 آلاف كلم مربع، عاصمته بريشتينا، وتحده البانيا في الجنوب الغربي، ومقدونيا في الجنوب الشرقي، ومونتينغرو في الغرب.ويقدر عدد سكانه بمليوني نسمة، حوالي 90 في المئة منهم من أصل ألباني.شهد كوسوفو الذي كان مركز المملكة الصربية في 1389 هزيمة الصرب، ما فتح الطريق امام السيطرة العثمانية على البلقان التي استمرت 500 سنة.وفي 1974 أصبح كوسوفو إقليما يتمتع بحكم ذاتي داخل جمهورية صربيا بموجب الدستور اليوغوسلافي في عهد الماريشال تيتو. وفي 1989، قام الرئيس الصربي سلوبودان ميلوسيفيتش بإلغاء هذا الوضع الخاص وحل كل اجهزة الحكم المحلي الالباني في 1990.في أكتوبر 1991، أعلن الاقليم استقلاله اثر استفتاء. وفي العام التالي انتخب البان كوسوفو برلمانا ورئيسا للجمهورية هو إبراهيم روغوفا، الذي اعيد انتخابه في مارس 1998 في انتخابات جديدة لم تعترف بها بلغراد. وبدءا من 1997 أطلق «جيش تحرير كوسوفو» حركة تمرد ضد الجيش والشرطة الصربيين.وأدت حملة للتطهير الاتني شنّها نظام ميلوسيفيتش الى مقتل الآلاف وتهجير اكثر من مليون من ألبان كوسوفو.في مارس 1999، شن حلف شمال الاطلسي غارات جوية على صربيا، ما ارغم ميلوسيفيتش على الانسحاب من الاقليم الذي وضع تحت حماية الامم المتحدة والحلف الاطلسي.وجرت مفاوضات بشأن الوضع النهائي لكوسوفو بين الصرب والكوسوفيين الالبان، قدم في ختامها مارتي اهتيساري الذي كلفته الامم المتحدة اعداد وضع نهائي للاقليم خطة تقضي باستقلاله تحت اشراف دولي، دعمها الاميركيون ومعظم الاوروبيين.(بريشتينا - أف ب)
دوليات
دولة كوسوفو المستقلة تبصر النور ترحيب أميركي وأوروبي... ودعوات إلى التهدئة موسكو تندِّد والصرب يصفونها بـ الدولة المزيفة
18-02-2008