لمَ نطرح السؤال الآن؟

Ad

لأن رئيس وزراء بريطانيا السابق جاك سترو استغل زيارة قام بها إلى واشنطن للإشارة إلى أن بريطانيا تستطيع الحصول أخيراً على دستور خطي يضمن حقوق المواطنين وينظم النظام السياسي في البلاد، بدأ وزير العدل العمل على قانون جديد للحقوق والمسؤوليات، معرفاً بوضوح علاقة الشعب بالدولة كجزء من الاصلاح الدستوري ككل. للمرة الأولى، يصرح بأن القانون قد يشكل خطوة مهمة باتجاه دستور خطي تام يجعل البريطانيين ينسجمون مع أكثر الديمقراطيات تقدماً حول العالم».

لمَ ليس لدى بريطانيا دستور خطّي؟

لأن بلادنا تتمتع بالاستقرار منذ وقت طويل، أُرغمت النخب الحاكمة في بلدان أوروبية مثل فرنسا وألمانيا على وضع الدساتير لمجابهة الثورات الشعبية أو الحروب.

في المقابل، بقيت بريطانيا العظمى بعيدة عن الثورات التي اكتسحت معظم القارة في القرن التاسع عشر. نتيجة لذلك، جرت عملية إصلاح ديمقراطية هذا البلد شيئاً فشيئاً على مر القرون. بالنسبة إلى البلدان الحديثة العهد، بما في ذلك الولايات المتحدة وأستراليا، شكل تنسيق حقوق مواطنيها وأنظمتها السياسية خطوة أساسية باتجاه الإستقلال. من المثير للسخرية أن دولاً كثيرة استندت في دساتيرها الخطية على دستور بريطانيا غير المنصوص.

علام تعتمد حقوق البريطانيين؟ 

تشكّل دستور بريطانيا مصادفة بالإستناد إلى القانون العام، قانون الدعاوى، الوثائق التاريخية، القوانين البرلمانية والتشريع الأوروبي ولكنه غير مذكور بوضوح في أي وثيقة. أوضح سترو أخيراً: «إن دستور المملكة المتحدة محفوظ في القلوب والعقول والعادات كما هو محفوظ في القانون». لكن لا يوجد تصريح واحد حول حقوق المواطنين وحريتهم، يشير وزير العدل في هذا المجال: «قد يكافح معظم الناس للدفاع عن حقوقهم».

ماذا عن الميثاق الأعظم أو وثيقة ماغنا كارتا؟

عندما أرغم البارونات الملك جون على توقيع وثيقة ماغنا كارتا العام 1215، كان حدثاً ترددت أصداؤه في القانون الدستوري بعد ثمانية قرون.

أراد أصحاب الأراضي حماية مصالحهم بدلاً من حماية مصالح الشعب، إلا أن هذه الوثيقة التي ليس لها أي مفعول قانوني في هذا البلد، كانت بمثابة إلهام لواضعي الدستور الأميركي.

زخرت هذه الوثيقة بقيمة رمزية كبيرة في تطوير الديمقراطية الغربية، إذ حدّت من صلاحيات الدولة وحمت بعض حقوق المواطنين وعززت مبادئها الأساسية، بما في ذلك حق الحصول على محاكمة عادلة والحماية من السجن غير المشروع، القانون العام.

ما المميزات الدستورية الأخرى التي كانت موجودة؟

دعم قانون الحقوق لعام 1689، الذي تلى تبوؤ ويليام وماري العرش بعد «الثورة المجيدة»، صلاحيات البرلمان وبالتالي حقوق الرعايا. شملت الحقوق الإعفاء من الضريبة المفروضة من الملك وعدم استدعاء الشباب في وقت السلم للتجنيد الإلزامي من دون إذن البرلمان.

إعتبر قانون الإصلاح العظيم لعام 1832، الذي زاد عدد الراشدين الذكور المخولين التصويت في الانتخابات، نقطة الانطلاق لتحقيق سيادة المواطنين على البرلمان وأعدّ للعملية التي أنتجت «تمثيل قانون الشعب» لعام 1928 الذي منح الرجال والنساء فوق الحادية والعشرين حق التصويت. ثم انضمت بريطانيا إلى المجتمع الإقتصادي الأوروبي عام 1973، الأمر الذي منحها للمرة الأولى نوعاً من السيطرة القضائية الدولية.

منذ عشرة أعوام، اقتربت بريطانيا أكثر من ذي قبل من تنظيم حقوق الأفراد، عندما أدخل قانون حقوق الإنسان الاتفاقية الأوروبية لحقوق الإنسان إلى قانون المملكة المتحدة.

ما مميزات الدستور الخطي؟

أصبحت حقيقة بديهية أن السياسة البريطانية المقوضة بفعل انخفاض نسبة الإقبال على الانتخابات العامة، تعاني أزمة.

يقول المؤيدون إن إنتاج وثيقة كهذه يمكن أن يعالج هذه المشكلة مع وضع حدود جديدة وواضحة على السلطة التنفيذية. ناشد الديمقراطيون الليبراليون الشعب للمشاركة في وضع الدستور إذ يعتقدون «ان ذلك سيؤدي إلى إصلاح العملية الديمقراطية وإنعاشها مع إعادة الأفراد إلى السيطرة بدلاً من الشركات الكبيرة والنقابات».

وما السلبيات؟

يصر معارضو الدستور الخطي على أن التدابير الحالية نجحت من الناحية التطبيقية على الرغم من تطورها التدريجي ولكن يجب التغلب على المشاكل العملية قبل وضع الدستور. هل سيكون شاملاً ونظرياً أو سيشمل حقوق الأفراد بالتفاصيل ويؤمن خلاصة كاملة لترسيخ الدستور البريطاني؟ إذا كان الخيار الثاني، قد يثبت أنه معد لحماية المواطنين.

لمَ تنتشر الفكرة الآن؟

إنها متابعة طبيعية للإصلاحات الدستورية التي أعلنها غوردون براون كأحد قوانينه الأولى في الحكومة البريطانية من خلال إرساء «ديمقراطية بريطانية أكثر انفتاحاً تخدم الشعب البريطاني». بالإضافة إلى قانون الحقوق البريطاني، اقترح منح البرلمان حق الموافقة على أي قرار بإرسال القوات البريطانية إلى الحرب والتنازل عن صلاحيات رئيس الوزراء في تعيين القضاة والموافقة على الأساقفة. قد تكون هذه الإقتراحات غير مهمة مقارنة باتخاذ أي خطوة لصياغة الدستور الأول للبلاد.

ما الخطوة التالية؟

لن تحصل بريطانيا على دستورها في المستقبل القريب. اعتبر سترو أن أي محاولة لتضمين التدابير الدستورية البريطانية في وثيقة واحدة يجب أن تتم على أساس «رضائي وبتأييد من الحزبين» خلال فترة عشرين سنة، أضاف أنه لا بد من إجراء استفتاء وطني للموافقة على الوثيقة إذا أدت إلى تغييرات مهمة.

توقع مدير الوحدة الدستورية في جامعة لندن البروفسور روبرت هازل، ألا تحظى بريطانيا بدستور خطي، «الدساتير لا تُصاغ بدم بارد» على حد قوله. كذلك شكّ وزير العدل في حكومة الظل نك هربرت في الأمر قائلاً: «آخر ما تحتاج إليه بريطانيا التي تضع خلفها ألفي سنة من التاريخ هو المزيد من التخريب الدستوري من قبل حزب العمال الجديد».

هل تحتاج بريطانيا إلى دستور خطي؟

نعم

* لا يمكن الدفاع عن المزيج البريطاني من الحريات والحقوق في القرن الحادي والعشرين.

*  قد يساعد المواطنين على حماية حقوقهم وأنفسهم.

* تبني معظم الديمقراطيات المزدهرة مؤسساتها استناداً إلى دستور خطي.

لا

*  لا يجب التلاعب بالنظام لأنه خدم بريطانيا بشكل جيد لقرون خلت.

* ستكون المشاكل العملية حول ما يجب تضمينه والتخلي عنه بمثابة كابوس.

*  قد يقوض السلطة البرلمانية في إخضاع الوزراء للتدقيق بالنيابة عن الشعب.