نشب خلاف حاد بين المشاركين في مؤتمر التمويل الإسلامي الذي عقد في البحرين، بسبب التباين الواسع في الآراء حول «صناديق وأدوات التحوّط الإسلامية»، فبينما يرى البعض أن «صندوق تحوّط ملتزم بتعاليم الشريعة الإسلامية» هو الحل المثالي لمديري الأموال الراغبين في الاستفادة من السيولة الضخمة في الخليج، أكد عدد كبير من العاملين في قطاع التمويل الإسلامي أن العمَلين غير متوافقين، وأن القواعد الاساسية لصناديق التحوّط تخالف الشريعة الإسلامية.

 

Ad

أمر حتمي

 

ومن جهته، قال مدير قطاع المعاملات الاسلامية في «ستاندارد تشارترد» آفاق خان انه أمر حتمي تماما، أن يكون لدى قطاع التمويل الاسلامي أدوات تحوّط، مضيفا أنه «تتعين الاستفادة من الاثنين معا، لأن صناديق التحوّط عمل يتطور، والمشتقات الاسلامية لاغراض التحوّط مسموح بها تماما كأداة لإدارة المخاطر».

ولا يقدم «ستاندارد تشارترد» صناديق تحوّط اسلامية بل هو واحد من العديد من البنوك (منها دويتشه بنك و«بي إن بي باريبا» التي تقدم منتجات تحوّط اسلامية، في محاولة لتلبية الطلب المتنامي من جانب 1,2 مليار مسلم في العالم على الخدمات المالية المتفقة مع الشريعة الاسلامية.

وقال مسؤول الأسواق العالمية في «دويتشه بنك» هاريس عرفان، ان الصناديق التي تزعم انها اسلامية قد لا تلقى رواجا بين المستثمرين لأنها تحاول تقليد الممارسات التقليدية لصناديق التحوّط.

وأضاف أن «دويتشه بنك» يحاول محاكاة أداء صناديق التحوّط وليس ممارساتها و «طالما بقيت ملتزما بتعاليم الشريعة، ولديك هياكل وأدوات تتفق مع الشريعة، فليس هناك ما يمنع ظهور صناديق تحوّط متفقة مع الشريعة».

 

20 خطوة لا تكفي

 

ووصف مايكل جاسنر مستشار التمويل الاسلامي على موقع على الإنترنت هياكل الصفقات التي تصوغها صناديق التحوّط، في مجموعة معقدة من الخطوات، للحصول على فتوى باتفاقها مع الشريعة، لكن أحمد عباس من مركز ادارة السيولة المالية في البحرين انتقد مثل هذه الآليات، باعتبارها مخالفة لروح الشريعة.

وقال عباس إنه لا يعنيه اتخاذ 20 خطوة اسلامية من أجل البيع على المكشوف، فلا يمكن لأحد بيع ما لا يملكه، و«إن العمل المصرفي الاسلامي لا يتعلق بإضفاء الطابع الاسلامي على ما هو غير اسلامي».

 

صناديق غير موجودة

 

من ناحية أخرى، ضحك مشاركون في مؤتمر في البحرين، عندما قال متحدث كان من المقرر أن يلقي كلمة عن صناديق تحوّط، تتفق مع الشريعة الاسلامية: انه ليس لديه ما يقوله لأن مثل هذه الصناديق لا وجود لها.

وقال الرئيس التنفيذي لشركة «مان انفستمنت» الشرق الأوسط التابعة لـ«مان جروب» انطوان مسعد: «هناك من يزعمون بوجود صناديق تحوّط اسلامية في السوق... نعم هناك ثلاثة أو أربعة، لكن لم يستثمر فيها أحد، لذلك فهي بالنسبة لي غير موجودة».

وأضاف مسعد: «صناديق تستخدم المشتقات وغيرها، وكلها حرام... لا أقول ليست حلالاً، بل حرام». ويذكر أن «مان انفستمنت» تدير عدداً من صناديق التحوّط.

 

مضاربات

 

ويذكر أن العديد من ممارسات التحوّط المعتادة، تعتبر بمنزلة مضاربات على العملة أو تحركات أسعار الأسهم وسياسات صناديق التحوّط مثل البيع على المكشوف، تعتبر حراما في الاسلام، وكذلك الاقراض بفائدة ومبادلة الديون والمقامرة.

ويشمل البيع على المكشوف اقتراض أسهم وبيعها على أمل تحقيق ربح بإعادة شرائها بسعر أقل، ولكن اذا ارتفعت أسعار هذه الاسهم فإن المستثمر يتكبد خسارة.

وبينما يرى منتقدو سياسات التحوّط ذلك، ويقولون ان مثل هذه المضاربات تتعارض مع تحريم الاسلام للمقامرة، فإن آخرين يجادلون قائلين ان سياسات صناديق التحوّط تقدم امكانيات كبيرة للتمويل الاسلامي الذي يعاني من نقص في أدوات ادارة المخاطر، وبخاصة المخاطر طويلة الاجل، وان العديد من سياسات التحوّط تستمد من الرغبة في تقليل المخاطر، وهو ما يتفق مع جوهر تحريم المقامرة في الاسلام.

ويشار الى أن محافظ مصرف البحرين المركزي رشيد المعراج، قال في مؤتمر التمويل الاسلامي الاسبوع الماضي ان عمليات التحوّط هذه ستوفر القدرة على ادارة المخاطر بشكل جيد فلا يمكن ترك الاستثمارات معرضة للخطر.

( المنامة - رويترز )