بعد انتهاء الدورة الرابعة لمهرجان أيام المسرح للشباب وإعلان النتائج، يجب الوقوف عند السلبيات والإيجابيات وإعادة النظر في توصيات لجنة التحكيم والعروض المقدمة وشعار المهرجان. نبدأ أولاً بشعار الدورة الرابعة وهو الفضاء المسرحي البديل، فهو خطوة إيجابية تحسب لمدير المهرجان في سعيه إلى التميز عن مهرجاني الكويت والخرافي المسرحيين، ذلك أننا في ما مضى لم نجد أي اختلاف بين الدورات في المهرجانات الثلاثة وكان عدم تحديد الهوية هو العامل المشترك بينها حتى بدا لمن تابعها كأنه يرى مهرجاناً واحداً بمسميات مختلفة. كتبنا كثيراً بهذا الشأن فوجدنا أخيراً أذناً صاغية عند عبد الرسول، الذي رسم للدورة الجديدة بعد توقف قسري لأكثر من عام.الجميل في الشعار أنه يطلق العنان للمشتركين من أجل ابتكار فضاء مسرحي بديل عن الخشبة التقليدية المعروفة بالعلبة الإيطالية، لكن «تجري الرياح بما لا تشتهي السفن»، فالموضوع الرئيس يعني الابتعاد عمّا هو مألوف، أي كسر تقليدية الخشبة والتعايش مع فضاءات مستحدثة، وتوظيفها مسرحياً عبر نصوص جديدة تناسب هذا الشعار. بعد متابعة ستة عروض مسرحية، لم نجد ضالتنا إلا في «سوق الجمعة» الذي حقق منفرداً شعار المهرجان، بينما عمدت البقيّة إلى تغيير المكان وليس الفضاء المسرحي مما يعني أن هناك خللاً كبيراً في فهم الشعار. جنحت كل المسرحيات (عدا سوق الجمعة) نحو اللعبة الإيطالية حتى في طريقة صف المقاعد والاستخدام التقليدي للخشبة. غيرت مسرحية «الباحثون عن» المكان وجعلته في الحديقة وعرضت «وسمية تخرج من البحر» في مقر المسرح الكويتي (بالحوش) و»سارة» في حوش مقر فرقة مسرح الخليج و «لعبة الدبابيس» على سور المعهد العالي للفنون المسرحية و «مقهى الدراويش» على متن عبارة حيث استخدم الفنان عبد العزيز الحداد تلك الباخرة على طريقة العلبة الايطالية ولم يستفد من منظر المباني على الساحل ولم يستغلها في عرضه المسرحي.كان على إدارة المهرجان حينما أعلنت عن شعارها المميز، أن تنظم محاضرة تنويرية عن الفضاء المسرحي البديل يحضرها المشاركون في المسابقة ليتحقق الشعار في العروض.أما بالنسبة إلى الافتتاح فكانت مدته طويلة ولم يعبر التمثيل الصامت عن تنافس الشباب على الجوائز، كذلك، وردت فيه أخطاء في تقنية الصوت بالإضافة إلى أن أداء عريف الحفل المذيع عبد الرضا بن سالم كان مرتبكاً، والفيلم التلفزيوني للعروض المشاركة كان متواضعاًولا ندري من المسؤول عن الكتابة الخاطئة لمسرحية «الباحثون عن» في النشرة اليومية و كذلك في الفيلم التلفزيوني، إذ كتبت «الباحثين عن». كذلك كتب في فيلم المكرمين في التتر «المكرمين» والصواب «المكرمون»، إلا أن اللقطات المختارة لبعض الفنانين كانت جميلة خاصة الراحل خالد النفيسي وأحمد الصالح. أمّا عرض الافتتاح «مهرجان أيام زمان» فكان عبارة عن وجبة خفيفة من الكوميديا لكن كان من الأفضل تقصير مدته.ندوات فكريةلم تحظ الندوات الفكرية بإقبال الجمهور نظراً إلى التوقيت غير المناسب إذ عقدت كلها في تمام الساعة الرابعة عصراً ولم يحضر إلا محررو الصفحات الفنية وعدد قليل جداً لا يتعدى أصابع اليد الواحدة.والملاحظة الأخرى هي أن الفنان القدير منصور المنصور عقد مؤتمراً صحافياً بصفته رئيس لجنة التحكيم للحديث عن الآلية المتبعة مع الفضاء المسرحي البديل، إلا أن الحديث دار حول تجربته الفنية أي شهادته الفنية، لذا نتساءل لماذا عقدت ندوة له في الموضوع نفسه؟من السلبيات أيضاً الإطالات التي رافقت مداخلات بعض مديري الندوات الفكرية على حساب وقت الآخرين، فالأهم هو الغوص في المحور لا الدخول في حوارات واستعراضات، كما أن الندوات التطبيقية التي أقيمت بعد العروض عانت من سوء اختيار مدير الندوة، الذي انحاز إلى مخرج العمل وأعطى رأيه قبل أن يتحدث المعقبون وذلك عوضاً عن السيطرة الكاملة فأفلت زمام الأمور.العنصر النسائيتميز المهرجان بمشاركة العنصر النسائي والوجوه الجديدة، مثل ياسمين واريج العطار في «وسمية تخرج من البحر» وشذى سبت و منال الجارالله في «سارة» و وضحة السني في «لعبة الدبابيس» والمخرجة الكفيفة مريم عارف في «مقهى الدراويش» وعبير يحيى التي تألقت ورشا في «سوق الجمعة».أمّا عن الرجال فتميز في «سوق الجمعة» عبدالله التركماني وعبد المحسن العمر والوجوه الجديدة على التركماني ومحمد صفر الذي نال شهادة استثنائية وحسين سالم والمخرجان محمد المسلم وايوب دشتي. كذلك تميز مصمم التعبير الحركي دعيج الهزيم والممثل يوسف البغلي في «لعبة الدبابيس» والممثلون صادق بهبهاني وعبدالله المنصور وعبدالله الزيد في «سارة» وحمد اشكناني في «وسمية تخرج من البحر» واسامة البلوشي في «الباحثون عن».ضرب المخرج منصور حسين المنصور مثلاً طيّباً في التزامه مع الجمهور ولم يرضخ للمعوقات وينسحب، بل قدم العرض رغم تعرضه إلى حادث انقلاب بسيارته.أما حفل الختام فتميز بسرعة إيقاعه وبتعبير حركي جميل جسد موضوع الصراع على جوائز المهرجان. كانت كلمة مدير المهرجان قصيرة وكان الفيلم التلفزيوني الذي جسد بانوراما عن الدورة الرابعة جميلا.جاءت نتائج لجنة التحكيم منصفة، لكن لابد من التوقف عند بعض توصياتها. هناك توصية بإعطاء جائزة للإعداد، نحن نختلف معها لأننا نريد البحث عن كتاب محليين جدد وليس اللجوء إلى الإعداد. أما التوصية بتحويل المهرجان من المحلية إلى النطاق العربي فمن شأنها إلغاء الهدف الرئيس من المهرجان كمتنفس للشباب المحلي.يبقى أن نقول إن المهرجان عاد إلى الشباب، بحلة جديدة، نأمل أن تستمر الإدارة في تحديد هوية خاصة لكل دورة.
توابل - مزاج
قراءة في مهرجان أيام المسرح للشباب الدورة الرابعة أفرزت طاقات من الجنسين
08-11-2007