للفنون الشعبية سحرها الخاص. هي نسيج من وجدان الشعب تتوارثه الأجيال على مر الزمن. هذه الحالة الإبداعية الشعبية سواء كانت من الفنون التشكيلية أو التعبيرية، أو من الممارسات المرتبطة بالعادات والتقاليد يتصل بعضها ببعضها الآخر لتشكل بنية الابداع الشعبي وبناءه الثقافي. التخضّب بالحناء حرفة نسائية شعبية وشكل من المهارات الفنية التشكيلية. يعبر عن الذوق والحس الجمالي. فني جميل حتى لو كان بسيطاً. يظهر ذلك في ما تبدعه الفنانة الشعبية تنوعاً في المفردات التشكيلية والوحدات الزخرفية والأشكال الفنية وتناسقها على جسم الإنسان ضمن المساحة المتاحة للتزيين. يعتمد على مهارة السيدة الشعبية المبدعة وخبراتها الذاتية التي تقودها إلى صورة جمالية مؤثرة، جذابة ورقيقة.التفت العديد من الفنانين التشكيليين المعاصرين إلى ما تزخر به الفنون التقليدية الشعبية والتلقائية من تكوينات فنية وغنى في الأشكال الجمالية والوحدات الزخرفية و «موتيفاتها» فاستلهم بعضهم عناصر هذا الإبداع الفني في أعماله الفنية الحديثة مما أثرى حركة الفنون التشكيلية في الكويت والدول العربية، منهم أيوب حسين، عبدالله القصار، عيسى صقر، سامية السيد عمر وآخرون.بديل من الوشمانتشرت موضة نقش الحناء على الجسد في السنوات الأخيرة بديلاً لظاهرة الوشم المعروفة منذ القدم والمنتشرة في معظم بقاع الدنيا. والوشم خلاف الوسم، فالوسم هو الإشارة أو العلامة الواضحة التي يتم وضعها بواسطة الكيّ بخاتم معدني للخيل والجِمال والمواشي لتحديد ملكيتها وتسهيل التعرف إليها وتمييزها. أما الوشم فهو نوع من الرسوم والرموز على جلد الإنسان بواسطة الوخز بالإبر الدقيقة وينتشر لدى أبناء القرى والقبائل لغاية التجميل والتزيين للأجزاء الظاهرة من الوجه والذقن واليدين والرقبة والبطن، ويستخدم الوشم كنوع من التطبيب العلاجي أو الوقائي أو كنوع من التعويذة السحرية أو حجاب ضد الحسد.أقبلت الفتيات بشكل كبير على استخدام النقش بالحناء على أجسادهن كبديل بصري تجميلي، وانتشر مثل الموضة بين النساء والفتيات بخاصة. تختار الفتاة التصميم الذي تفضله لأي جزء من جسدها ويمكن إزالته بالماء بعد فترة مما يجنبها اللجوء إلى عملية الوشم التي تدخل فيها مواد كيمائية قد تتسبب بالأذى. تعتبر الحناء من مواد الزينة الشعبية الرئيسية في بلداننا العربية ومعظم بلاد العالم، خاصة الأفريقية والآسيوية. إنها أكثر شيوعاً بين النساء، يتفنن بها في الأعراس.زينة وعلاجتسبق يوم الزفاف عادة تعرف بـ «ليلة الحناء» فتعمل الفنانة الشعبية المتخصصة على وضع نقوش تجميلية وأشكال زخرفية متنوعة تضفي على العروس البهجة والسرور وتشاركها في هذه الفرحة صديقات العروس فتطلب كل منهن أشكالاً محببة تخضب بها بلون الحناء الجميل. لم يكن استخدام الحناء مقتصراً في الماضي على النساء إذ استخدمها الرجال لصبغ أيديهم وأرجلهم وشعر رؤوسهم ولحاهم، كما كانت تستخدم للتداوي والعلاج. يروى عن ابن ماجة في سننه: «أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا صدع غلف رأسه بالحناء، ويقول: إنه نافع بإذن الله». عرف عن فائدة الحناء حديثاً أنها تنبه ضربات القلب وتنظمها وتخفف من توتر العضلات وتوسع الأوعية الدموية. كانت النساء في الخليج يضعن الحناء للرجال الغواصين لدى عودتهم من «القفال» أو من الرجال أصحاب المهن الشاقة على أيديهم وتسمى «كصعة» وعلى القدمين وتسمى «شافعية» فالحناء ترطب الجلد وتعالج التشققات والأورام والقروح وهي فاعلة ضد أنواع كثيرة من الجراثيم والفطريات.لمحة تاريخيةعرفت الحناء منذ القدم واستخدمتها شعوب الحضارات القديمة كالمصريين، والعبرانيين، والأغريق، لذلك صنع الرومان من فروع أغصانها المورقة المزهرة أكاليلهم الجنائزية وشاع استخدامها لدى المصريين القدامى إذ عثر على مومياءات خضبت أظافر أصابعها بالحناء، كما استخدمت في تخضيب الأيدي وصبغ الشعر وعلاج الجروح وتحنيط الموتى... ومن مصر شقت الحناء طريقها إلى أفريقيا وأوروبا.الحناء من النباتات الاستوائية، تعيش بين 3 و10 سنوات، تشبه شجرة الرمان، غزيرة الأغصان، طولها نحو 4 أمتار، دائمة الخضرة ويرجح أن يكون موطنها الأصلي ايران أو الهند.للحصول على الحناء تسحق أوراق شجرة الحناء الخضراء بعد تجفيفها ثم تعجن بالماء. توضع على الشعر وتترك حتى تجف. ينظف الشعر بعد ذلك بتمشيطه ويترك من دون غسل بضعة أيام لكي تثبت صبغته باللون الخمري المحبب بفعل الحناء. يضاف إلى الحناء أحياناً الليمون الأسود (اللومي) وبعض الإضافات ليصبح لون عجينة الحناء داكناً وجاهزاً لنقش الأيادي والأقدام وأجزاء أخرى من الجسم. يتم ذلك بدفع الحناء المتماسكة السيولة حتى تنساب من «قمع» يضغط عليه وهو شبيه بالمستخدم في صناعة الحلوى ونقش وزخرفة «التورتات» وزخرفتها. بعد تحديد المكان ترسم الاختصاصية الخطوط والنقط والزخارف النباية الجميلة في يسر وسلاسة.الإيرانية والعراقية والهندية واليمنية. أصنافها كثيرة مثل البلدي والشامي، أما الحناء البلدية فهي أفضل تلك الأنواع لغناها بالمواد الملونة الفاعلة، ثم الحناء الهندية المتميزة باللون الأحمر الغامق المرغوب لدى كثير من النساء.
توابل - Style
الحناء... نكهة الشرق المتوارثة
26-06-2007