فتح الهجوم العنيف الذي شنته الممثلة المصرية داليا البحيري على الممثلات اللبنانيات اللواتي اقتحمن الشاشة المصرية الباب واسعاً للسؤال: «لمَ يرحب المخرجون المصريون باللبنانيات فيفزن بالأدوار الرئيسية وتوضح أسماؤهن في المقدمة وتأتي أجورهنّ غير متواضعة؟».

رفع معظم النجمات المصريات الشابات شعار «السينما النظيفة» فرفضن أداء أي مشهد يتطلب جرأة في الأداء حتى لو كان المشهد يخدم السياق الدرامي للفيلم، بحجة ان تلك المشاهد تبعد فئة كبيرة من المشاهدين عن متابعة افلامهن ويقصدن بذلك افراد الاسرة الذين يعتبرون السينما متنفسا وحيدا لهم خلال العطل في ظل الاوضاع الاقتصادية الصعبة التي تمنع الاسر الكبيرة من تمضية اوقات فراغها في الأماكن المرتفعة الكلفة. بذلك بدأ الفن يجنح نحو التحجب وأسطع مثل على ذلك رفض النجمة حنان الترك التي ارتدت الحجاب لاحقاً تصوير لقطة تجمعها بالنجم شريف منير في ليلة الزفاف داخل حجرة النوم في فيلم «قص ولزق» ما اضطر المخرجة هالة خليل الى تصوير كل منهما في لقطة على حدة ثم جمعتها بواسطة المونتاج.

Ad

حبيسة

هكذا اطلت الجميلات اللبنانيات ليشكلن طوق نجاة بالنسبة إلى المخرجين المصريين. جميلات واثقات، ذوات دينامية عالية في التعاطي مع الآخرين، يملكن القدرة على التكيف مع كل الظروف بما فيها مواجهة الشائعات التي غالباً ما ترافق اي وجه جديد. اضف الى ذلك ان كثيرات منهن يتمتعن بحلاوة الصوت أيضا في ظل اعتماد معظم الأفلام راهناً على ادراج الأغاني في السياق الدرامي لحوادث الفيلم أو حتى حشوها. وأبرز من استطعن ملء هذا الفراغ الممثلة نيكول سابا التي لم تضع الوقت بعد سنتين من الاحتجاب إثر «التجربة الدانماركية» فكانت سلسلة أفلام غنت فيها ورقصت فكانت النصابة في «تمن دستة أشرار» والراقصة في «قصة الحي الشعبي» والعميلة في أحدث افلامها «عمليات خاصة».

من منا لا يذكر اغنية «توني يا توتوني» التي ادتها سابا في «قصة الحي الشعبي» الذي كان بمثابة اقتحام للحارة الشعبية المصرية بعدما ظن كثر ان نيكول سوف تبقى حبيسة دور «الخواجاية» او بنت الاكابر».

بطلة أولى

بالاضافة الى نيكول سابا لا يمكن ان ننكر ان شهرة دوللي شاهين تعود الى المخرج القدير خالد يوسف الذي قدمها في أولى تجاربها الفنية في فيلم «ويجا» فمثلت ورقصت وغنت كاشفة عن مواهب في التمثيل والغناء وارتداء الملابس التي تتطلبها الشخصية من غير اعتراض او تحفظ فتحولت الي بطلة اولى ولا ترضى اليوم سوى بالادوار الرئيسية كما هي الحال في فيلم «الشياطين» ولا تخفي ثقتها بنفسها إذ تصرح بانها صاحبة الدور الرئيسي في الفيلم، متخطية زميلتها الدمشقية جومانة مراد وصرحت قبل فترة أنها تستعد لبطولة فيلم «تانغو مانغو» مع الفنانة ليلى علوي، رافضة اعتبار نفسها صاحبة الدور الثاني معتبرة أنها في دور رئيسي مثل النجمة المصرية المرموقة. ورغم اصرارها على المجيء إلى لبنان بين الحين والاخر فإن دوللي شاهين لم تستطع اثبات نجوميتها إلا من خلال ظهورها على الشاشة المصرية.

تنافس محموم

تبقى التجربة الأحدث للمغنية رولا سعد التي قررت اقتحام عالم التمثيل في سباق محموم مع غريمتها اللبنانية النجمة هيفا وهبي من خلال فيلم «الغرفة 707» حيث تغني وتمثل في الفيلم بعدما حرصت على متابعة دروس في التمثيل. ورغم أن رولا تطل في فيلم يجمع أسماء فإنها تتخلى عن مقاعدها في الصف الثاني وتخوض تجربة البطولة المطلقة. تخوض رولا نزاعاً يبدو ابديا سرمديا مع هيفاء وهبي وسجلت الان نقطة متقدمة عليها إذ بدأت بتصوير أول افلامها قبل غريمتها ولو فشلت تجربة رولا سعد فالارجح أنها ستعزو الفشل الى مؤامرة خفية تعرضت لها وستكون هيفا الرأس المدبر لهذه المؤامرة.

اما الفنانة مايا نصري وعرفناها كمغنية في أولى اطلالاتها على الساحة الفنية فهي في الحقيقة خريجة معهد التمثيل وحين اختارت إثبات نجوميتها على الساحة المصرية اختارت الطريق الاصعب، مواجهة الممثلات المصريات كبطلة اولى امام الممثل مصطفى شعبان في أول انتاجات قناة «روتانا سينما» فكان «الكود 30» الذي لم يشكل علامة فارقة في مسيرة مايا نصري الفنية بل مرت مرور الكرام على الشاشة الفضية.

عناد فني

لكن يبدو ان العناد الفني منع مايا من الاعتراف بعدم تحقيق خطوة الى الامام، كي لا نقول الاعتراف بالفشل، فاصرت على البقاء على الساحة المصرية لكن هذه المرة من خلال الشاشة الصغيرة وضمن مجموعة من الابطال. ولن تكون الرقم واحد في المسلسل بل واحدة من زوجات سلطان في مسلسل «سلطان الغرام» الذي عُرض خلال شهر رمضان. يوميات مايا نصري خلال عملها في فيلم «الكود 36» لم تكن وردية، بل على العكس، واجهت العديد من المشاكل بسبب حب الاستئثار بالأضواء المعروف بها زميلها مصطفى شعبان فهو يحب حصر الاضواء في شخصه مع زملائه المصريين فكيف الحال مع فنانة لبنانية يعتبرها الممثل انها سنيدة بالنسبة إليه اذا اخذنا في الاعتبار ان السينما الحالية هي سينما ذكورية بامتياز. ويبدو ان مايا لم تكن من الوجوه المرحب بها في المسلسل بسبب الاجواء المتشنجة بينها وبطل المسلسل النجم خالد صالح التي نفتها مايا بشدة. الاوساط تحدثت كذلك عن الانذار الشديد اللهجة الذي وجهته الرقابة الى مايا حول ارتدائها ملابس جريئة في المسلسل لا تتناسب مع اجواء الشهر الفضيل.

خطوة ذكية

أما آخر الغازيات فهي الممثلة والمغنية وأحدث عروس في الوسط الفني اللبناني سيرين عبد النور التي تقوم ببطولة فيلم «المسافر» الى جانب الممثل العالمي عمر الشريف وخالد النبوي. الفيلم من انتاج وزارة الثقافة المصرية وتصوّر سيرين دورها بعيدا عن التغطية الاعلامية في خطوة ذكية وكي لا يكون وجودها على الساحة المصرية مدعاة للقيل والقال الذي يكثر لدى وصول اي وافدة لبنانية الى الشاشة المصرية.

هل ستكتفي اللبنانيات بهذا القدر من الهجوم على الشاشة المصرية بعدما «كشّرت» زميلاتهن المصريات عن انيابهن؟ ام ان الغزو سوف يستمر في ظل مقولة مصر هي أم الدنيا التي تفتح ذراعيها لجميع الوافدين اليها؟