Ad

استمرار التمسك بسهم الفساد (وليس الإصلاح) لم يعد مقبولاً بتاتاً، ويجب شراء سهم الإصلاح الحقيقي، وذلك بتشكيل مجلس وزراء متجانس له أجندة واضحة ومتفق عليها، لا مجلس وزراء بلا لون وطعم ورائحة.

سواء تم تدوير الوزيرين الحميضي والمعتوق، أو تم استبعادهما من التشكيل الوزاري، أو قاما بمواجهة الاستجوابين المقدمين لهما ونجحا في الدفاع عن نفسيهما، فإن الوضع السياسي المتأزم لن يتغير وستستمر الاستجوابات ومحاولة حصد رؤوس الوزراء واحداً (أو واحدة) تلو الآخر لأن الحكومة ببساطة بلا ظهر يحميها.

فالعلة هي في أساس تشكيل الوزارة والطريقة التي يتم عبرها اختيار الوزراء التي ترجع إلى عهد دوقيانوس، والعلة أيضا في سياسة (الترقيع) وعدم تشكيل مجلس وزراء يتماشى مع نتائج الانتخابات، فلا أدري كيف نستطيع أن نقنع أنفسنا بأن هذه الحكومة إصلاحية مع استمرار وزراء يتجاوزون القانون، لاسيما وزيري الفرعيات اللذين لا أعرف كيف سيطبقان القانون، وهما لم يظهرا على الساحة السياسية إلا عن طريق الانتخابات الفرعية المجرّمة قانوناً!

إن الإصرار على اختيار الوزراء بالطريقة العقيمة المتبعة نفسها منذ أكثر من أربعين سنة، مثل الذي يشتري سهماً في البورصة ثم يبدأ السهم في الهبوط، وبرغم أن المؤشرات جميعها تدل على أن السهم سيستمر في الهبوط أكثر فأكثر، فإن الشاري يُصر على الاحتفاظ بالسهم ويتكبد خسائر أكثر، ففي مثل هذه الحالات يجب على صاحب السهم أن يتقبل الأمر الواقع ويقوم بالبيع بخسارة الآن، بدلاً من البيع لاحقا وبخسارة أكثر.

فاستمرار التمسك بسهم الفساد (وليس الإصلاح) لم يعد مقبولاً بتاتاً، ويجب شراء سهم الإصلاح الحقيقي، وذلك بتشكيل مجلس وزراء متجانس له أجندة واضحة ومتفق عليها، لا مجلس وزراء بلا لون وطعم ورائحة. ولن نستطيع بلوغ هذا الهدف، حسب وضعنا الحالي، إلا عن طريق وزارة تشكل غالبيتها من بعض أو كل الكتل النيابية، بحيث تكون قادرة على فرض أجندتها المتفق عليها مسبقاً وتطبيقها على أرض الواقع. أما أن يُطلب من كل كتلة نيابية أن ترشح وزيراً واحداً ليكون بين 16 وزيراً بلا ظهر، فإن ذلك لم ينجح لا في السابق ولا في الحاضر وبالتأكيد لن ينجح في المستقبل، وهو ما سبّب عزوف رجال الدولة الحقيقيين عن المشاركة في الوزارات المتعاقبة.

وفي المقابل، فإن استمرار مجلس الأمة بهذه التوليفة لم يعد مقبولاً أيضا، والحل هو بإقرار قانون الدائرة الواحدة بنظام القوائم (حسب مقترح التكتل الشعبي) وإقرار قانون الأحزاب ثم الذهاب إلى انتخابات مبكرة، وأشك أن يحصل ذلك في هذا المجلس المولود من رحم الدوائر الـ 25 المقبور.

إذن فالحل الثاني هو اللجوء الآن إلى انتخابات مبكرة حسب الدوائر الخمس، حتى يتمتع النواب بتمثيل حقيقي ونتخلص من المزيد من مندوبي تخليص المعاملات، وبعدها يتم إقرار الدائرة الواحدة والأحزاب، أما الإبقاء على الوضع الحالي سواء بالنسبة للمجلس أو للحكومة، فإن ذلك سيعني استمرار الدوران في دائرة مغلقة إلى ما لا نهاية.