يتطلب دفع برامج الخصخصة التي طال انتظارها، إرادة سياسية وتضافر جهود السلطتين التشريعية والتنفيذية. يجابه أي برنامج طموح لخصخصة المشروعات العامة ذات الطابع الاقتصادي معوقات كبيرة في البيئة المحلية، فالمواقف السلبية المعلنة من جانب بعض القيادات البيروقراطية النافذة في مؤسسات القطاع العام، والمخاوف المشروعة للنقابات العمالية في ظل غياب المعالجات والحلول لمشكلاتها التي قد تتسبب بها برامج الخصخصة، ومعارضة عدد لا بأس به من أعضاء السلطة التشريعية، والمناقشات المستفيضة التي تسببت منذ مطلع عقد التسعينيات في تعطيل مشروعات قوانين الخصخصة، تشكل موانع يصعب تجاوزها. ومما يؤكد على قوة هذه الموانع، صرف النظر عن مشروع خصخصة قطاع الاتصالات، والمشكلات التي رافقت عملية نقل ملكية محطات بيع الوقود إلى شركات خاصة، فضلا عن مشكلة مشروع الكويت (تطوير حقول المنطقة الشمالية) الذي ظل يراوح في مكانه لأكثر من عقد ونصف من الزمن، وغير ذلك من مشروعات معطلة. وفي ظل هذه الصعوبات، تقع على عاتق السلطة التنفيذية مهمة شاقة ولكنها ليست مستحيلة، وهي البحث عن مخارج عملية من نفق الخصخصة. إن إقرار منظومة متكاملة من السياسات والقوانين والتشريعات واللوائح المنظمة لعمليات خصخصة المشروعات العامة ليست بالعملية الصعبة في ظل وجود كل الخبرات العملية والميدانية، التي تراكمت منذ السبعينيات لدى العشرات من الدول المتقدمة والنامية، التي خاضت معترك عملية الخصخصة فحققت نجاحات باهرة في بعض جوانبه، وتعثرت في جوانب أخرى.كما أن التوصل إلى فهم مشترك بين السلطتين التشريعية والتنفيذية بشأن الآليات الفعالة التي تضمن معالجة فائض العمالة الوطنية الذي سيترتب على إعادة هيكلة وخصخصة المشروعات العامة، ليس بالأمر المستحيل إذا ما وضعت السلطة التنفيذية موضوع الخصخصة على رأس أجندتها، وأعطته الأولوية على ما عداه، خصوصا أنه يستحق مثل هذه الأولوية، فهو مخرج مناسب للكثير من مشكلات ضعف الأداء وتدني الكفاءة الإنتاجية والتشغيلية لمؤسسات القطاع العام.ومن غير المحبذ، بل من الخطر التوجه نحو حلول جزئية لهذه المسألة، فتنفيذ عملية خصخصة معزولة لبعض من أنشطة القطاع العام دون وجود تشريع متكامل وقانون منظم لهذه العملية، من شأنه أن يؤدي إلى فشل عملية الخصخصة برمتها، لأنها ستقوم دون حلول ومعالجات تكاملية، ودون وجود أجهزة رقابة فعالة ومؤثرة تضمن غياب الممارسات الاحتكارية، أو استغلال المستهلك.إن استخدام آليات خصخصة تضمن اتساع قاعدة الملكية للمشروعات المشمولة ببرنامج الخصخصة، وذلك عن طريق إعطاء الأولويات لأسلوب المساهمة العامة، وتعدد الجهات المشاركة في الاستثمار، وكذلك إشراك القوى العاملة في الاستفادة من حصص الملكية في تلك المشروعات، إضافة إلى إنشاء أجهزة قياس أداء وأجهزة رقابة حكومية على مؤسسات القطاع الخاص التي تقدم خدمات عامة للجمهور، من شأنه أن يقلل من وتيرة وموضوعية معارضة التخصيص. والجميع بانتظار من يدق الجرس.
اقتصاد
الخصخصــة بانتظار من يدق الجرس!
05-07-2007