قال براون إن هناك تدابير آنية يمكن اتخاذها لدعم استيراد المواد الغذائية في البلدان النامية، ووضع برامج مساعدات إنسانية، واعتبر أنه يجب دعم ومساعدة الدول الفقيرة لتحسين إنتاجها، كما يجب إعادة النظر في إنتاج الوقود العضوي، الذي ساهم إلى حد كبير في رفع أسعار المواد الغذائية، كما دعا إلى عقد اتفاق دولي بشأن إصلاح التجارة العالمية بشكل يساعد في تخفيف وطأة الأزمة.

Ad

حث رئيس الحكومة البريطانية غوردن براون رئيس مجموعة الدول الصناعية الثماني (رئيس الحكومة اليابانية ياسو فوكودا) الى وضع خطة دولية لمعالجة ازمة ارتفاع اسعار المواد الغذائية.

وطلب براون من فوكودا ان يقترح على البنك الدولي وصندوق النقد الدولي والامم المتحدة العمل سويا من اجل وضع استراتيجية بهذا الشأن. وقال براون: إن مشكلة الجوع تشهد نموا للمرة الاولى منذ عقود من الزمن، معتبرا ان ثمن المواد الغذائية قد يطيح بالتقدم الذي تم تحقيقه في مجال التنمية.

وقد صدرت هذا الاسبوع تحذيرات من الا يكون ارتفاع الاسعار امرا مؤقتا، وان هذه المشكلة قد تؤدي الى عدم استقرار سياسي في حال تفاقمها.

وكان خمسة اشخاص قد قتلوا في اسبوع من العنف، بسبب الجوع في هايتي، احد افقر بلدان العالم، حيث طلب متظاهرون جائعون من الحكومة رفع كل الضرائب عن المواد الغذائية.

وقال براون ان هناك تدابير آنية يمكن اتخاذها لدعم استيراد المواد الغذائية في البلدان النامية، ووضع برامج مساعدات انسانية.

واعتبر براون انه يجب دعم ومساعدة الدول الفقيرة لتحسين انتاجها، كما يجب اعادة النظر في انتاج الوقود العضوي الذي ساهم الى حد كبير في رفع اسعار المواد الغذائية. كما دعا براون الى عقد اتفاق دولي بشأن اصلاح التجارة العالمية بشكل يساعد في تخفيف وطأة الازمة.

وختم براون حديثه بالقول إن المجتمع الدولي بحاجة الى اتخاذ خطوات على الامد القصير وبسرعة وبالتخطيط على المدى المتوسط، من اجل الحد من وطأة الازمة من جهة وايجاد اطار لمعالجة التحديات المقبلة.

وفي السياق ذاته حذرت منظمة الغذاء والزراعة (الفاو) التابعة للأمم المتحدة من أن أعمال الشغب والمظاهرات التي شهدتها بعض الدول الفقيرة احتجاجا على نقص المواد الغذائية قد تنتشر لتجتاح بلدانا أخرى، في الوقت الذي لا يلوح في الأفق أي حل لأزمة ارتفاع أسعار السلع التموينية ونقصانها في السوق العالمي.

وقالت «الفاو» إن عددا من المشاكل، من بينها ارتفاع أسعار النفط والوقود، وتصاعد الطلب على الغذاء في آسيا، واستخدام المزارع والمحاصيل من أجل الوقود الحيوي والطقس السيئ والتوقعات التي تحيط بأسواق المستقبل، قد دفع بأسعار المواد الغذائية صعودا، وأدى إلى إثارة أعمال عنف في العديد من البلدان. وخلال الزيارة التي يقوم بها إلى الهند، قال جاك ضيوف، المدير العام لـ«الفاو» ومقرها العاصمة الإيطالية روما، إن هناك خطرا متصاعدا ينذر بحدوث عدم استقرار اجتماعي في البلدان التي تنفق فيها الأسر على الطعام أكثر من نصف دخلها.

مشكلة خطيرة للغاية

وخاطب ضيوف الصحافيين في العاصمة الهندية نيودلهي قائلا: «إن المشكلة في جميع أصقاع العالم خطيرة للغاية، بسبب الارتفاع الحاد للأسعار، فقد رأينا أعمال شغب في كل من مصر والكاميرون وهاييتي وبوركينا فاسو».

وأضاف «هناك مخاطر من أن تنتشر هذه الاحتجاجات في البلدان التي يذهب فيها ما بين 50 و60 في المئة من دخل مواطنيها الى الإنفاق على الطعام».

وقال إن المخزون الاحتياطي العالمي من الحبوب يكفي لتلبية الاحتياجات لمدة تتراوح ما بين ثمانية و12 أسبوعا، بينما رأينا أن الإمدادات من هذه المواد انخفضت إلى أدنى مستوى لها منذ ثمانينيات القرن الماضي.

ارتفاع الطلب

وعزا ضيوف سبب ذلك إلى «ارتفاع الطلب على المواد الغذائية في بلدان بعينها كالهند والصين التي تحقق نموا في ناتجها القومي يُقدر ما بين 10 و12 في المئة، حيث تذهب الزيادة في دخل الأفراد الى شراء الطعام».

وحث المسؤول الدولي حكومات العالم على الاستثمار أكثر في مجال الري، وإقامة منشآت تخزين المواد الغذائية وفي مشاريع البنى التحتية الزراعية وفي زيادة الإنتاج كوسائل لمواجهة تحدي شح المواد الغذائية.

وقال: «أنا أرحب بالنمو الاقتصادي، الذي تحققه كل من الهند والصين، لكنني آمل أيضا أن تقوم هاتان الدولتان بالاستثمار أكثر في قطاع الزراعة، لأنهما يضمان 2.2 مليار نسمة من أصل سكان العالم البالغ عددهم 6 مليارات شخص».

ارتفاع الأسعار

ووفق سجلات الأمم المتحدة، فقد ارتفعت أسعار المواد الغذائية في الأسواق العالمية بنحو 35 في المئة مع نهاية شهر يناير من هذا العام، حيث تسارعت عملية ارتفاع الأسعار بشكل ملحوظ رغم أن التصاعد كان قد بدأ بشكل طفيف منذ عام 2002.

فقد ارتفعت أسعار الغذاء في العالم بمعدل 65 في المئة منذ عام 2002، إذ حققت أسعار الحليب ومشتقاته خلال عام 2007 زيادة مقدارها 80 في المئة وأسعار الحبوب 42 في المئة.

وشعرت البلدان الأكثر تعدادا للسكان بوقع أزمة ارتفاع الأسعار في أعقاب انضمام مادة الأرز إلى قائمة الحبوب الأخرى، مثل القمح والذرة، التي ارتفعت أسعارها بشكل جنوني في الآونة الأخيرة.

فأسعار الأرز في بلد مثل تايلند، التي تُعتبر أكبر مصدِّر لهذه المادة في العالم، تضاعفت أكثر من مرتين منذ بداية العام الحالي بعد قيام الهند بفرض قيود شديدة على تصدير الأرز، لتعود في وقت لاحق وتحظر تصدير جميع الأنواع ما عدا صنف البسمتي.

وفي مصر ألغت السلطات قبل أيام الرسوم الجمركية على عدد من السلع الأساسية المستوردة، في الوقت الذي تكافح فيه الحكومة لاحتواء الغضب الشعبي حيال ارتفاع الأسعار، إذ أصدر الرئيس المصري حسني مبارك قرارا أعفى بموجبه الأرز والسمن ومنتجات الألبان وزيت الطعام وحليب الأطفال من تلك الرسوم.

وتواجه مصر منذ أشهر أزمة حادة في إنتاج وتوزيع الخبز، إذ تنامى الطلب على «العيش» المدعوم بشكل كبير، بسبب ارتفاع أسعار السلع الأساسية، والذي نجم عنه نقص في الخبز المدعوم عانى منه نحو نصف سكان البلاد.

ويقول المحللون إنه من غير المحتمل أن تؤدي الإجراءات المالية، التي تعتزم الحكومات اتخاذها، إلى عودة أسعار المواد الغذائية في العالم إلى ما كانت عليه قبل أشهر.

وقد جاء تحذير «الفاو» بُعيد أيام فقط من مطالبة برنامج الغذاء العالمي بالحصول على نصف مليار دولار لإضافتها إلى ميزانيته حتى يتمكن من الوفاء بالتزاماته تجاه الجياع في العالم، وإرجاعه الحاجة الى مثل هذا المبلغ إلى الارتفاع المتواصل في أسعار المواد الغذائية والوقود في العالم.