«لسه الأماني ممكنة» ليست أغنية الأسمر محمد منير فحسب لكنها أيضاً التيمة التي يطرحها ويؤكد عليها فيلم «عجمستا». فيلم مصري يقدم الأكشن على نحو مختلف عما سبقه في النوع. يدعونا الفيلم إلى اكتشاف ما في داخلنا من قدرات ومواهب يجب تطويعها لتحقيق أحلامنا ثم التعايش مع الحياة رغم شروطها القاسية وأزماتها الطاحنة.في الفيلم يقدم طارق عبد المعطي أوراق اعتماده كمخرج ومؤلف في آن. تدور فصول الفيلم حول عز (خالد أبو النجا) وشجلوف (شريف رمزي). كلاهما يعيش على هامش الأحلام وشرعيتها رغم اختلاف الظروف والبيئة وتفاصيل الحياة. كلاهما يبحث عن ذاته إثر فشل اقتناص موقع على خريطة الحياة، ولولا ربط ما بينهما من إنسانيات لما نجحا في العبور إلى بر الأمان. جمعهما القدر ليلعب كل منهما دور البطولة في حياة الآخر، الأول (عز) هجر عالم المدينة وتمرد على الحياة الرغدة قاصداً العجمي في محاولة لاستعادة حلمه القديم في الإبداع، أما الثاني فهو ممن طردتهم الحياة وأجبرتهم قهراً لا اختياراً على الخروج على الشرعية وفقدان الحد الأدنى من الأمان. بات الحلم مستحيلا لا يقوى على تحقيقه. ثم كان السقوط نهاية منطقية لهذا «الشجلوف» وكلبه. كلاهما لا يقوى إلا على النباح وانتزاع حق البقاء لا الحياة.مهموم بالتحليليؤكد الفيلم على شرعية الأحلام وإمكان تحقيقها مهما كانت الظروف أو المعوقات. ظلمه التوزيع إثر دفعه إلى موسم شرس لا مكان على خريطته لمثل هذه الأفلام المهمومة بالرصد والتحليل، تلك التي تطرح نماذجها بعناية محاولة تفهم دوافعهم وإحباطاتهم وآلامهم وأحلامهم. تتأملهم بكل ما فيهم من خير وشر وقبح وجمال. ترصد نجاحهم وفشلهم وتفاصيل كثيرة لم يبق لها وجود في السينما المهمومة بالملايين فحسب.لغته خاصة«عجمستا» سينما تحلق بعيداً عن السائد سينمائياً. السرد فيها محكم ومفعم بالتفاصيل. المكان فيه بطل لا يمكن إنكار وجوده أو تجاهله، تتلمس بساطة عبقه، تشم رائحته، لكأنه متوحّد وشخوصه. يذوبون فيه ويذوب فيهم فتتلاشى الحدود الفاصلة بينهم على عكس أفلام كثيرة تحاصرنا. المكان فيها مجرد ديكور يمكن استبداله ببساطة بآخر دونما تأثير يذكر على الحوادث. أما المخرج فأكد امتلاكه لغة خاصة ستؤهله لاحتلال مكانة متميزة وسط جيله من المخرجين خاصة فى إدارة ممثليه وتحديداً شريف رمزي الذي أثبت من خلال هذا الفيلم موهبة تحتاج فقط إلى من يستحضرها ويوظفها جيداً. أما خالد أبو النجا فواصل تثبيت قدميه بقوة على الساحة مؤكدا للجميع أنه لم يدخل الفن إلا من باب الموهبة التي يتأكد حضورها وتوهجها فيلماً فآخر، ما يؤهله للمنافسة بقوة على موقع الفتى الأول الذي يتنافس عليه نجوم كثر.
توابل - سيما
سينما تتمرد على الواقع السينمائي عجمستا... شرعية الأحلام
23-07-2007