لماذا يعزف الكويتيون عن وظيفة «ضابط صف»؟ ولماذا كل هذه الاستقالات الجماعية في وزارة الداخلية بينما يتجه الراغبون في التوظف الى الجهات العسكرية الاخرى؟!

تساؤلات كثيرة من هذا القبيل تتكرر من دون الوصول الى إجابة شافية، بل قد يجيب عنها الكثيرون بالإشارة إلى اسباب ثانوية لا تعدو كونها مسببات غير مقنعة للعزوف عن الالتحاق بالسلك الشرطي، في حين أن الاسباب الحقيقية لا تؤدي إلى عزوف من يتوجه إلى الحصول على وظيفة عن العمل في هذا السلك فقط بل تدفع العاملين فيه إلى الاستقالة دونما خوف أو وجل.

Ad

لقد صرح بعض المسؤولين في وزارة الداخلية بأنهم يعانون نقصا شديدا في أعداد افراد الشرطة، مما دعا المسؤولين إلى اللجوء إلى غير محددي الجنسية «البدون» لسد هذا النقص، فاستقبلوا عشرة آلاف شخص منهم او يزيدون، هذا على الرغم مما يبدو من أن الوزارة أرجأت -إن لم يكن تراجعت عن- هذا القرار بدليل أنها لم تعلن نتائج المقبولين حتى الآن.

ووفقا لما قاله عدد من العسكريين فإن أحد اسباب نفور الكويتيين من هذه المهنة هو امتناع الوزارة عن منحهم ترقية تتعدى رتبة «رقيب أول» بحجة عدم حملهم الشهادة المتوسطة، وتبعا لهذا يرتقي ضابط الصف سلم الترقيات الى أن يصل الى هذه الرتبة وعندها «محلك سر»، حتى لو كانت خدمته في الشرطة أكثر من 30 عاما، مما يشعره بالظلم وعدم الإنصاف وتاليا عدم العمل أو العمل بتقاعس لأنه «ما له خلق» لسلب النظم حقه في الترقية التي تعد حقا مشروعا له.

من المعروف أن الانسان لا يبدع من دون حوافز يستند إليها عندما تدعوه نفسه إلى التكاسل أو الفتور وخير ما يعين على مواجهة مثل هذه «المكسِّرات» للهمم الترقية أو الحوافز المالية، وكل شخص بلا طموح هو فاشل عمليا، فإذا كانت الوزارة تسلب هؤلاء حقهم في الطموح والترقية الى الاعلى فكيف يستطيع الانسان أن يبدع أو يجدُّ في عمله ما دام سيبقى طوال عمره محارَبا ومهدوما طموحُه من قبل مسؤوليه؟!

هذا هو ما يمنع الكثيرين من الالتحاق بالدورات المؤهلة للعمل بالسلك الشرطي، فها هي اعلانات الوزارة المتكررة في وسائل الاعلام المختلفة التي تطلب من أبناء الكويت الالتحاق بها من دون ان تجد آذانا صاغية في الوقت الذي تجد فيه الكثيرين من رجال الشرطة يستقيلون في ظل هذه الظروف «المخزية».

وليس هناك من شك في الأهمية العظمى لأن تحرص الداخلية على أن يكون روافد الشرطة الجديدة ذوي تعليم جيد، كي يعرفون كيفية التعامل والتواصل الفعال والحضاري مع الاخرين، وكذلك كتابة التقارير إضافة إلى مجموعة كبيرة من المهارات التي لا بد من توافرها في رجل الشرطة للحصول على شرطي جيد بغض النظر عن رتبته.