قد يتعرض فيلم « الأولة في الغرام» للظلم في حال عرضه ضمن مجموعة من الأفلام تغلب عليها الخفة إن لم تكن السطحية والسذاجة، خاصة التوقيت الذي يعرف بموسم أفلام العيد، حيث تسود التسلية أولاً وأخيراً، ويعتبر الترفيه الطابع المنتظر والمرتقب!.

للوهلة الأولى يبدو فيلم «الأولة في الغرام» من الأفلام البسيطة المصنوعة من أجل التسلية والترفيه فقط، لكن مع تتبع الأحداث والمشاهد يكتشف المشاهد أن هذه البساطة يكمن خلفها قدر كبير من الجدية بل التأمل، ليس في قضية اجتماعية أو سياسية أو وطنية، إنما في طبيعة حياة البشر على هذه الأرض وفهمهم لها وكيفية التعامل معها وطبيعة علاقاتهم بعضهم ببعض. كتب سيناريو الفيلم وحيد حامد (من أكبر كتاب السينما المصرية في مراحلها التاريخية المختلفة) وأخرجه محمد علي (من المخرجين الشباب الجادين) وصوره طارق التلمساني وصمم الديكور فيه صلاح مرعي (كلاهما من الأعلام في هذين المجالين) إلى جانب موسيقى تامر كروان ( من أبرز الموسيقيين المتميزين).

Ad

لعب دور البطولة فيه اثنان من أهم الممثلين الشباب هما هاني سلامة ومنة شلبي إلى جانب الراسخين جميل راتب وأحمد راتب وممثلة جديدة واعدة نضجاً وحضوراً هي درة رزوق.

يبدأ الفيلم بمشهد للبطل «عمرو السيوفي» (هاني سلامة) في سيارته قرب أهرام الجيزة يعانق فتاة أميركية. مع أن هذا الموقف ينتهي بهما إلى الوقوف أمام الضابط في قسم الشرطة إلا أنهما سرعان ما يخرجان من القسم بمعاملة يسيطر عليها لطف شديد من قبل الضابط بعدما يكتشف أن الشاب ينتمي إلى عائلة «السيوفي» وأن عمه هو رجل الأعمال الكبير (جميل راتب). وبما أن صديقته تحمل الجنسية الأميركيّة لم يخلُ الأمر من اتصال بسفارتها «التي تهتم برعاياها على سطح الكرة الأرضيةً».

المهم في المشهد رصده غرق الشاب «عمرو» وهو في حالة من اللهو والاستهتار أدت إلى إهدار نصيبه من الثروة الكبيرة وإلى وقوع شركته في مأزق خطير. الأهم من ذلك كله أن مرحلة الاستئناف في التقاضي تؤكد أحكاماً عليه في قضايا شيكات بدون رصيد، تصل إلى حد الحكم عليه بالسجن لمدة تبلغ سبع عشرة سنة .

كما في المرات السابقة، يلجأ الشاب إلى عمه، إلا أن هذا الأخير لم يتعاطف معه خلافاً لما كان يفعل في السابق بل غضب عليه بعدما وصل استهتاره إلى حد فاق المعقول، وأهدر حياته في العبث مع النساء إرضاء لرغباته ونزواته وتصرفه في العمل من دون أدنى شعور بالمسؤولية. إزاء هذا الوضع يقرر الإحجام عن مساعدته وعدم الممانعة في أن يسجن ابن أخيه في الحال!.

هنا تبدأ قصة الفيلم الغامضة التي لا تنكشف إلا في النهاية.

يقرر الشاب الهروب من مصر تحاشياً للسجن بمساعدة محاميه والسكرتيرة الشابة «سندس» (منة شلبى) التي كانت مغرمة به ولكن من طرف واحد. يتم ترتيب عملية الهروب إلى خارج البلاد بواسطة رجل متخصص في مثل هذه العمليات يعرف من قبل العاملين معه باسم «مولانا» (يؤدي دوره أحمد راتب) ويعيش معهم حياة غريبة في مكان أكثر غرابة.

إلى حين ترتيب العملية، يعاني الشاب عمرو السيوفي الأمرين ويذوق الويلات والإهانات. حاول الهرب مرات عدة من الحياة القاسية وسط هؤلاء الذين يجهزون له عملية الهرب إلى الخارج إلا أنه لم يفلح!.

يلتقي في أثناء إقامته معهم بفتاة جميلة هي «أنيسة» (درة رزوق)، لكنه ما إن يتقرب منها، بحكم ضعفه أمام النساء، حتى يكتشف سوء العاقبة إن هو تمادى أو كرر الفعلة، فالفتاة هي شقيقة «مولانا» وقد دفع أحد الأشخاص الثمن باهظا بسبب الشروع في فعلة مماثلة (بتر عضوه الذكوري). إزاء هذا الأمر يعيش «عمرو» في رعب دائم، حتى إنه يتهرب من الفتاة طول الوقت بينما لا تكف هي عن ملاحقته!.

كثيرة هي الأحداث من هذا النوع في الفيلم، لكنها تفضي إلى مفاجأة المفاجآت في النهاية، اذ يكتشف المشاهد أنها كلها (من البداية إلى النهاية) هي مجرد تمثيلية اتفق عليها العم مع المحامي ومع «مولانا» و»أنيسة» وبقية زمرته وحتى مع «سندس» سكرتيرة الشاب التى تبدو ساذجة، من أجل إنقاذه.

يدعو سيناريو «الأولة فى الغرام» إلى ضرورة التآخي الإنساني ووجوب مد يد العون إلى كل ضعيف، تماما كما يتم التعامل مع الجسم إذا ضعف عضو منه لأن الجسد يكون في هذه الحال مهدداً بأكمله ومضطرباً ومأزوماً!.