فيلم «مستر بروكس» مزيج من الوقاحة والذّكاء والأفكار الجيّدة والأخلاق الدّنيئة. الفيلم ناجح رغم هذه التّناقضات، أو ربّما بفضلها. مُثير، شائق، ساحر ومن النّوع الّذي يجعل المشاهدين يشعرون بالتّوتّر إذ أنّ الشّخصيّة الرّئيسية هي مضادة للبطولة إلاّ أنّ ذكاءها سيورّطها. على خلاف الفيلم الجديد Fracture (لا يختلفان تماماً) الذي تُبنى نهايته على اغتيال الشخصيّة، يبقى مستر بروكس وفيًّا لمبادئه حتّى النّهاية.

Ad

انتخب إيرل بروكس رجل بورتلاند للعام الحالي. هذا الرجل الهادىء يخفي داخله قاتلاً غامضاً له صفات القاتل المتسلسل الّذي يظهر ثم يغيب لفترات طويلة. لم يقتل إيرل أحدًا منذ سنتين لكنّ جوعه المُتجسّد بمارشال، الجانب الشيطانيّ من شخصيّته، أصبح من الصّعب مقاومته. بعد مأدبة رجل العام يوصل زوجته إلى المنزل ويخرج للمرح قليلاَ على طريقته. لكن هذه المرّة يقترف إيرل خطأً غير معهود. كانت ستائر النّوافذ في شقّة ضحيّته مفتوحة حين ارتكب الجريمة وصوّره شاهد. في تلك الأثناء حامت شبهة التّحرّية في الشّرطة ترايسي أتوود، الّتي تحرّت لوقت طويل عن القاتل صاحب البصمات، ليس حول إيرل بل حول شخص كان يطاردها وتلاحقه سابقًا.

يعالج مستر بروكس الشّخصيّة المنفصمة من خلال ممثّلَيْن يجسّد كلّ منهما جانباً من شخصيّة إيرل. يؤدي كيفين كوستنر دور الجانب العقلاني والذّكيّ والمُسيطر، فيما يؤدّي ويليام هورت دور الجانب اللاأخلاقي ذي الطّابع الاجرامي والمتعطش للدماء الّذي يتجسّد في مارشال. في معظم الأحيان، إيرل هو المسيطر، حتى يأتي وقت يصعب تجاهل تحريضات مارشال. أمر شائق مشاهدة التّفاعل بين هذين الممثلَيْن. فحسب، خلال مشاهدة الفيلم يشعر المشاهد بالنّفور للوهلة الأولى لكن سرعان ما ينسجم مع أجوائه.

تضع القصّة عقبتين غير مُتوقّعتين في سيرة إيرل في الفيلم. شخصيته دقيقة ويبدو مستحيلاً توقيفها إلاّ في حال أرادت أن يوقفها أحد وهذا ما سيحدث. من المهمّ ملاحظة أنّه رغم وحشيّة تصرّفات إيرل فهو شخص متعاطف. عالج إيفانز هذا الأمر فجعل من مارشال شرّيرًا ومن إيرل روحًا مُعذّبة تريد التّوقّف عن القتل ولا تستطيع بسبب إدمانها. يغدو ممكناً التعاطف مع هذه الشخصيّة وكره الاخرى. إيرل هو الزّوج والأب ورجل الأعمال المثالي. بينما مارشال مخلوق شرّير يتربّص في زاوية روحه وهو متعطّش للدّم والفوضى.

شخصية ترايسي أتوود أقلّ فاعلية، رغم محاولة ديمي مور تقديم أفضل ما لديها. الخلل في الشخصية ماضيها المبهم فقصّتها بما تتضمّنه من طلاق وابتزاز وسجين فارّ يريد قتلها تبدو مُدبّرة وغير واقعية. كما يلاحظ المشاهد من ناحية اخرى انها تتمتّع بحدس قويّ لكنّها لا تتصرّف إلاّ عند الطلب أي تبعاً للسيناريو. كان ممكناً أن يتصاعد التوتّر بين ترايسي وإيرل لو شكلّت الاخيرة تهديدًا حقيقيًّا له.

Mr Brooks هو العمل الثّاني في مسيرة المخرج بروس أ. إفانز ويظهر تحسّناً كبيراً بالنّسبة إلى فيلمه الأوّل Kuffs الذي شارك في بطولته كريستيان سلايتر. يمكن النّظر إلى فيلم مستر بروكس على أنّه قصّة شائقة من الدّرجة الثّانية مع فريق ممثّلين من الدّرجة الأولى. فسواء أعجبك الفيلم أو لم يعجبك لا تستطيع إلاّ أن تحترم ما قدمه الممثلان ويليام هورت وكيفين كوستنر.