تخيّل نفسك وحيدًا على هذا الكوكب، يا للتجربة المروّعة! وإذا صعب عليك التخيّل يساعدك فيلم I Am Legend للغوص في هذه التجربة المخيفة.

Ad

يعدّ I Am Legend الإقتباس الثالث لرواية ريتشارد ماتيسون، وكان مقررًا أن يؤدي أرنولد شوراتزنيغر دور البطولة فيه ويخرجه ريدلي سكوت، إلا أن الثنائي انسحب بعد تأجيل انتاج الفيلم مرات عدّة.

رغم ذلك، وبعد مرور عشرات الأعوام أبصر الفيلم النور بعد موافقة الممثل ويل سميث على أداء دور الرجل الأخير على كوكب الأرض بعدما أوكلت مهمّة الإخراج إلى فرانسيس لورانس.

تبدأ قصة I Am Legend عام 2012 في مدينة نيويورك عندما تتحوّل المدينة النابضة بسكّانها الى المكان الأكثر وحشة على وجه الأرض.

من المخيف رؤية فراغ تامّ في شوارع هذه المدينة الصاخبة التي يقتصر عدد سكانها في الفيلم الى شخص واحد وهو الدكتور روبرت نيفيل (ويل سميث)، عالم عسكري سابق يتحمل إلى حد ما مسؤولية ما حصل لأبناء جنسه. فهو الذي أطلق مستحضرًا اعتقد أنه علاج لمرض السرطان، حوّل الناس الى كائنات مخيفة لا تظهر في الضوء وتختبئ نهاراً لتخرج ليلاً لتسفك الدماء حتى الفجر. يبقى روبرت وكلبه سام محتجزين في شقته يصطادان نهاراً ويختبئان ليلاً.

لا يُحسد روبرت على وضعه فهو رجل وحيد على وجه الأرض، ووحدته هذه تسبّب له الجنون. يتكلّم مع كلبه كما لو كان كائنًا بشريًا ومع تماثيل لعرض الملابس في واجهات المحلات ويشاهد أفلام DVD عن أخبار قديمة ليس لاسترجاع الماضي بل ليستمع إلى أصوات بشرية ويتظاهر بأنه ليس وحيدًا. (يشبه الفيلم هنا الطريقة نفسها التي استطاع عبرها توم هانكس البقاء على قيد الحياة في فيلم Cast Away عندما حوّل الكرة الطائرة إلى ويلسون، صديقه المفضّل).

يجهّز روبرت بثًا على موجة الـ AM في المحطات الإذاعية كلّها إلا أن أحدًا لا يحضر لنجدته أو لقائه. يستخدم مختبرًا خاصًا في شقته ليكمل بحثه عن المرض وعن العلاج المحيّر، فإذا استطاع أن ينقذ مصاص دماء واحد ويحوّله مجددًا إلى كائن بشري يضع بذلك حدًّا لوحدته الموحشة.

الثلثان الأولان من الفيلم يتفوّقان على الـ 35 دقيقة الأخيرة المليئة بالحركة السريعة. والحدث الرئيس يظهر بعد ساعة من بدء الفيلم، ثم نشعر كأنه مغامرة هوليوودية نموذجية عكس الإنتاج المستبطن والمحفز للأفكار الذي يسيطر على أول 65 دقيقة منه.

فكرة الفيلم هي للكاتب ريشارد ماتيسون الذي سلّط في روايته على القسوة التي يمكن أن يختبرها الانسان بالعيش وحيدًا والتي يمكن أن تؤدي به إلى الجنون التدريجي حتى إذا حاول حماية نفسه منها. وتتشابه الفكرة مع فيلم جورج أ. روميرو Dawn of the Dead ( 1978 عن عالم الأحياء والأموات كما تتشابه المخلوقات المرعبة مع فيلم داني بويل 28 Days Later.

أما نهاية الفيلم فتختلف عن نهاية كتاب ماتيسون لكنها خاتمة ملائمة ومنطقية. وتقود الشخصية الاساسية في الفيلم القسم الأكبر من حبكته، لكن كلما اقتربنا من النهاية انقلبت الأمور. ولا شكّ في أنّ تحويل نيويورك الى مدينة مهجورة كان عملاً شاقًا للقيمين على المؤثرات البصرية.

ننصح من يحب المشاهد العنيفة السريعة الحركة بمشاهدة الفيلم خصوصاً اذا كان يحب مشاهد ملاحقة مصاصي الدماء. ولا بدّ هنا من التنويه بأداء ويل سميث الرائع.

وسيخيب أمل محبّي الافلام الخياليّة العلمية المتأملين برؤية اقتباس وفيّ لرواية ماتيسون لأن أكثرية المشاهد الجذابة في الفيلم ترتبط بشخصيّة روبرت ومحاولته التغلّب على الروتين لكي يبقى على قيد الحياة.

ليس الفيلم من النوع الذي قد يرشّحه للأوسكار، لكنه نظرة إلى مستقبل قد يختلف عمّا صوّره المخرج.